بداية أبارك لمعالي المستشار تركي آل الشيخ رئيس هيئة الرياضة فوزه بالتزكية برئاسة الاتحاد العربي لكرة القدم وهي (أي التزكية) مؤشر قوي على المكانة التي تحظى بها المملكة العربية السعودية في فضائها العربي على كافة المستويات، وهي أيضا مؤشر على أن النجاح السريع والقوي الذي حققه تركي آل الشيخ محليا لقي أصداء خارجية واسعة، أكسبته ثقة القيادات الرياضية العربية التي لم تتردد في تزكيته ليرأس الاتحاد العربي، وكلها ثقة بأن هذا الرجل هو القادر على تحقيق الاختراق الذي طال انتظاره في عمل هذه المؤسسة الرياضية العتيدة. لكن ثمة أسئلة ووقفات بهذه المناسبة عن هذه المؤسسة الرياضية العربية وجدوى استمرارنا في الاحتفاظ بكرسي رئاستها، واستمرارنا في دعمها وتحمل مسؤولياتها في ظل وضع عربي مفكك ومتشظ انعكس على كل مؤسسات العمل العربي التي تعاني منذ عقود من الترهل والعجز والفشل ؟ هل قيادتنا لهذه المؤسسة الرياضية تضيف لنا شيئا حقيقيا يوازي التكلفة التي نتكبدها ماديا ومعنويا جراء تحملنا مسؤولية الفشل المزمن الذي غالبا كان خارجا عن إرادة قيادة هذه المؤسسة ويكون دائما انعكاسا لحالة عربية مزرية لا تسمح بأي نجاح أو على الأقل لا تمنع الفشل والتعثر؟ أعلم جيدا أن دولا كثيرة، وفي مقدمتها الجار الصغير المؤذي، تتمنى لو تتسلم رئاسة الاتحاد العربي ولها حساباتها الكثيرة في هذا الطموح، لكن ليس كل ما هو مكسب لغيرنا يكون مكسبا لنا، فمكانة السعودية عربيا ودوليا تجعل لها حسابات وسقوفا مختلفة لما لها من ثقل سياسي واقتصادي كبيرين، وبالتالي الاستمرار في تحمل مسؤولية مؤسسات عربية فاشلة يضر بها ولا يخدمها. كنت ولا أزال أرى أن تركيزنا يجب أن يتوجه إلى المؤسسات القارية والدولية، فهي الأهم والأكثر تأثيرا، وقد تنبه لذلك مبكرا بعض جيراننا واستطاعوا تحقيق اختراقات قوية، وسبقونا للفوز بمراكز قيادية فيها نحن الأجدر والأحق فيها، لولا أننا لم نولها الاهتمام الكافي، ففي سنوات الانكفاء والتخلي تقدم الآخرون في هذه المؤسسات القارية والدولية، وتركوا لنا الفتات من المناصب التي لا تتناسب ومكانة بلدنا وثقله رياضيا وسياسيا واقتصاديا. وبالعودة للاتحاد العربي لكرة القدم، ومع ثقتي اللامحدودة بقدرة رئيسه تركي آل الشيخ على تغيير جلد هذه المؤسسة وآليات عملها والنهوض بها وبمسابقاتها وأنشطتها وبرامجها، إلا أنني تمنيت مع احتفاظ السعودية برئاستها أن تسند المهمة لشخصية سعودية أخرى غير معالي المستشار تركي آل الشيخ، ذلك لأننا ضانون به لنا، فنحن في أشد الحاجة له في هذه المرحلة، وفي أمس الحاجة لكل وقته وجهده وتفكيره لمواصلة تطوير قطاعنا الشبابي والرياضي والارتقاء إلى المستويات التي تواكب النقلات النوعية التي تشهدها بلادنا على مختلف المستويات وفي كل الأصعدة.