لا يمكن حصر مواقف المملكة في سبيل نصرة القضية الفلسطينية، إذ إن موقف المملكة من قضية فلسطين من الثوابت الرئيسية منذ عهد الملك عبدالعزيز - يرحمه الله -، بدءا من مؤتمر لندن عام 1935 المعروف بمؤتمر «المائدة المستديرة» لمناقشة القضية الفلسطينية، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. وقامت المملكة بدعم ومساندة القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها وعلى جميع الأصعدة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية)، وذلك من منطلق إيمانها الصادق بأن ما تقوم به من جهود تجاه القضية الفلسطينية إنما هو واجب يمليه عليها عقيدتها وضميرها وانتماؤها لأمتها العربية والإسلامية. جهود الملك سلمان أسهم الملك سلمان بن عبدالعزيز في إلغاء القيود الصهيونية المفروضة على المسجد الأقصى، بعد إغلاقه في وجه المسلمين ومنعهم من أداء فرائضهم وصلواتهم في أولى القبلتين، إذ بادر الملك سلمان بالاتصالات بالعديد من زعماء العالم، كما أجرى اتصالات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بشأن الأحداث التي حصلت في المسجد الأقصى في الفترة الماضية، وتكللت جهود خادم الحرمين الشريفين بإلغاء القيود الصهيونية المفروضة على المسجد الأقصى، وساندت المملكة الفلسطينيين الأبطال الذين أصروا على إزالة كل العوائق التي وضعتها قوات الاحتلال الإسرائيلي لمنعهم من أداء صلواتهم في المسجد، ودعمت الحق الفلسطيني وحق المسلمين في أداء صلواتهم في قبلتهم الأولى. وحماية القدس تتصدر اهتمام خادم الحرمين الشريفين منذ أن كان أميراً لمنطقة الرياض، إذ أشرف شخصياً على العديد من الحملات التي قامت بها السعودية لنجدة الشعب الفلسطيني وإغاثته وإعادة إعمار ما تخلفه يد الاحتلال الغاشم من دمار، وهي جهود يشهد بها القاصي والداني. وأصدرت المملكة بياناً بخصوص قرار الإدارة الأمريكية نقل سفارتها في دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى القدسالمحتلة. وذكر بيان الديوان الملكي أن المملكة تابعت بأسف إعلان ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وسبق لحكومة المملكة أن حذرت من العواقب الخطيرة لمثل هذه الخطوة غير المبررة وغير المسؤولة. وأضاف البيان: «المملكة تعرب عن استنكارها وأسفها الشديدين للقرار الأمريكي بشأن القدس لما تمثله من انحياز كبير ضد حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة في القدس». الدعم السياسي وللمملكة دور بارز ومميز في دعمها السياسي المستمر لنصرة القضية الفلسطينية، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته لبناء دولته المستقلة. ولهذا نجدها تتبنى جميع القرارات الصادرة من المنظمات والهيئات الدولية المتعلقة بدعم بالقضية الفلسطينية، وتشارك في العديد من المؤتمرات والاجتماعات الخاصة بحل القضية الفلسطينية ابتداء من مؤتمر مدريد وانتهاءً بخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية التي اقترحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- (ولي العهد آنذاك)، وتبنتها الدول العربية كمشروع عربي موحد في قمة بيروت في مارس 2002 لحل النزاع العربي الإسرائيلي، والتي توفر الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة، وتؤمن حلاً دائماً وعادلاً وشاملاً للصراع العربي الإسرائيلي. وتبذل المملكة جهوداً حثيثة واتصالات مكثفة مع الدول الغربية والصديقة والإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل لإلزامها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة التي تنص على الانسحاب الكامل من كافة الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967. ومطالبتها الدائمة للمجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف الاعتداءات والممارسات الإسرائيلية العدوانية والمتكررة ضد الشعب الفلسطيني. كما أدانت المملكة قيام إسرائيل ببناء الجدار العازل الذي يضم أراضي فلسطينية واسعة، وتقدمت بمذكرة احتجاج لمحكمة العدل الدولية