من الثنائيات النادرة شعرياً بروز موهبة أخوين في بيت واحد، من قرية رباع في زهران، إذ كانت المجاراة بين جارالله الفقيه وشقيقه عبدالله في المحاورة الشعرية الفائقة لفظاً ومعنى، فجارالله الفقيه بما آتاه الله من مهارات في الفقه والعلم والطب الشعبي منذ 70 عاماً تقريباً، كان يعترف بما لأخيه عبدالله من فضل عليه وتفوق شعري واجتماعي، وبحكم أن جارالله الأكبر بين إخوته، والواجهة في مجتمعه بحكم الطب أرهقته الديون لفرط كرمه، واضطر لرهن بعض بلاده إذ أن منزله مفتوح لكل قاصد، وبما فيه من نزعة اغتراب المبدع ارتحل إلى المنطقة الشرقية، وتم تعيينه عسكريا ولم يرق له الحال، فانتقل إلى الرياض واشتغل في التجارة ولم يفلح، ثم انتقل إلى الطائف واستقر فيها قرابة عشر سنوات، ثم عاد إلى الرياض وافتتح محل طبابة شعبية في شارع الوزير، وكان محل اهتمام أبناء غامد وزهران كون الجلوس معه ثراء. وحاول عبدالله تولي مهمات البيت والمزارع والأسرة ولم يكن يقل عن أخيه جارالله في الكرم، والعلم وحفظه للقرآن، وعمله إماماً وخطيباً في الكثير من قرى زهران منها قرية الجماجم، وحميم، وخيره، ثم عاد إلى قريته رباع، وتم اختياره عريفة للقرية لحكمته وعلمه الغزير، وعمل موظفا لدى وزارة المعارف وعمل بمدرسة رباع الابتدائية. طالت الغربة بجارالله، واعترت الكربة شقيقه عبدالله فبعث له بقصيدة «يا شيخ جارالله» التي نسبها البعض لزوجته دون سند توثيقي، برغم ما ظهر لعشاق شعر الشقر من معانيها إلا أن فيها من الترميز الكثير وربما رحل الشاعران عن دنيانا ومعانيهما معهما، والقصيدة تتكون من بدع بعث به عبدالله لأخيه يعاتبه على الغياب 12 عاماً، وقال فيه: «يا شيخ جارالله وش حدك على نجد الأقصى وش كرّهك في نقاع بني حسن وانحن اهلك اثنا عشر عام وآنا كل يوم آترجا حتى موزع بريد الطايره مني آبا هجم علينا وخذ مفتاح قلبي هربه ما نسمع إلا جناح الطايرة يا هبيده» ولم يتأخر جارالله في الرد إذ بعث بقصيدته في رسالة مكتوبة: «يا ونتي ونّة الملقوص في نجد الاقصى يسامرونه وهو تحت الخطر وانحنى اهلك وكل ما جا يفيّق رجه الموت رجا يونّ من سم ثعبانٌ يلم النيابا والناس ما ينفعون اللي رضي فيه ربه يستاهل اللي على بيت الحنش ياهب ايده» ولعل جمالية هذه الإخوانيات أنها انتشرت في أوساط مجتمعات عربية وسعودية، ولحنت من مطربين، وشدا بها منشدون، ما يؤكد أنها من عيون الشعر الشعبي.