أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري يعيش في السعودية بإرادته، وهو من قدم استقالته، وأنه من يقرر أمر عودته إلى لبنان بعد تقييمه للأوضاع الأمنية، ومن يتخذ القرارات. جاء ذلك ردا على سؤال خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه ونظيره الفرنسي جان إيف لودريان أمس (الخميس) في الرياض. وأشار الجبير إلى أن ادعاءات خطف المملكة للحريري باطلة، لافتا إلى أن الحريري مواطن سعودي كما هو لبناني، وعائلته تعيش في المملكة، وهو موجود بإرادته، ويستطيع أن يغادر وقتما يشاء. وأضاف الجبير: «الحريري التقى الملك سلمان، وقابل البطريرك، وزار الإمارات، وعودته إلى لبنان تعود لتقييمه الوضع الأمني في لبنان، أما الاتهام بأننا نحتجز رئيس وزراء سابق غير صحيح، وبالذات شخصية سياسية حليفة للسعودية كسعد الحريري، ولا أعلم أساسات الاتهامات، وهي مرفوضة ولا أساس لها ولا حقيقة لها». وحول إمكانية أن يأخذ الحل في لبنان شكلا مختلفا عن الحوار (تدخل عسكري مثلا)، قال الجبير: «الأزمة في لبنان أساسها «حزب الله»، الذي اختطف النظام اللبناني، ويحاول أن يفرض سلطته ونفوذه على لبنان، ويعرقل العملية السياسية، وهو أداة في يد الحرس الثوري، وتستخدمه إيران لبسط نفوذها وفي أعمال الشغب في البحرين، ودعم الحوثي في اليمن، وفي حال استطاعت لبنان أن تحجم «حزب الله» فلبنان ستكون بخير، لكن إذا استمر على هذا النهج سيكون الوضع خطيرا في لبنان». وأضاف: «هناك إجماع في العالم على أن «حزب الله» يجب أن يتم التعامل معه بوسيلة أخرى، وهناك شبه إجماع عالمي على أنه منظمة إرهابية من الطراز الأول، ويجب عليه أن يحترم القوانين وسيادة لبنان، وأن يحترم اتفاقية الطائف، كما يجب أن ينزع منه السلاح، فلا يجوز لميليشيات أن تمتلك سلاحا وهي خارجة عن سلطة الدولة، ومهما حاول «حزب الله» التبرير فهو غير صحيح». وأوضح الجبير: «كانوا يقولون السلاح للمقاومة، فما دخل المقاومة في الحرب مع الحوثي، أو في سورية، وكلامهم لا أساس له، هذه منظمة إرهابية تمتلك ميليشيا وتقوم بأعمال سلبية في لبنان، تؤثر على أمن واستقرار المنطقة، وأداة في أيدي النظام الإيراني». وقال: «إن الأمين العام ل«حزب الله» أكد ذلك عندما قال «العيش الذي نأكله، والسلاح الذي نحمله كله من إيران»، فلا بد من إيجاد وسيلة للتعامل مع هذا الحزب الإرهابي بحزم، وأعلم أن هناك تنسيقا بين الدول المحبة للسلام والمحبة للبنان للخروج بخطوات تستطيع أن تعيد للبنان سيادته وتقلص العمل السلبي الذي يقوم به الحزب في لبنان». أما ما يتعلق باجتماع المعارضة السورية فقال الجبير إنه تم تحديده في يومي الأربعاء والخميس القادمين، بهدف توسيع المعارضة لتشمل كل المنصات الموجودة، ولتخرج برؤية موحدة في ما يتعلق بالمفاوضات، وتطبيق إعلان جنيف واحد وقرار مجلس الأمن 2254، ليستطيع المبعوث الأممي استئناف المفاوضات في جنيف، والدعوات جار تقديمها للأشقاء السوريين، ونأمل أن يستطيعوا توحيد الصف، في ما يتعلق بالرؤية التي يريدونها لبلادهم. من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن زيارته للمملكة هي الثانية كوزير خارجية، والثامنة من مواقع مختلفة. مبينا أن الزيارة تندرج في شراكة متينة قادمة. مبديا تصميم بلاده على تعزيزها في المستقبل. وأوضح أنه خلال اللقاء الذي جمعه بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وفي النقاشات مع وزير الخارجية عادل الجبير، كانت هناك نقاط التقاء وتطابق في وجهات النظر. مشيرا إلى أنه تم التطرق للبنان، وأنه أكد حرص فرنسا على أن يحافظ هذا البلد على استقراره وسيادته، وأن يكون في منأى عن التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية، وأن يتم احترام كل الطوائف فيه. وقال إن هناك تنسيقا سعوديا فرنسيا للعودة إلى الوضع الطبيعي في لبنان. متمنيا أن يكون ذلك في أسرع ما يمكن، بعد استقالة رئيس الوزراء الحريري. ولفت إلى أنه تمت مناقشة الوضع الإنساني في اليمن والإجراءات التي يجب أن تتخذ لوصول المساعدات الإنسانية بأسرع ما يمكن لليمنيين. مؤكدا أن التحالف بقيادة السعودية تبنى تدابير في هذا الاتجاه. إضافة إلى الأزمات الإقليمية، خصوصا الوضع في سورية والعراق، حيث هزيمة «داعش» مصدر ارتياح كبير. لافتا إلى تحديات أهمها السعي لإيجاد حل مستدام وحماية السكان، «فبعد أن ربحنا الحرب لا يجب أن نخسر السلام». وتطرق وزير الخارجية الفرنسي إلى أنه تم النقاش حول تصرفات إيران المقلقة، خصوصا تدخلات إيران في شؤون المنطقة، ونزعة الهيمنة لديها. وقال: «لدى إيران البرنامج البالستي، والاتفاق النووي الذي أرادته فرنسا أن يكون قويا ومتينا للحد من خطر انتشار الأسلحة النووية، وسنساعد على تنفيذه». وأوضح أنه تم تحديد أسلوب عمل بين البلدين لتتمكن فرنسا من مرافقة المملكة في إصلاحاتها الاقتصادية في إطار رؤية 2030، ليكون ذلك في مصلحة البلدين للتوصل إلى تحديد الأهداف بداية العام القادم، وخلال الزيارة التي سيقوم بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لفرنسا. وقال لودريان: «يجب أن ندخل في عملية تحضير للحل السياسي في سورية، وبما يضمن سلامة وتكامل الأراضي السورية، لأننا نرفض تفككها، بحيث يكون حلا يحترم مختلف المكونات للشعب السوري، وهناك مكان وأداة (جنيف والأمم المتحدة)، ويجب أن تكون كل الأطراف في وضع يسمح لها بالمشاركة في هذه العملية السياسية التي نتمناها». مضيفا: «هناك تطابق في وجهات النظر مع السعودية بشكل كامل».