الترجمة علم وفن، لا يخوض فيها إلا من له بها دراية وعناية وأتقنها أيما إتقان، وإلا فإنه سيكون كحاطب ليل وستكون مهمته صعبة. والترجمة تعني عملية تحويل نص أصلي من لغة إلى أخرى، ومن خلال هذا الفن انتقلت العلوم والمعارف واطلعت الناس على أخبار الشعوب وتعرفوا على ثقافاتهم، وبين أيدينا كتاب بعنوان «الترجمة تغير كل شيء: النظرية والتطبيق» وأحسب أنه يستحق الذكر فهو عمل مترجم من إصدارات دار جامعة الملك سعود للنشر صدر عام 2018. وهو ترجمة لكتاب من تأليف لورانس فينوتي -البروفيسور في جامعة تمبل بالولايات المتحدة- الذي قضى جلَّ عمره في البحث والتأليف في دراسات الترجمة، حتى أصبح أحد أهم رموزها، وترجمه إلى العربية الدكتور مبارك بن هادي القحطاني الأستاذ المشارك بكلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود، ويقع الكتاب في 384 صفحة من القطع المتوسط، ويحوي بين دفتيه 14 فصلا، هي في الأصل عبارة عن مقالات تتناول ما مر به علم الترجمة من تطور كبير في الفترة الزمنية التي تناولها بين عامي 2000 و2012، وتأثير الترجمة على الحياة، وفي كل فصل من فصول الكتاب تم عرض موضوع فرعي من موضوعات الترجمة، لتشكل في جملتها سلسلة متصلة في الفكرة والموضوع ولتقدم للقارئ والباحث معلومات مهمة في مجال الترجمة، وعرضت فصول الكتاب أهمية الترجمة والفوائد العائدة منها، وأهم ما يجب التنبيه عليه للمترجم، لتقدم حزمة متكاملة العناصر في فكر الترجمة مقدمة بين يدي القارئ العديد من الأمثلة التي تقرب الفكرة من الذهن وتسهل الفهم والتفاعل مع الكتاب. ويعد مؤلف الكتاب من العلماء المبرزين في علم الترجمة، بحسب رواية المترجم الذي أشار إلى أنه قدَّم بجانب كتابه هذا وشارَك في تقديم سبعة كتب أخرى في ذات المجال، إضافة إلى الكثير من الأبحاث والترجمات من وإلى الإيطالية والفرنسية والكتالونية، كما حرَّر وشارك بتحرير عدد من المجلات العلمية المتخصصة بدراسات الترجمة. وتستعرض فصول الكتاب مواضيع مختلفة تتنوَّع بين الترجمة كفعل تاريخي اتصالي إلى دور المترجم إلى تفسير الترجمة وقراءتها وتدريسها، ويعرج بعدها على مواضيع أخرى ك«مقاومة الترجمة» و«سوق الترجمة»، وصولا إلى علاقة الترجمة بالأدب وأخلاقيات الترجمة، ويختم بالدعوة إلى «ثقافة الترجمة». وتشمل القضايا التي تعالجها هذه المقالات مفاهيم أساسية، مثل: التكافؤ اللغوي، وإعادة الترجمة، وتلقِّي القارئ، إلى جانب مفاهيم اجتماعية، مثل: تأثير الترجمات في الجانب الأكاديمي، وفي الاقتصاد الثقافي العالمي، كما تشمل القضايا التي عالجتها المقالات المشكلاتِ الفلسفية، مثل اللاوعي لدى المترجِم وأخلاقيات الترجمة. ولا شك أن الكتاب بعد نقله إلى العربية سيسهم مع غيره في إثراء المكتبة العربية، وحيوية مواضيعه وتنوُّعها تجعله مصدرا لا غنى عنه لدارس الترجمة ومُدَرِّسها والعاملين بها على أي صعيد. * جامعة الملك سعود