أجمع مراقبون على أن المواجهة الحالية بين الغرب ممثلاً في الولاياتالمتحدة وأوروبا وبين روسيا، على خلفية طرد الدبلوماسيين من الجانبين، تتصاعد بشكل خطير يعيد إلى الأذهان أجواء زمن الحرب الباردة. وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد أعلن في وقت سابق، أن بلاده قررت إغلاق القنصلية الأميركية في سانت بطرسبرغ، ردا على طرد دبلوماسيين روس من الولاياتالمتحدة في إطار قضية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال، فيما ذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز في بيان، أن عمليات الطرد التي قررتها موسكو «تمثل مرحلة جديدة من تدهور العلاقات بين الولاياتالمتحدةوروسيا». رد مناسب أكدت ساندرز أن القرار الذي اتخذته الولاياتالمتحدة وأكثر من عشر دول شريكة بالإضافة إلى حلفاء آخرين في حلف شمال الأطلسي، والقاضي بطرد عملاء استخبارات روس، «شكّل ردًا مناسبا على الهجوم الروسي في الأراضي البريطانية». يذكر أن هذا التصعيد جاء بعد إعلان واشنطن الأسبوع الماضي طرد 60 دبلوماسيا وإغلاق القنصلية الروسية العامة في سياتل في إطار إجراءات الرد بعد تسميم العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا في الرابع من مارس في بريطانيا. وتشمل إجراءات الطرد المنسقة تأييدا للندن التي تتهم موسكو بالوقوف وراء عملية التسميم، أكثر من 140 دبلوماسيا روسيا في أوروبا وأميركا الشمالية وأوكرانيا وحتى في أستراليا.
أسباب الأزمة كانت السلطات البريطانية قد عثرت قبل أيام، علي الجاسوس الروسي السابق «سيرجي سكريبال» وابنته «يوليا» فاقدي الوعي خارج أحد متاجر لندن. وتم نقلهما إلى المستشفى. الذي أفاد بتعرضهما لمحاولة تسميم باستخدام غاز أعصاب. وتم إنقاذهما. وما زالا تحت الرعاية الطبية بالمستشفى حتى الآن. وعلى الفور. خرجت رئيسة وزراء بريطانيا «تريزا ماي» وهي وزيرة داخلية سابقة. لتشير بأصابع الاتهام إلى روسيا بالتورط في الجريمة. على خلفية أن نوع غاز الأعصاب الذي أفاد به المستشفى لا يتم إنتاجه إلا في روسيا. وهو من أسلحة الحرب الكيماوية. وصعَّدت بريطانيا من لهجتها. وأشارت إلى أن هذا الغاز لا يمكن استخدامه إلا بعلم الرئيس الروسي بوتين شخصياً. وهو ما يمثل اتهاماً غير مباشر له بأنه من أصدر الأمر باغتيال الجاسوس السابق. أو على الأقل أن العملية تمت بعلمه.وفي المقابل. نفى الكرملين والخارجية الروسية الاتهامات نفياً قاطعاً. وطالبا بريطانيا بتقديم أي دليل مادي على صحتها. وهو ما لم تفعله بريطانيا حتى الآن. تجميع حلفاء موسكو ذكر المراقبون أنه في زمن الحرب الباردة كانت المواجهة بين معسكرين، لا بين دولتين، بينما تبدو المواجهة الآن بين معسكر ودولة هي روسيا.. وهذا يدفع باحتمالات أن يلجأ الرئيس الروسي بوتين إلى تجميع حلفائه. والسعي إلى إعادة بناء تحالف سياسي عسكري جديد.. خاصة بعد دخول حلف الأطلنطي على خط المواجهة. وأشار المراقبون إلى انتقاد الصين بشدة طرد عدد من الدول الغربية دبلوماسيين روس على خلفية حادث تسمم العميل البريطاني سيرغي سكريبال. موقف الصين كانت صحيفة «Global Times» التي تعد لسان حال الحكومة الصينية، قد وصفت تصرفات الغرب ضد روسيا بأنها ضرب من «السلوك الخشن وغير المتحضر». وشددت الصحيفة الصينية على أن بريطانيا ليس لديها أدلة كافية لتوجيه الاتهامات إلى روسيا، مشيرة إلى أن مثل هذا الإجراء المتمثل في طرد الدبلوماسيين «لا يؤدي إلى شيء، سوى زيادة العداء والكراهية بين الدول الغربية وروسيا». ودعت الصحيفة الصينية الدول غير الغربية إلى «تعزيز الوحدة والقيام بجهود مشتركة» من أجل حماية نفسها من «تكتيكات التخويف» الغربية، مشددة على أن «الغرب ليس إلا قسما صغيرا من العالم». ملاحظات مهمة حسب المراقبين فإنه ينبغي التوقف للإشارة إلى عدد من الملاحظات المهمة من بينها أن الواقعة تزامنت مع فوز الرئيس الروسي بفترة رئاسية رابعة، كما أنها حدثت في إطار مفاجأة بوتين للغرب وللعالم بالإعلان عن دخول أسلحة جديدة بالغة التطور للترسانة الروسية. قادرة علي إبطال مفعول حوائط الصواريخ التي يقيمها الغرب حول روسيا، كذلك فقد تزامنت الواقعة مع عودة سكريبال وابنته من روسيا إلى بريطانيا، حيث تردد أن هناك احتمالاً بأن تكون السلطات الروسية قد وضعت غاز الأعصاب في حقيبته قبل صعوده للطائرة.