في لاهاي تدين فيها قيام إسرائيل ببناء جدار الفصل العنصري، وصدر قرار المحكمة رقم (28/2004) وتاريخ (9 /7 /2004) بعدم شرعية هذا الجدار وطالب إسرائيل بإزالته، وجاء قرار الجمعية العامة في هذا الشأن ليعبر عن تضامن المجتمع الدولي حيال هذا الموضوع ويطالب إسرائيل بوقف الجدار والتخلي عنه وأنه يتناقض مع القانون الدولي. المبادرات السعودية لحل القضية أولاً: مشروع الملك فهد للسلام «المشروع العربي للسلام»: أعلن مشروع الملك فهد للسلام في مؤتمر القمة العربي الذي عقد في مدينة فاس المغربية عام 1982، ووافقت عليه الدول العربية وأصبح أساساً للمشروع العربي للسلام، كما كانت هذه البادرة أساسا لمؤتمر السلام في مدريد عام 1991. ويتكون المشروع من المبادئ التالية: 1- انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967 بما فيها مدينة القدس. 2- إزالة المستعمرات التي أقامتها إسرائيل في الأراضي العربية بعد عام 1967. 3- ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة. 4- تأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة وتعويض من لا يرغب في العودة. 5- تخضع الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية تحت إشراف الأممالمتحدة ولمدة لا تزيد على بضعة أشهر. 6- قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. 7- تأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام. 8- تقوم الأممالمتحدة أو بعض الدول الأعضاء فيها بضمان تنفيذ تلك المبادئ. ثانياً: مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز: وهي المبادرة التي أعلن عنها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة بيروت (مارس 2002) وتبنتها الدول العربية كمشروع عربي موحد لحل النزاع العربي الفلسطيني، والتي توفر الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة وتؤمن حلاً دائماً وعادلاً وشاملاً للصراع العربي الإسرائيلي. وتتلخص المبادرة فيما يلي: 1- الانسحاب من الأراضي المحتلة حتى حدود (4) يونيو 1967. 2- القبول بقيام دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة في الضفة الغربيةوغزة وعاصمتها القدس. 3- حل قضية اللاجئين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. وأشارت المبادرة إلى أن قبول إسرائيل بالمطالب العربية يعني قيام «علاقات طبيعية» بينها وبين الدول العربية. الدعم المادي قدمت المملكة الدعم المادي والمعنوي للسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني منذ نشأت القضية الفلسطينية، وذلك في إطار ما تقدمه المملكة من دعم سخي لقضايا أمتيها العربية والإسلامية. وفي هذا الصدد، قدمت المملكة تبرعاً سخياً في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم عام (1967)، كما التزمت المملكة في قمة بغداد عام (1978) بتقديم دعم مالي سنوي للفلسطينيين قدره (1.97.300.000) دولار، وذلك لمدة 10 سنوات (من عام 1979 وحتى عام 1989)، وفي قمة الجزائر الطارئة (1987) قررت المملكة تخصيص دعم شهري للانتفاضة الفلسطينية مقداره (6) ملايين دولار، كما قدمت المملكة في الانتفاضة الأولى (1987) تبرعاً نقدياً لصندوق الانتفاضة الفلسطيني بمبلغ (1.433.000) دولار، وقدمت مبلغ مليوني دولار للصليب الأحمر الدولي لشراء أدوية ومعدات طبية وأغذية للفلسطينيين. وتعهدت المملكة بتمويل برنامج إنمائي عن طريق الصندوق السعودي للتنمية بلغ حجمه (300) مليون دولار يهتم بقطاعات الصحة والتعليم والإسكان تم الإعلان عنه في مؤتمرات الدول المانحة خلال الأعوام 94 - 95 - 97 - 1999، إضافة إلى الإعفاءات الجمركية للسلع والمنتجات الفلسطينية. على صعيد آخر، أوفت المملكة بكامل مساهماتها المقررة حسب قمة بيروت (مارس 2002) لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية، وما أكدت علية قمة شرم الشيخ (مارس 2003) بتجديد الالتزام العربي بهذا الدعم، إذ قامت بتحويل كامل الالتزام وقدره (184.8) مليون دولار للفترة من 1 /4 /2002 30 /3 /2004. كما