مر في تاريخ الكرة السعودية عدد من النجوم الكبار التاريخيين الذين ما زالت أسماؤهم تعطر سماء الكرة السعودية بعد أن كتبوها بماء من الذهب. فهد الهريفي أو «الموسيقار» كما يحب أن يطلق عليه أنصاره، أحد هذه الأسماء التي ملأت الملاعب الخضراء فنا وعطاء بين فرح وحزن، والفضاء ضجيجا بين متفق ومختلف. رسم عددا من لوحات «بيتهوفن الموسيقية» في الملاعب على مدى أكثر من 16 عاما قضاها بين صفوف الأصفر البراق والأخضر السعودي، حتى انتهت مسيرته في عام 2000، بعد أن أعلن اعتزاله كرة القدم في نهاية وصفت بالحزينة من قبل محبي وعاشقي فنه بعد أن أجبرته الظروف على ذلك. نخيل بيشة ولمن لا يعرف بدايات فهد الهريفي الكروية، فقد كانت في نادي النخيل بمحافظة بيشة كلاعب شاب قضى فيه موسما واحدا عام 1982-1983، قبل أن تخطفه أعين كشافي نادي النصر لينتقل إلى صفوفه وهو لم يتجاوز ال16 من عمره، ليقضي في صفوفه 16 عاما من عام 1984 حتى عام 2000، بعد أن راهن عليه الرمز الأمير عبدالرحمن بن سعود (رحمه الله)، ومنحه المدرب البرازيلي باولو سيزار كربجاني الفرصة للعب في دوري 1404. جاءت انطلاقة الهريفي مع النصر أمام الاتفاق في دوري 1404 بعد أن سجل هدفا، كما شارك مع منتخب الشباب عام 1985 في بطولة آسيا في الإمارات، وقاد شباب المنتخب السعودي في كأس العالم في موسكو، قبل أن ينضم للمنتخب السعودي الأول عام 1986. مسيرة ذهبية حقق فهد الهريفي عددا من الإنجازات الدولية، فقد اختير أفضل لاعب عربي عام 1988، وحقق مع المنتخب الأول بطولة كأس أمم آسيا عام 1988، وكان صاحب هدف الفوز أمام الصين، وكذلك صاحب الركلة الترجيحية الأخيرة أمام كوريا الجنوبية في المباراة النهائية. كما حقق لقب هداف كأس آسيا عام 1992، ونال الحذاء الذهبي، أما على صعيد مشاركاته مع النصر، حقق عددا من الإنجازات، مثل كأس الملك ثلاث مرات وبطولة الدوري مثلها، كما حقق كأس الاتحاد السعودي مرة واحدة وكأس الخليج للأندية مرتين وكأس السوبر الآسيوي الذي سجل فيه هدفا قاد به النصر إلى كأس العالم للأندية في البرازيل عام 2000. كما حقق الهريفي عددا من الأولويات، إذ سجل أول هدف سعودي في كأس العالم للشباب 85، وسجل أول هدف رسمي في تاريخ استاد الملك فهد الدولي 88، وصاحب أول هدف في تاريخ بطولات القارات 92، وصاحب أول هدف في تاريخ بطولة الصداقة الدولية 97، وصاحب أول هدف سعودي في تاريخ كأس العالم للأندية 2000. مر الهريفي بظروف قاسية لم تثن عزيمته على مواصلة المشوار، إذ أوقف عام 92 عن المنتخب السعودي الأول ليعود بعدها إلى المشاركة في كأس العالم 94 بأمريكا، كما أجبر على الاعتزال المحلي لمدة سنتين ونصف عام 96 ليعود بعدها ويقود النصر في كأس العالم للأندية. وعرف عن «الموسيقار» الروح العالية والحماس والقيادة خصوصا في لقاءات الديربي مع الهلال، إذ غالبا ما يتجلى بشكل واضح. ويعد اللقاء الشهير الذي انتهى 4/4 بين النصر والهلال لقاء لا ينسى للهريفي بعد أن أعاد فريقه للتعادل عقب أن كان خاسرا 0/4 حتى آخر 20 دقيقة من اللقاء. تكريم استثنائي ولأن الهريفي نجم استثنائي، فقد أبت الظروف إلا أن تخدمه بتكريم وحفلة اعتزال استثنائية وتاريخية من رجل الرياضة الأول رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ، الذي أعلن تكفل الهيئة بحفلة اعتزال وتكريم الهريفي كمبادرة شخصية منه لنجم خدم الكرة السعودية وناديه ويستحق ذلك، بعد مرور نحو 20 عاما على اعتزاله، ومنحه الحرية بتحديد الفريق الذي سيلعب أمام النصر في حفلة اعتزاله، وسط فرحة ومشاعر غمرت الهريفي بعد أن وجد التقدير من رأس الهرم الرياضي.