الربشة هي سلوكيات تتسم بعدم الاتزان. وسبحان الله أننا نجدها في أغرب الأماكن ومنها على مستوى الذرات. وسأبدأ من الآخر فالعديد من ذرات العناصر الطبيعية تتميز بحالة من الثبات بعضها يصل إلى الملل كما نجد في الغازات «النبيلة». وبصراحة لا علاقة لتلك العناصر بالنبل: الهليوم، والنيون، والأرجون، والكريبتون، والزينون، والريدون، والأوجانيسون، تتميز بدرجة من «شوفة الحال» و«التنبلة» في أقوى أدوارها لأن ذراتها مشبعة بالإلكترونات في حالة الارتياح التام، وبالتالي فهي لا ترغب في التفاعل مع أي من العناصر الأخرى حتى لو «قبلوا أيديها».. فضلا تخيل ذرات تحاول أن تقبل أيدي ذرات أخرى للتفاعل.. ولكن هناك مجموعة أخرى «مربوشة»؛ وتحديدا فمكوناتها ليست «على بعضها» وتريد أن تخرج من الوضع الذي هي عليه. واخترت لكم حال ذرات عنصر «اليورانيوم» وهي الأكبر بين جميع ذرات العناصر الطبيعية. وتتميز بنواة محشورة بداخلها جزئيات لا يكفيها ذلك المكان، ولذا فهي تريد أن تنطلق إلى خارج تلك النواة، وهذا ما تفعله فعلا، ولذا فهي مشعة.. تريد أن تخرج عن طورها.. كل هذه الحركة وعدم الارتياح يولد كمية طاقة رهيبة. ولذا، تريد كل ذرة من ذرات اليورانيوم أن تتخلص من تلك الطاقة في كل لحظة. ولو تجمع العدد الكافي من تلك الذرات المربوشة فستتولد عن ذلك طاقة رهيبة جدا يمكن استخدامها في السلم أو الحرب. في السلم تشكل إحدى مكونات الطاقة النووية كما هو في حال المفاعلات التي تجمع تلك الطاقة، وتطلقها لتسخن كميات هائلة من المياه لتولد البخار، وتدور التوربينات، وتولد الطاقة. وأما في حالات الحرب، فيمكن استخدامها كأحد مكونات سلسلة تفاعلات في القنابل الذرية والنووية. وأكيد أن حالات الربشة لا تقتصر على الكيمياء والذرات والإلكترونات فحسب، فهناك أمثلة أفضل في العديد من الأماكن ومنها في عالم الحيوانات. ففي الشارع الذي أسكن فيه توجد مجموعة عجيبة من «العراري». وهذه الكلمة هي جمع «عُري» بضم العين وهي كلمة جميلة تصف ذكر الهرة «المتعافي» الذي تتغلب عليه صفات القبضاي. وعادة لا تردعه أي أصول سلوكيات وديعة في الكون بأكمله. وجرت العادة أن تلك العراري تتصرف بثقة كبيرة وكأنهم الملاك الحقيقيون للمناطق التي يسكنونها.. وكأن البشر هم الدخلاء على حياتهم. وفي الآونة الأخيرة لاحظت أن بعضا منهم أصيبوا بحالة ربشة شديدة وكأنهم هاربون من العدالة. وقد تكون أذية البشر، أو ربما تأثير تناول بقايا الطعام المشبع بالمواد الكيماوية هي أحد الأسباب والله أعلم. ومن أكثر حالات الربشة التي نتعامل معها بشكل مستمر هي تلك التي يمارسها البشر وخصوصا عند قيادة المركبات. الغريب أن السيارات عندنا صار لها أكثر من 80 سنة، والعديد من الطرق عمرها يزيد على نصف القرن، ومبدأ أن القيادة «فن، وذوق، وأخلاق» من أول من يتعلمه السائق الجديد، وبالرغم من كل ذلك، لا تزال هناك حالة ربشة مرورية يومية وخصوصا عند الدخول والخروج من المدارس وكأن السيارات وجدت بالأمس، وكأن القيادة هي حالة جديدة تم اختراعها بالأمس. أمنية: توجد مؤسسة علمية في الولاياتالمتحدة اسمها سيتي SETI، وهي اختصار البحث عن ذكاء غير إنساني في الفضاء الخارجي Search For Extra Terrestrial Intelligence، وبصراحة لا داعي لتبذير تلك الأموال. الإثباتات أن المخلوقات من الفضاء الخارجي قد تكون موجودة هنا على الأرض، كما ينعكس في بعض السلوكيات المرورية المربوشة كل يوم. أتمنى أن نرفع من مستوى الجدية في التعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة بمستوياتها، وأشكالها، ومقاييسها، ومخاطرها المختلفة. والله يعين الجميع. وهو من وراء القصد.