يجيء الراحل لطفي زيني إلى ذاكرة الغناء السعودي الحديث، بصفته أحد المؤثرين الذين ساهموا في رسم خريطتها وتلوين تضاريسها، ما انفك يصوغ درر نجومه في بوتقة أصيلة لطالما سال منها مغنىً أصيلاً رفيعاً ما زال يتداعى إلى مسامعنا حتى اليوم. ساهم بشكل استثنائي وكبير في دفع مسيرة رفيق دربه طلال مداح نحو المقدمة حتى كان حصان السبق في ميدان النجومية الذي تنافس فيه أهم عمالقة الأغنية السعودية آنذاك. زيني، كان من أهم عناصر «المطبخ الفني» للراحل طلال مداح وصنفه كثيرون بأنه من بين الرعيل الذي أسهم في تعريب أغنيتنا المحلية إجمالا، وتوسيع رقعة انتشار قيثارة الشرق طلال مداح خارج محيطه الخليجي رغم العراقيل والظروف غير المواتية، مستغلاً علاقاته الجيدة مع عمالقة الفنانين العرب وصلاته مع أهرام الأغنية، بينها الموسيقار محمد عبدالوهاب والسيدة أم كلثوم وفريد الأطرش وصباح وغيرهم. وعززت مكانته الاجتماعية الجيدة ووضعه الاقتصادي الممتاز من قوته بصفتها منتجاً فنياً بارزاً وداعماً، فوالده كان شيخ دلالي طائفة العقار في جدة قبل أن يخلفه ويصبح في موقعه بحسب «ويكيبيديا»، لكن شيخ العقاريين كان مولعاً بالفن منذ صغره ودخل باب الحياة الفنية من نافذة الصحافة من جريدة المدينة فعمل محرراً ووثق التاريخ أنه أول من أجرى حديثاً فنياً مع طلال مداح بحسب مقربين وشكل من خلاله الصداقة معه. لم يقف عشقه الكبير لفن طلال مداح ودعمه له دون دعم الآخرين، فقد لعب دوراً مهماً في مسيرة رفيقه الآخر فوزي محسون، ووقف مع الفنان عبادي الجوهر منذ بداياته وكان أول من كتب أغنية له بعنوان (يا غزال). من أهم أغنياته التي قدمها للراحل طلال مداح «اليوم يمكن تقولي» و«أحبك لو تكون حاضر» و«ياسارية خبريني» و«وكلام البارحة تغير» و«غالي وبتغلى علينا» و«اسمع حياتي» و«ياقمر تسلم لي عينك». ووفقاً لمصادر مختلفة، كان زيني أول ممثل يظهر في التلفزيون السعودي عام 1965 في «سكتش المجنون»، وشارك في مسلسل «الأصيل مع طلال مداح» وتواجد في عدة أعمال فنية عربية، وأنشأ استديوهات زيني فيلم في ألمانيا الغربية واستقر في تونس فترة طويلة. كرم بعدة دروع وجوائز منها درع الجنادرية للريادة الذي قدمه له الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان وليا للعهد، وجائزة الريادة من مهرجان الجائزة الدولية الكبرى بسويسرا، وجائزة مهرجان القاهرة الدولي للتلفزيون. توفي بعد مسيرة 5 عقود في جدة آواخر عام 2001م.