قبل مدة بسيطة بارك رؤساء دول العالم للرئيس الروسي بوتين ولايته الثانية وتجدد انتخابه، مع العلم أن هناك اعتراضات ضد سياسات روسيا التوسعية، وهذه السياسة واضحة لا مجال للشك فيها، مثل تدخلها في سورية ومثل ضمها لشبه جزيرة القرم ومثل استعراض قدراتها الحربية قبل فترة والتي تشمل تدريبات عسكرية على بحر البلطيق، ومثل بعثاتها الدبلوماسية التي توظف فيها الجواسيس. ففجأة وخلال أسبوع واحد اتحد الغرب بشقيه الأوروبي والأمريكي، وقد انطلقت الشرارة من بريطانيا بعد تسميم العميل الروسي السابق المزدوج سيرجي سكريبال في إنجلترا، وطردت الدبلوماسيين الروس، بل بلغ الأمر الحد الذي قاطعت معه بريطانيا كأس العالم الذي سيقام في روسيا. وتحالفت مع بريطانيا كثير من الدول كالولايات المتحدةالأمريكية وكندا وإيطاليا وألمانيا، وهناك دول أوروبية أخرى طردت الدبلوماسيين الروس مثل فرنسا وبولندا وليتوانيا وجمهورية التشيك وهولندا والدنمارك ولاتفيا وإستونيا وفنلندا ودولة أوكرانيا التي لطالما عاملتها روسيا كحديقة خلفية لها. والاتحاد قوة وخير رادع لمن تسول له نفسه أن يطمع في جاره ويتجسس عليه أو ينتهك أراضيه ويزرع في الأوطان خلايا تحاربها. وهذا الاتحاد يثلج الصدر من جهة لكنه يدفعنا للتحسر من جهة أخرى بسبب مواقف الحياد التي اتخذتها كثير من الدول العربية ضد السياسة التوسعية لقطر. فكل هذه الدول الغربية اتحدت ضد جواسيس الكرملين وطردوهم، بل وأغلقت أمريكا قنصلية روسيا في سياتل. وصرحت جميع هذه الدول تقريبا بتصريحات علنية تقول بأن أولئك الروسيين الذين طُردوا كانوا في الواقع عملاء يعملون في المخابرات تحت غطاء دبلوماسي. بينما لم نسمع عبارات قاطعة من رؤساء عرب يصفون بها عدوان نظام الحمدين. ومن الطريف أن موسكو توعدت هذه الدول بالرد وهددت بالانتقام، معلنة أنها ستطرد عددا مساويا من الدبلوماسيين الأجانب. وردت السفارة الروسية في واشنطن على إغلاق قنصلية سياتل عن طريق إجراء استفتاء عبر حسابها في تويتر على سؤال: هل ينبغي إغلاق القنصلية الأمريكية في سانت بطرسبورغ أو يكاترينبورغ. وذكروا اسم مدينة روسية ثالثة لم أستطع حفظها. هذا الاتحاد الأمريكي الأوروبي يعطي درسا مجانيا لدول الحياد العربي، التي لم تقاطع نظام الحمدين الجاسوسي القذر.