خلصت الدورة ال 22 لمجلس الإفتاء الأوروبي إلى توصيات وفتاوى عدة في ختام مداولاته في تركيا هذا الأسبوع، لكن أظرفها كان إباحة المجلس لنساء المسلمين المقيمات في أوروبا اتباع جنائز أقاربهن وتشييعهم إلى المقابر وكذلك زيارتهم، فيما بدا أنه مراعاة للتقاليد السائدة في البلدان الغربية. لكن اللافت أكثر أن المجلس حذّر من المحادثات بين الجنسين عبر «فيسبوك» بلا ضوابط، وإن أباحها لمآرب خيرية. وجاءت الفتوى الأولى رداً على سؤال كان «هل يجوز خروج المرأة لزيارة القبور؟ وإن كان الجواب بالإيجاب فهل هناك شروط للزيارة؟ وهل يجوز للمرأة اتباع الجنائز؟ وإذا كان الميت هو الزوج فهل يجوز للزوجة اتباع جنازته؟ وهل تدخل في فترة العدة بعد الدفن أم بعد موته؟ علماً بأن الدفن قد يتأخر أياماً». بينما أجاب المجلس بالقول: «الأصل أن اتباع الجنائز هو من حقوق أموات المسلمين على إخوانهم الأحياء، لقوله صلى الله عليه وسلم وهو يعدّ حقوق المسلم على المسلم: «وإذا مات فاتبعه» (أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة). وهذه شاملة للرجال والنساء. وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة، والراجح هو جواز خروج النساء في الجنائز، وبخاصة إذا كان الميت من أقرباء المرأة، وأمنت الفتنة من الوقوع في محاذير شرعية، كالنياحة، ولطم الخدود وشق الجيوب، والدعاء بدعوى الجاهلية، والتبرج. لحديث أم عطية، رضي الله عنها، قالت: «نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يُعزَم علينا». (متفق عليه). كما أجاز جمهور الفقهاء زيارة النساء المقابر أخذاً بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها» (أخرجه مسلم من حديث بريدة الأسلمي). أما وقت دخول المرأة في عدة الوفاة فيبدأ من تاريخ الوفاة، وتستمر فيها أربعة أشهر وعشراً إن لم تكن حاملاً، حيث تنتهي عدة الحامل بوضع حملها، وذلك لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) [البقرة: 234]، وقوله تعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [الطلاق: 4]. ولا تتعارض عدة الزوجة المتوفى عنها زوجها مع اتباعها لجنازته، ما دامت هناك حاجة أو ضرورة». أما الفتوى الثانية فكانت رداً على سؤال عن المحادثة بين الجنسين على شبكات التواصل الاجتماعي، عبر سؤال هو «ما حكم الشرع في وضع الشخص صورته على فيسبوك؟ وما حكم المحادثة بين الذكور والإناث على فيسبوك؟ وإذا كانت المحادثة متعلقة بالتعارف بنية الزواج، فهل يسمح بها أم لا؟ وبخاصة إذا كانت المواضيع تتعلق بالغايات السامية كتنظيم حفلة خيرية أو أمر يتعلق بالثورات العربية». وكان رد مؤسسة الإفتاء: «إن استعمال وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام أمر مشروع من حيث الأصل، ما دامت الغاية مشروعة ووسيلتها مشروعة، لكن يجب في استعمالها مراعاة الضوابط الشرعية والخلقية، مثل تحري الصدق والبعد عن نشر المعلومات الخاطئة والأخبار الزائفة، وكل ما يؤدي إلى الإساءة إلى الآخرين ونشر الفتن بين الناس، والتغرير بالآخر. أما نشر الصور فما كان منها مظهراً للعورة فلا يجوز بإطلاق، وإذا لم يكن كذلك فالحذر من نشرها مطلوب، لأنه لا يمكن بعد نشرها التحكم في التصرف بها. وأما التعارف بنية الزواج على شبكة الإنترنت، فقد سبق للمجلس أن أجاب عن ذلك بالإباحة بشروط وضوابط (فتوى 3/17)، ومع ذلك يجب توخي الحذر في هذا الأمر، لما يترتب عليه من مفاسد، إضافة إلى عدم التحقق من نوايا المتواصلين وأخلاقهم. ولا بأس من الحديث بين الذكور والإناث في المواضيع الجائزة، كالمشاريع الخيرية والقضايا السياسية وغير ذلك مما هو مشروع، مع الالتزام بقواعد الآداب والأخلاق».