يعتبر موقف السعودية من قضية فلسطين من الثوابت الرئيسة لها، والذي بدأ منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وتحديداً في مؤتمر لندن عام 1935، والمعروف بمؤتمر المائدة المستديرة لمناقشة القضية الفلسطينية، واستمرت المواقف السعودية المشرفة تجاه القضية الفلسطينية خلال فترة ملوكها السبعة وآخرهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. ودعمت السعودية القضية الفلسطينية منذ بداياتها وساندتها في مختلف مراحلها وعلى جميع الأصعدة، سواء السياسية أم الاقتصادية أم الاجتماعية أم العسكرية، وينبع ذلك من واجبها الذي تمليه عليها عقيدتها وضميرها وانتماؤها لأمتيها العربية والإسلامية. وفي عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، عملت السعودية على دعم ومؤازرة الجهاد الفلسطيني ضد الاحتلال اليهودي ووصل ذروته في عام 1948، إذ حرص الملك المؤسس على إبراز الحق الفلسطيني من خلال تبادل الخطابات مع رؤساء الدول، والذي سبقته مواقف عدة، أبرزها موقفه في اجتماع لندن، وكانت السعودية من أولى الدول العربية الرافضة لتقسيم فلسطين والصادر عن الأممالمتحدة في عام 1947. ويعتبر الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز حاملاً للهم الفلسطيني وبدأت علاقته بالقضية الفلسطينية منذ وقت مبكر، خصوصاً أنه كان يشغل منصب وزير الخارجية منذ تأسيسها، وركز - رحمه الله - أثناء حكمه المملكة والتي استمرت 11 عاماً على إيجاد حلول للقضية الفلسطينية، فكانت السعودية أولى الدول العربية الداعمة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي عام 1969 وبعد حادثة حرق المسجد الأقصى دعا الملك فيصل الى عقد مؤتمر أسفر عن تأسيس منظمة التعاون الإسلامي والتي عرفت في ذلك الوقت باسم منظمة المؤتمر الإسلامي، ولعبت هذه المنظمة من مقرها في جدة، دوراً أساسياً في دعم القضية الفلسطينية، وهي أول منظمة دولية إقليمية اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وسبقت بذلك جامعة الدول العربية. ومن أبرز مواقف الملك فيصل بن عبدالعزيز دعمه للقضية الفلسطينية بشتى المواقف، فقام بوقف تصدير النفط للغرب للضغط على الدول الداعمة للكيان الصهيوني، لينسحب من الأراضي الفلسطينية والعربية في عام 1973 بعد أن احتل الكيان الصهيوني مجموعة من الأراضي العربية في مصر وسورية والأردن إضافة لتوسيع احتلاله للأراضي الفلسطينية إثر معركة 1967. ولم تتوقف مواقف ملوك السعودية من القضية الفلسطينية ودعمها عند حد استخدام النفط كسلاح، ففي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أعلنت السعودية عن مبادرتها لدعم القضية الفلسطينية في ما عرف باسم مشروع الملك فهد للسلام. وأعلن عن مشروع الملك فهد للسلام في مؤتمر القمة العربي الذي عقد في مدينة فاس المغربية عام 1982، ووافقت عليه الدول العربية وأصبح أساساً للمشروع العربي للسلام، كما كانت هذه البادرة أساساً لمؤتمر السلام في مدريد عام 1991، ويتكون مشروع الملك فهد للسلام من ثمانية بنود هي: انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967 بما فيها مدينة القدس، وإزالة المستعمرات التي أقامتها إسرائيل في الأراضي العربية بعد عام 1967، وضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة وتعويض من لا يرغب في العودة، وخضوع الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية تحت إشراف الأممالمتحدة ولمدة لا تزيد على بضعة أشهر، وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وتأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام، وتضمن الأممالمتحدة أو بعض الدول الأعضاء فيها تنفيذ تلك المبادئ. كما قدمت السعودية مبادرة ثانية لحل القضية الفلسطينية وهي ما تعرف بمبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهي المبادرة التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله في قمة بيروت 2002 وتبنتها الدول العربية كمشروع عربي موحد لحل النزاع العربي - الفلسطيني والتي توفر الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة وتؤمن حلاً دائماً وعادلاً وشاملاً للصراع العربي - الإسرائيلي. وتتلخص مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في أربعة بنود أولها كان الانسحاب من الأراضي المحتلة في عام 1967، والقبول بقيام دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة في الضفة الغربيةوغزة وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين وفقاً للقرارات الشرعية الدولية. وشملت المواقف السعودية المشرفة تجاه قضية العرب الأولى، تقديم الدعم المالي للأشقاء الفلسطينيين، إذ عملت المملكة على توفير الدعم المادي والمعنوي للسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني منذ نشأة القضية الفلسطينية وقدمت دعماً مالياً لدعم القضية في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم عام 1976، والتزمت المملكة في قمة بغداد عام 1978 بتقديم دعم مالي سنوي للفلسطينيين قدره (1,97,300,000) بليون دولار، لمدة عشر سنوات. وفي قمة الجزائر الطارئة عام 1987، قررت المملكة تخصيص دعم شهري للانتفاضة الفلسطينية مقداره ستة ملايين دولار أميركي. وقدمت في الانتفاضة الأولى 1987 تبرعاً نقدياً لصندوق الانتفاضة الفلسطيني بمبلغ (1,433,000) دولار، وقدمت مليوني دولار للصليب الأحمر الدولي لشراء أدوية ومعدات طبية وأغذية للفلسطينيين. كما تعهدت السعودية بتمويل برنامج إنمائي عن طريق الصندوق السعودي للتنمية بلغ حجمه 300 مليون دولار يهتم بقطاعات الصحة والتعليم والإسكان، تم الإعلان عنه في مؤتمرات الدول المانحة خلال الأعوام 94 - 95 - 97 - 1999، إضافة إلى الإعفاءات الجمركية للسلع والمنتجات الفلسطينية. وعلى صعيد آخر، أوفت المملكة بكامل مساهماتها المقررة بحسب قمة بيروت 2002، لدعم موازنة السلطة الفلسطينية وما أكدت عليه قمة شرم الشيخ 2003 بتجديد الالتزام العربي بهذا الدعم، كما أوفت بكامل التزاماتها المقررة بحسب قمة تونس 2004 الخاصة باستمرار وصول الدعم المالي لموازنة السلطة الفلسطينية لستة أشهر تبدأ من نيسان (أبريل) حتى نهاية أيلول (سبتمبر) 2004 . وبادرت المملكة في مؤتمر القمة العربي في القاهرة 2000 باقتراح إنشاء صندوقين باسم صندوق الأقصى وصندوق انتفاضة القدس برأسمال قدره بليون دولار، وتبرعت بمبلغ 200 مليون دولار لصندوق الأقصى الذي بلغ رأسماله 800 مليون دولار، وتبرعت بمبلغ 50 مليون دولار لصندوق انتفاضة القدس الذي بلغ رأسماله 200 مليون دولار. ولم يقتصر الدعم السعودي للقضية الفلسطينية على قطع النفط، أو بالمشاركة في المؤتمرات واتخاذ القرارات الرافضة للاحتلال الإسرائيلي، بل تجاوز كل تلك الحدود، فالسعودية قدمت الشهداء من أبنائها الذين رووا بدمائهم الأراضي الفلسطينية، ولا تزال قبور شهداء الجيش السعودي شاهدة على بطولاتهم في محاربة العدو الإسرائيلي.