أكد وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير أن المملكة وفرنسا تربطهما علاقة ممتدة منذ أكثر من 100 سنة, مشيراً إلى تطابق الروئ فيما يتعلق بالتحديات في المنطقة، سواءً ما يختص بالقضية الفلسطينية أو لبنان وسورية والعراق واليمن وتدخلات إيران في شؤون المنطقة, أو فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب والتطرف، إضافة إلى رغبة البلدين رفع مستوى هذه العلاقات وتكثيفها في كل المجالات. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الجبير مع نظيره وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في مقر الوزارة بالرياض أمس، حيث رحب في مستهل المؤتمر بنظيره الفرنسي الذي يزور المملكة حالياً. ولفت وزير الخارجية النظر إلى اجتماع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود, بالإضافة إلى اجتماع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله - مع وزير الخارجية الفرنسي، التي وصفها بالإيجابية والبناءة, وتعكس مكانة العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلديين الصديقين، مشيرًا إلى مباحثاته مع نظيره الفرنسي بمقر الوزارة وما نتج عنها من توافق الرؤى في القضايا المتعلقة بالمنطقة. وأعرب وزير الخارجية عن تقديره لموقف فرنسا بشأن استهداف مليشيات الحوثي لمدينة الرياض بصاروخ باليستي بدعم من "حزب الله"، مثمناً موقف فرنسا فيما يتعلق بدعم لبنان, ودعم الاستقرار في سورية, وفيما يتعلق بالسعي لإيجاد حل في اليمن مبني على قرار مجلس الأمن رقم 2216, والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني. من جهته أعرب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن سعادته بزيارته للمملكة, مشيراً إلى أن زيارته تندرج في إطار شراكة قديمة ومتينة, مؤكداً عزم بلاده على تعزيز هذه الشراكة وتقويتها في المستقبل. ولفت الوزير الفرنسي النظر إلى اجتماعه مع خادم الحرمين الشريفين, وسمو ولي العهد - حفظهما الله - وإلى المبادلات والمباحثات الثنائية مع معالي الأستاذ الجبير, مؤكداً تطابق وجهات النظر في عدة جهات, إذ تلتقي فيها وجهات النظر حول العديد من مشاكل المنطقة, منها لبنان, مؤكداً حرص فرنسا على استقرار لبنان وسيادته, وأن يكون بمنأى عن التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية, واحترام كل الطوائف المكونة للشعب اللبناني, مشيراً إلى رغبة فرنسا في التنسيق مع المملكة لعودة لبنان إلى وضعه الطبيعي. الحريري موجود بإرادته.. وننتظر رؤية موحدة للمعارضة السورية لودريان: الشراكة السعودية الفرنسية متينة.. وسلوك إيران يثير القلق وأوضح لودريان أنه جرى استعراض الوضع الإنساني في اليمن والإجراءات التي يجب اتخاذها للعمل على إيصال المساعدات الإنسانية للشعب اليمني, مشيراً إلى قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن قد تبني تدابير بهذا الاتجاه, ويجب أن نعزز ونوسع نطاق هذه التدابير, كما جرى استعراض الأزمات الإقليمية والعمل على الإسهام في حلها خاصة الوضع في سورية والعراق, معرباً عن ارتياحه الكبير لهزيمة داعش, مشيراً إلى أن ذلك سيؤدي إلى تحديات جديدة منها السعي لإيجاد حل مستدام وحماية السكان على تنوعهم. وأبان أنه جرى التطرق أيضاً إلى دور إيران وتصرفاتها التي تبعث على القلق، خاصة تدخلاتها في الأزمات الإقليمية, إلى جانب البرنامج الباليستي الإيراني. وقال لودريان "حددنا معاً أسلوب عمل لتتمكن فرنسا من مرافقة المملكة في الاصلاحات الطموحة في إطار رؤية 2030 خاصة في المجال الاقتصادي وتعزيز شراكتنا ليكون ذلك في مصلحة البلدين، حيث سنبدأ من الآن بالعمل على التوصل إلى تحديد أهدافنا في بداية العام المقبل، وذلك من خلال الزيارة التي سيقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى فرنسا. وفيما يتعلق برئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري، أوضح وزير الخارجية الفرنسي أنه سيلتقي الحريري في وقت لاحق، مشيراً إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وجه دعوةً للحريري لزيارة فرنسا. من جهته أوضح وزير الخارجية الجبير أن الحريري يعيش في المملكة بإرادته، وقال إن عودة الحريري للبنان ستكون برغبته وحسب تقييمه للأوضاع الأمنية هناك. وحول دعوة المعارضة السورية للاجتماع في المملكة، أوضح الجبير أن الاجتماع جرى تحديده خلال الفترة من 22 إلى 24 نوفمبر الجاري بهدف التقريب بين أطرافها ومنصاتها لتخرج برؤية موحدة فيما يتعلق بالمفاوضات، وتطبيق إعلان جنيف 1، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2254، ليستطيع المبعوث الأممي ديمستورا استئناف المفاوضات في جنيف وهو ما نسعى إليه، مشيراً إلى أن الدعوات جاري الآن تقديمها للأشقاء السوريين، معرباً عن أمله أن تنجح المعارضة في توحيد الصف حسب الرؤية التي يريدونها لبلادهم والاتفاق على الخطوات القادمة. وبشأن وقف الهجمات على سورية أكد وزير الخارجية الفرنسي أهمية التحضير لحل سياسي في سورية يحترم السلامة لكامل الأراضي السورية، ويحترم مختلف مكونات الشعب السوري وجميع الطوائف. وحول اتهامات المملكة باحتجاز رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري، أكد الجبير أن هذه الاتهامات باطلة وغير صحيحة ولا تمت للحقيقة بصلة، مبيناً أن الرئيس الحريري مواطن سعودي كما هو مواطن لبناني، ويزور المملكة ويعيش فيها بإرادته، ويستطيع أن يغادر متى ما أراد. وحول الأزمة اللبنانية الحالية، أكد وزير الخارجية الأستاذ عادل الجبير أن أساس الأزمة في لبنان هو "حزب الله"، حيث اختطف هذا الحزب النظام اللبناني، وحاول أن يفرض سلطته ونفوذه على لبنان، ويعرقل العملية السياسية فيها، مشيراً إلى أن الحزب أداة في يد الحرس الثوري الإيراني، وتستخدمه في بسط نفوذها، كما يستخدم هذا الحزب في أعمال الشغب في البحرين، مشيراً إلى أنه إذا استطاعت لبنان أن تحجم دور "حزب الله" ستكون بإذن الله بخير، لكن إذا استمر على هذا النهج فسيستمر عدم الاستقرار ويجعل الوضع خطراً في لبنان. وأكد الجبير أن هناك إجماعاً في العالم على أن "حزب الله" يجب أن يتعامل معه بوسيلة أو بأخرى، كما أن هناك إجماعاً أو شبه إجماع أن "حزب الله" منظمة إرهابية من الطراز الأول، ويجب عليه أن يحترم القوانين وسيادة لبنان واتفاقية الطائف وعليه أن ينزع السلاح.