طيلة عقود من الزمن انحصرت لعبة شعارات القومية والتحرير والمقاومة في «القومجية» العرب، عزفوا عليها لتأطير الأنظمة الثورية الدكتاتورية، وتسلحوا بها لقمع الشعوب وتخوين المخالفين، وجعلوا منها مشروعاً تصغر أمامه كل مشاريع تنمية الأوطان وبناء الإنسان ! كان الخليجيون يقفون دائما على مسافة من عرب الشعارات الثورية، رفعوا الشعارات القومية دون أن تكون على حساب المسؤوليات الوطنية والتنموية، وآمنوا بمشروع تحرير فلسطين ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي دون أن يفرطوا بالعقلانية في التعاطي مع الواقع، هذا التوازن الناجح في التعامل مع قضية الشرق الأوسط الرئيسية جلب للخليجيين نقمة أنظمة فشلت في تحقيق أي من أهداف شعاراتها الثورية والسياسية والتنموية، وكراهية وحسد شرائح من شعوب نفست عن غضبها من أنظمتها الفاشلة، بالغضب من أنظمة الخليج الناجحة ! اليوم هناك تغير في المشهد الخليجي، نجد سلطة قطرية تعزف نشازا بألحان «القومجية»، ويضع تاجرها كرسيه وسط دكاكين الشعارات، وإعلاما محسوبا على أموالها يزايد في سوق الشعارات على سلع دكاكينها ! اللافت أن هناك في الدوحة من يريد أن يجمع النقيضين، يُلبس جسد الرفاهية التنموية ثوب القومجية الثورية، مستغلا سذاجة نفس الجمهور الذي خدع لعقود من الزمن من الأنظمة الثورية التي تاجرت بمشاعره وباعت قضاياه بأبخس الأثمان، أما المشترك بين الدوحة وعواصم شعارات المقاومة والتصدي فهو أن العدو لديهم ليس إسرائيل بل السعودية، والمستهدف ليس تل أبيب بل الرياض ! وكما حصد عرب الشعارات الفشل، سيحصد القطريون الخسارة من استثماراتهم الجديدة في دكاكين الشعارات !