الحديث مع المحلل الرياضي نجم الأهلي السابق محمد عبدالجواد لا يخلو من الرؤى الفنية، فهو رياضي مخضرم عاصر الإنجازات وكان شاهدا على التحول الرياضي الحالي، لكن الأكثر أهمية هو أن تسمع منه ما لا تسمعه من الغير، فدائما ما يحمل فكرا مختلفا، ودائما يسير عكس الاتجاه، فبرغم المطالبات الكبيرة التي تدعو إلى إقالة مدرب الأهلي ريبروف إلا أنه يمانع ذلك، ويحمّل تراجع المستويات للاعبين أنفسهم. وفي حالة دياز، يؤكد أن الإقالة غير منطقية، مع أنه يسير في اتجاه جمهور النمور فيما يتعلق بمصير سييرا. عبدالجواد محلل برتبة مدرب غير متوج، كانت له آمال في تطوير الكفاءات التدريبية الوطنية، ويأمل أن يكون المستقبل مشرقا في هذا الاتجاه، إذ إن آماله تعلقت بالتدريب في دوري المحترفين، ولأن الحب للأهلي فهو يحلم بأن يدخل القلعة مدربا لكيانها الكبير. وإليكم تفاصيل الحوار: • ما رأيك في مستويات الدوري هذا العام؟ •• الدوري هذا العام متقارب في المستويات وذلك لمشاركة اللاعبين الأجانب، ولكن مشكلته في التذبذب، فلا يوجد فريق مستواه ثابت بما فيهم الهلال والأهلي، اللذان تتفاوت مستوياتهما التي يقدمانها من مباراة إلى أخرى، وأعتقد أن السبب في المقام الأول هم اللاعبون أنفسهم، وقد يكون للمدرب دور لكنه محدود، يكمن في عدم قراءة المباراة بشكل جيد أو الاختيار الخاطئ للاعبين، ولكن اللاعبين هم المحور الرئيسي في هذا التذبذب، فلا يوجد لاعب يستطيع الثبات على مستوى واحد في 3 أو 4 مباريات، مع أن الهلال يمتاز بأنه فريق منظم يلعب كرة جماعية، وجميع خطوطه مكتملة، وهذه من مواصفات الفريق الذي يبحث عن البطولات. • هل الغيابات أثرت في الهلال والأهلي؟ •• ليس صحيحا، الأهلي والهلال يملكان دكتين مميزتين، ولا يعني نقص لاعب أو 2 أو 3 أنه سيؤثر، فالهلال افتقد للاعبين مميزين هذا الموسم أبرزهم سالم الدوسري، لكنه لم يتأثر رغم أن الأسماء التي غابت عنه كبيرة، كذلك الأهلي لم يتأثر بغياب السومة رغم ثقله الفني. وعندما نقول «نقصا» فنحن نشبه الحالة بنادي الاتحاد الذي عانى من عدم مشاركة اللاعب الأجنبي، ونقص في نجوم الفريق، وفي الخامة المميزة التي نجدها في الأهلي والهلال، وهنا يتأثر الفريق بغياب أي لاعب، فعند غياب فيلانويفا وفهد المولد يغيب العكايشي تهديفيا. • هل تعتقد أن الدوري حُسم لمصلحة الهلال على اعتبار الفارق النقطي؟ •• لا نستطيع الجزم بذلك، فلا تزال حظوظ الأهلي قوية وقائمة لتحقيق الدوري، وفي المقابل الهلال لم يضمن الدوري بعد رغم الفارق النقطي، لكن يظل الهلال المرشح الأول. • كيف ترى آلية حسم الدوري؟ •• حسم الدوري ليس بيد المدربين إنما بيد اللاعبين ومدى رغبتهم في تحقيق الإنجاز، وأعتقد أن الدوري لن يحسم إلا بمواجهة الفريقين. • هل تتوقع أن يحقق الأهلي بطولة الدوري؟ •• إمكانية حصول الأهلي على بطولة الدوري تتوقف على اللاعبين، فالمتابع يشعر أن الدوري يريد الأهلي، وما يزال ينتظر الأهلي، إلا أن لاعبي الأهلي لا يقدمون المستوى الثابت الذي يجعلهم أبطالا، فالأهلي لم يستفد من عثرات الهلال، وبالتالي لا يشعرك اللاعبون برغبتهم في تحقيق الدوري، أما مسألة الظروف أو الحظ فهي أمور لا تساعد على الفوز، كما أن تبرير الأخطاء بالحظ أمر غير منطقي، فأنا شخصيا لا أعترف بالحظ، ولأن الكرة فرص يجب على الفريق الأهلاوي اغتنامها كي يفوز، لاسيما عندما يتعثر الهلال. • ما هو السبب؟ •• ربما يعود ذلك للضغوطات الجماهيرية والإعلامية على اللاعبين، وهذا أمر مهم، فالفريق الذي يبحث عن الدوري يجب أن يتأقلم مع الضغوطات، فليس من مواصفات الفريق المقاتل على الدوري الاستسلام، لذا يجب على الأهلي العمل أكثر وأكثر، خصوصا أنه يملك لاعبين مميزين، وهذه مهمة المدرب والإدارة واللاعبين أصحاب الخبرة. • ما هي مشكلة الأهلي.. في المدرب أم اللاعبين؟ •• مشكلة الأهلي ليست في المدرب إنما في اللاعبين أنفسهم، وإن كنت أحمل المدرب جزءا بسيطا من المسؤولية، لكن بشكل عام اللاعبون هم من يحددون موقفهم من المنافسة، وذلك من خلال عطاءاتهم، وقد شاهدنا تذبذبا في مستوى الفريق، والسبب يعود لخذلان اللاعبين وإهمالهم في بعض المباريات، ومباراة الفريق مع الفيحاء دليل على ذلك. • ما رأيك في قرار إدارة الهلال بإقالة المدرب دياز؟ •• بالنسبة لي لا أعرف خلفيات القرار والأسباب التي دفعت الإدارة الهلالية لإقالته، إلا أنني ومن وجهة نظر فنية أرى أن قرار الإقالة لم يكن في محله، لاسيما أن الفريق لا يزال متصدر الدوري وحظوظه قوية لخطف اللقب، إضافة إلى استمراره في آسيا، فلا تزال لديه فرصة للعودة مرة أخرى للمنافسة، ولا يزال يقدم مستويات كبيرة حتى وهو يخسر نهائي آسيا، إذ كان الأفضل والأميز، ولولا عدم توفيق اللاعبين لكان الهلال بطل آسيا مع دياز، لكن ذلك ليس ذنب المدرب. أعتقد أنه ليس من المنطق إقالة دياز، مع احترامي لقرار الإدارة، فدياز استطاع أن يحقق مع الهلاليين العديد من البطولات، لكنني رغم ذلك أقول ربما هناك أسباب لا نعلمها، وتظل إدارة الهلال هي أعرف بما يدور داخل البيت الهلالي. • لو كنت مسؤولا في النادي الأهلي هل تؤيد إقالة ريبروف؟ •• لا أؤيد إقالته في هذا التوقيت، ومن الخطأ أن نبني قرارا على رغبة الجمهور، فنحن نعرف أن الجماهير عاطفية، فالقرار الصائب لابد أن يبنى على مستويات فنية ونتائج، إضافة إلى مدى التعاون بين المدرب واللاعبين. وكما أعرف أن اللاعبين مرتاحون مع المدرب، وصحيح أن الفريق لا يقدم كل ما لديه في بعض المباريات، لكن المسؤولية هنا لا تقع على المدرب وحده، وإذا كان يحمل بعض القناعات السلبية فيجب الجلوس معه ومناقشته، ولكن أؤكد بأن مشكلة الأهلي نفسية بسبب ضغط الجماهير. • ماذا يحتاج الأهلي حاليا؟ •• الأهلي رغم كل الإمكانات الكبيرة يحتاج إلى لاعب بحجم ميلغان، ذلك اللاعب الذي أضاف الكثير للفريق، فرغم الفترة القصيرة التي لعب فيها للأهلي إلا أنه عالج كثيرا من السلبيات بمهماته الدفاعية، وأعتقد أن الأهلي لو حاز على خدماته في بداية الموسم لاختلفت النتائج، فأنا أعتبره الآن أفضل مدافع في الدوري السعودي، فدقة التمرير لديه تصل إلى 98%، وهي نسبة عالية قد لا تجدها في لاعبين مهماتهم هجومية أو لاعبين في خانة الوسط. أيضا الأهلي يحتاج إلى صانع لعب ماهر، لذا يجب أن يركز الأهلي على توفير لاعب في تلك الخانة بدلا من التعاقد مع أطراف وهو لا يحتاجهم، كما أن الفريق بالغ في جلب المحاور رغم أن أفضل مراحل الأهلي تفوقا كان لصانع اللعب دور كبير فيها بدءا بأحمد صغير ومرورا بكماتشو. كما أن الأهلي يحتاج إلى لاعب بحجم فيلانويفا أو جهاد الحسين في ظل وجود لاعب هداف خطير مثل عمر السومة، وأعتقد أن فيلانويفا لو كان في الأهلي لأصبح الوضع مختلفا. • من الناحية الفنية، من هو أفضل مدرب في الدوري السعودي؟ •• أعتقد المدرب البرتغالي قوميز مدرب التعاون، وكذلك مدرب الفيصلي فوك ريزفتش، إلى جانب مدرب الاتحاد التشيلي سييرا. • طالما تحدثت عن التشيلي سييرا، ما رأيك في الانقسام الاتحادي حول استمراره الموسم القادم؟ •• الاتحاديون «أبخص» بناديهم وهم أعرف بما يفيد فريقهم، ولكن من وجهة نظر فنية أعتقد أن رحيل سييرا عن الاتحاد خسارة فادحة وغلطة قد تعيد الاتحاد للوراء، لاسيما أن المدرب عمل مع الفريق وخلق توليفة جيدة رغم الإمكانات الضعيفة والظروف الصعبة التي مر بها الاتحاد، ففي الموسم الماضي كان الاتحاد مميزا ونافس على الدوري لولا خصم النقاط، والمنع من التسجيل الذي أحبط الروح الاتحادية وساهم في تراجع المستوى الفني، ومع ذلك نجح في تحقيق بطولة في وقت لا يفكر الاتحاديون في البطولات. وفي الموسم الحالي قدم سييرا عملا كبيرا، إذ استطاع أن يحافظ على توازن الفريق رغم افتقاده للاعب مؤثر مثل فهد المولد، وانخفاض مستويات كهربا والعكايشي والأنصاري، ما جعل شكل الاتحاد في الملعب سيئا، لذا أنصح الاتحاديين بسييرا. • من هو أفضل اللاعبين الأجانب من وجهة نظرك؟ •• فيلانويفا من الاتحاد، وعمر السومة من الأهلي. • من تتوقع أن يحقق كأس الملك؟ •• أولا دعني أحيي فريقي الباطن والفيصلي على حضورهما المميز في الدوري وكذلك في الكأس، اللذين ربما يصلان إلى المباراة النهائية، ولكن أعتقد خبرة الأهلي والاتحاد ستكون الفاصل في مثل هذه المباريات، لاسيما أن مباريات الكوؤس لها خصوصيتها. • حصلت أخيرا على شهادة A في التدريب، هل لديك رغبة في التدريب؟ •• نعم أنا لاعب وأملك خبرة طويلة في الملاعب وتعاملت مع العديد من المدربين العالميين، إلى جانب عملي كمدرب في فترة سابقة في الخطوط السعودية وحققت معهم بطولة، ومن خلال النادي الأهلي عندما أسندت لي مهمة تدريب الفريق الأوليمبي للمشاركة في دورة المصيف، وكان أحد اللاعبين الذين أشرفت على تدريبهم النجم السابق خالد مسعد، فأنا ابن الملعب ولدي الكثير، لذا عندما قررت الحصول على شهادة A كان لإحساسي أنني أملك الكثير وأرغب في التدريب. • لكن شهادة واحدة لا تكفي؟ •• التدريب ليس شهادات، فأفضل المدربين في العالم مثل بيب غوارديولا لا يملك إلا شهادة واحدة مثلي، وأكبر مدرسة أو معهد أو دورة هو العمل الفعلي، فالتطبيق أكثر فائدة، لذا أنا مؤهل لتدريب أي فريق في دوري المحترفين أو دوري الأمير محمد بن سلمان. • ما هو الفريق الذي تتمنى تدريبه؟ •• أي فريق في الدوري السعودي للمحترفين أو دوري الأمير محمد بن سلمان، ولا أمانع في تدريب الاتحاد أو الهلال أو النصر إن رغبوا، ولكن يظل النادي الأهلي أمنيتي كوني قضيت فيه 20 عاما من عمري، وهو صاحب الفضل بعد الله فيما وصل إليه عبدالجواد. • لكن المدرب السعودي لم يثبت نفسه رغم الفرص الكثيرة التي منحت له؟ •• «كذبوا الكذبة وصدقوها»، فلا يوجد تقييم حقيقي للمدرب المحلي، والأمر يعتمد على إعلاميين لا علاقة لهم بالتدريب، بينما الإنجازات السعودية التاريخية لم تتحقق إلا من خلال المدرب السعودي، فأول تأهل إلى الأوليمبياد كان على يد خليل الزياني، وأول كأس آسيا كان مع الزياني، وأول كأس خليج جاء مع مدرب وطني، وأول لقب خارجي للأندية مع مدرب وطني، وكل تلك الإنجازات جاءت في وقت ضمت فيه السعودية أفضل مدربي العالم، إضافة إلى أن المدرب الوطني لم يأخذ فرصته، وأنا شخصيا أتحدى على أن المدرب السعودي أفضل من نصف المدربين الموجودين بالساحة، فالمدرب عمر باخشوين يحمل أفضل الشهادات، وكذلك يوسف خميس، والقروني وغيرهم من المؤهلين، ولكن للأسف هناك من لا يعمل إلا لحسابه الشخصي. • ماذا تقصد ب«يعمل لحسابه الشخصي»؟ •• لا أريد الحديث عن أسماء، ولكن ليس من المعقول أن المدرب السعودي على مدار 40 عاما لم يحقق أي تقدم رغم النجاحات التي تحققت، فنحن منذ 40 عاما في «مكانك سر» وهذا الذي دمر المدرب الوطني للأسف، فليست هناك برامج ولا متابعة من قبل المشرفين على ملف المدرب الوطني داخل المنظومة الرياضية، لكن الأمل كبير في النقلة النوعية الكبيرة التي تشهدها الرياضة حاليا بعد تولي تركي آل الشيخ زمام الأمور. أضف إلى ذلك أن هناك قبولا بمدربين برازيليين وأفارقة وهم لا يصنفون إلى فئة A حسب التصنيف القاري، بينما المدرب الوطني الذي يحمل أعلى الشهادات لا يجد الفرصة ولا الدعم، وأتمنى إعادة فتح ملف المدربين الوطنيين وتطوير الجهة المشرفة عليهم. • كيف يمنح المدرب الوطني الفرصة؟ •• هناك جوانب كثيرة يمكن دعم المدرب الوطني من خلالها، أولها إلزام أندية دوري الأمير محمد بن سلمان بالتعاقد مع مدربين وطنيين، وكذلك إلزام أندية دوري المحترفين بجلب مدرب وطني ضمن الجهاز الفني، بذلك تستطيع دعم المدرب الوطني، فليس من المعقول منذ 40 عاما لا يوجد مدرب واحد يستحق الإشادة والدعم. • هل لديك عروض كمدرب؟ •• محليا لا، ولكن على المستوى الخارجي لدي عرضان كمساعد مدرب من ناديين برازيليين.