أوفت بكامل التزاماتها المقررة حسب قمة تونس (مايو 2004) الخاصة باستمرار وصول الدعم المالي لموازنة السلطة الفلسطينية ل6 أشهر تبدأ من (1) أبريل حتى نهاية سبتمبر 2004، إذ قامت بتحويل كامل المبلغ وقدره (46.2) مليون دولار. ويعتبر دعم المملكة العربية السعودية للسلطة الفلسطينية الأكبر من بين مساهمة المانحين العرب للسلطة. وبادرت المملكة في مؤتمر القمة العربي في القاهرة (2000) باقتراح إنشاء صندوقين باسم صندوق «الأقصى» وصندوق «انتفاضة القدس» برأسمال قدره مليار دولار، وتبرعت بمبلغ (200) مليون دولار لصندوق «الأقصى» الذي يبلغ رأسماله (800) مليون دولار، وتبرعت بمبلغ (50) مليون دولار لصندوق «انتفاضة القدس» الذي يبلغ رأسماله (200) مليون دولار. واهتمت حكومة المملكة بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، إذ قدمت المساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين مباشرة أو عن طريق الوكالات والمنظمات الدولية التي تعنى بشؤون اللاجئين مثل الأنروا، ومنظمة اليونسكو، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والبنك الدولي، والبنك الإسلامي. والمملكة منتظمة في دفع حصتها المقررة لوكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) المتمثلة في مساهماتها السنوية البالغة (1.200.000) دولار لميزانية الوكالة، وقدمت لها تبرعات استثنائية بلغت نحو (60.400.000) دولار، لتغطية العجز في ميزانيتها وتنفيذ برامجها الخاصة بالفلسطينيين. كما خصصت المملكة للأنروا مبلغ (34) مليون دولار ضمن منحة المملكة للفلسطينيين والبالغة (300) مليون دولار التي أعلنت عنها خلال مؤتمرات الدول المانحة للأعوام (94 96 97 – 1999). الدعم الشعبي بعد حرب يونيو 1967، عملت المملكة على تشكيل اللجان الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني، إذ ساهمت ولا تزال تساهم في جمع التبرعات للشعب الفلسطيني من أبناء الشعب السعودي الذي تجاوب معها تجاوبا كبيرا، وقد بلغت إيرادات اللجنة الشعبية نحو ملياري ريال سعودي، وقدمت المملكة في الانتفاضة الأولى عام (1987) دعماً شعبياً بلغ أكثر من (118) مليون ريال، وفي الانتفاضة الثانية عام (2000) قدمت المملكة دعما سخيا بلغ نحو (240) مليون ريال، إضافة إلى التبرعات العينية مثل السيارات وسيارات الإسعاف والعقارات والمجوهرات والمواد الطبية والغذائية. قضية القدس أنشئت لجنة القدس في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي للمحافظة على عروبة القدس وطابعها الإسلامي. وأصدرت المنظمة قرارا بشأن صندوق القدس تؤكد فيه أهمية الدور الذي يؤديه الصندوق في دعم صمود الشعب الفلسطيني، ودعت الدول الأعضاء إلى الالتزام بتغطية رأسمال صندوق القدس 100 مليون دولار. وتدعم المملكة صندوق القدس بهدف مقاومة سياسة التهويد والمحافظة على الطابع العربي والإسلامي ودعم كفاح الشعب الفلسطيني في القدس وفي بقية الأراضي المحتلة. وعلى صعيد حماية الآثار والمقدسات الإسلامية بفلسطين، استجابت المملكة لجميع نداءات اليونسكو لحماية وترميم الآثار والمقدسات الإسلامية في فلسطين. إذ تحملت المملكة نفقات ترميم وإصلاح قبة الصخرة والمسجد الأقصى ومسجد الخليفة عمر بن الخطاب ومساكن الأئمة والمؤذنين بالقدس لتمثل اهتمام المملكة بحماية المقدسات الإسلامية. وأصدرت المملكة العديد من البيانات التي تستنكر فيها الأعمال العدوانية التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته، فعلى سبيل المثال، نددت المملكة بقرار الحكومة الإسرائيلية ضم مدينة القدس واعتبارها عاصمة أبدية لها، إذ استطاعت بالتعاون مع الدول العربية والإسلامية والصديقة استصدار قرار من مجلس الأمن برقم (478) في عام 1980، يطالب فيه جميع الدول التي أقامت بعثات دبلوماسية في القدس بسحبها فورا، وبطلان جميع الإجراءات التي قامت بها حكومة الكيان الصهيوني لتهويد القدس، وهو القرار الذي اعتبر نصرا للدبلوماسية الإسلامية وإحباطا للمخطط الصهيوني تجاه مدينة القدس.