الكاتبة د. سهيلة زين العابدين حماد لها باع طويل في الكتابة منذ تخرجها من الجامعة قبل 40 سنة، ولها مؤلفات كثيرة، فهي بلا شك في طليعة المثقفات السعوديات ودورها في مجال الدفاع عن قضايا المرأة مشكور. غير أنها كتبت في جريدة «المدينةالمنورة» في 7/3/1439ه مقالاً بعنوان (حق السعاية للزوجة) واتهمت الفقهاء بأنهم خالفوا آيات القرآن الكريم في قوله تعالى: (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) سورة النساء: 32، وقوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) سورة النجم: 39، وقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) سورة البقرة : 188. هذا الاتهام الأول وهو اتهام لا دليل عليه سوى أن لها وجهة نظر خاصة بها. ثم ذكرت أن فقيها مالكيا مغربيا هو أحمد بن عرضون قالت إنه: «المشهور بالعدل والاستقامة، ويتمتع بمكانة علمية عالية قد أحيا فتوى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحق «الكد والسعاية للزوجة»، ولم يجرؤ أحد قبله من علماء المغرب على فعل ذلك، وملخصها: أنّه لما كانت المرأة تعمل إلى جانب زوجها في الريف المغربي آنذاك -ولا يزال الأمر إلى اليوم- فهي تقوم بنفس العمل الذي يأتيه الرجل من حرثٍ ودراسة، وحصاد كل الأشغال الشاقة خارج البيت، فضلا عن الوظيفة المنزلية -فإنّ «ابن عرضون» رأى أنّه من الظلم والحيف أن لا يعطي المرأة نصيباً من تلك الثروة المشتركة بينهما حين حصول الطلاق أو الوفاة، وقد كان التشريع الفقهي المعمول به يحرم المرأة من كل جهدها وثروتها فتذهب أدراج الرياح، وتخرج من البيت كما دخلته أول مرة أو أضعف وأوهن. وعليه تشير الفتوى إلى ضرورة اقتسام الثروة على النصف بينهما حين الوفاة أو الطلاق، ثم تأخذ حظها من الميراث من النصف الباقي، إمّا الثُّمن في ما بقي إن كان للزوج أولاد، أو الربع في حالة عدم وجود أولاد، وذلك حين الوفاة، وهي لا تزال في العصمة، عملاً بفتوى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه». ولكنها استهلت الكلام عن أحمد بن عرضون بالقول إن الحكم المشار إليه تجاهله تماماً العديد من الفقهاء، وامتدحت عدل واستقامة ابن عرضون، وكأن هؤلاء الفقهاء ليسوا على درجة من العدل والاستقامة ولا المكانة العلمية.. إلخ. إن الدكتورة سهيلة رغم ثقافتها العالية إلا أنها ليست من فقيهات الشريعة، فللفقه أهله. وثانياً أن اتهام بعض الفقهاء بهذه الاتهامات لا يجوز لأن ذلك طعن في عدالة أناس لا تعلم عنهم إلا أنهم لم يفتوا بما توصلت إليه، وهؤلاء الفقهاء بالتأكيد يعلمون أن من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار، ولا يمكن أن يكتموا أو أن يأخذوا ببعض الكتاب ويتركوا بعضاً كما ألمحت الدكتورة. كما أن في التاريخ الإسلامي فقيهات من النساء فإن كان الرجال الفقهاء تجاهلوا حكما خاصاً بالمرأة فكيف سكتت فقيهات النساء؟ ومن ناحية أخرى فإن الفقهاء أيضا كانت لهم بنات أو أخوات فكيف سكتوا كما تدعي د. سهيلة عن حقوق هؤلاء البنات والأخوات؟ السطر الأخير: فقل لمن يدعي في العلم فلسفة حفظت شيئا وغابت عنك أشياء [email protected]