في خضم سلسلة المشاريع الاقتصادية العملاقة التي تتبناها السعودية، أطلق ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان أمس (الثلاثاء)، مشروع «نيوم»، الذي يمتد بين (المملكة، ومصر، والأردن)، ويقع شمال غرب السعودية، ويشتمل على أراضٍ داخل الحدود المصرية والأردنية، بمساحة إجمالية تصل إلى 26500 كيلومترمربع، ويدعم بأكثر من 500 مليار دولار خلال الأعوام القادمة من قبل السعودية «صندوق الاستثمارات العامة»، إلى جانب المستثمرين المحليين والعالميين. وقد تصل مساهمة المشروع في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030، بل قد تتجاوز ذلك، ومن المتوقع أن يكون الناتج المحلي للفرد في هذه المنطقة الأعلى في العالم. ويتمتع هذا المشروع بعدد من المزايا الفريدة، منها القرب من الأسواق ومسارات التجارة العالمية، ومروره بالبحر الأحمر بنحو 10% من حركة التجارة العالمية، وربط قارات آسيا، وأوروبا، وإفريقيا، وأمريكا مع بعضها البعض، وإتاحة وصول 70% من سكان العالم إلى الموقع خلال 8 ساعات كحد أقصى. ويعد الموقع الجغرافي لمشروع «نيوم» فريدا من نوعه، فهو أكثر برودة من المناطق المحيطة به، إذ تعتبر الحرارة فيه أقل بنحو 10 درجات مئوية من متوسط درجات الحرارة في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، وتعود هذه الظاهرة إلى الطبيعة الجبلية للمنطقة المحيطة بها، إضافة إلى تيارات الرياح القادمة من البحر الأحمر وكون المدينة تقع في الشمال. ويقع مشروع «نيوم» في منطقة غنية بالرياح والطاقة الشمسية، إذ يشكل بيئة مثالية لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة؛ ما يتيح للمشروع أن يتم تزويده بالطاقة وبأقل تكلفة، وتعد المنطقة غنية بالنفط والغاز، إضافة إلى المعادن الطبيعية، وسيسهم استغلال هذه الثروات في تعزيز معايير الاستدامة في مشروع «نيوم» بأقصى ما يمكن. ويقدم المشروع مزايا قيمة للشركات والأفراد، بحيث يلبي حاجات المملكة، ويستقطب أفضل الشركات وأصحاب الكفاءات من جميع أنحاء العالم، وإمكانية الوصول إلى السوق السعودية بشكل مباشر أولا، والأسواق العالمية ثانياً؛ لكون المنطقة مركزا لربط القارات الثلاث. ويمنح المشروع مزايا للأفراد من بينها تأمين بيئة معيشية رفيعة المستوى، وخدمات مدنية قائمة على التقنية في قطاعات الصحة، والتعليم، والنقل، والترفيه وغيرها، والتخطيط العمراني المتطور، وفرص عديدة للنمو والتوظيف، ومعايير عالمية لنمط العيش من حيث الجوانب الثقافية، والفنون، والتعليم. ويعود المشروع على السعودية بمكاسب هائلة، إذ يزيد من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ويعزز أهمية المنطقة عبر تطوير قطاعات اقتصادية تعالج مسألة التسرب الاقتصادي. وسيبنى اقتصاد المشروع على مزيج من القطاعات التقليدية والمستقبلية، مع التركيز بصورة رئيسية على القطاعات المستقبلية؛ بهدف زيادة الصادرات إلى المنطقة والعالم، وسيسهم في خلق فرص عمل في القطاع الخاص، مع تزايد الحاجة إلى العمالة الماهرة تحديدا. ويساهم مشروع «نيوم» في إنجاز رؤية المملكة 2030، عبر محاورها الثلاثة (مجتمع حيوي، وجهة في صدارة مؤشر أفضل مدن العالم ملاءمةً للعيش، وتطوير القطاعات الإعلامية والرقمية التي تساهم في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، والرؤية الحضرية الواعدة لتصبح الوجهة الأكثر استقطاباً للمواهب السعودية والدولية). 9 قطاعات تعالج التسرب الاقتصادي يهدف المشروع إلى تطوير قطاعات اقتصادية رئيسية للمستقبل، إلى جانب القطاعات التي تعالج مسألة التسرب الاقتصادي في المملكة والمنطقة عموما، بحيث تدعم هذه الشركات من قبل صناديق تنموية، وقد تم تحديد تسعة قطاعات اقتصادية رئيسية لتعزيز الحضور الاقتصادي للمشروع، تتمثل في مستقبل الطاقة والمياه، التنقل، والتقنيات الحيوية، والغذاء، والتصنيع المتطور، والإعلام والإنتاج الإعلامي، والترفيه، والعلوم التقنية والرقمية، والمعيشة. وترتكز الرؤية الحضرية للمشروع على ستة توجهات رئيسية سيتم تطويرها بالكامل ضمن مشروع «نيوم»، وهي التركيز على الإنسان بالدرجة الأولى، بتوفير سبل العيش المريح مع بيئة مثالية تشجع على الحركة، وتولد لدى قاطني المشروع إحساسا عميقا بالانتماء للمجتمع. ويوفر المشروع لسكانه مرافق التنقل مشيا على الأقدام أو باستخدام الدراجات الهوائية، إضافة إلى توفير أفضل البنى التحتية للنقل التي تتبنى تقنيات المستقبل، وأتمتة الخدمات (الحكومة الإلكترونية)، وستكون خدمات حكومة «نيوم» مؤتمتة بشكل كامل وسهلة الاستخدام، إضافة إلى الرقمنة التي تعني التوسع خارج نطاق العمل المادي إلى العالم الافتراضي عبر توفير خدمات رقمية سريعة ومجانية للمواطنين. 70 مليار دولار من إيرادات «المستوردة» ستعود من أهم المكاسب الرئيسية للمشروع إعادة توجيه التسرب في الاقتصاد السعودي مجددا إلى البلاد، ومن شأن القطاعات التي ستطور أن تعيد نحو 70 مليار دولار من إيرادات السلع المستوردة حاليا من الخارج مع إمكانية إنتاجها في مشروع «نيوم» مثل السيارات، والآلات، ومعدات الاتصال، وسيوفر المشروع فرصا إضافية أمام المستثمرين السعوديين في القطاعات التي لم تكن متاحة في المملكة. ويتميز المشروع ببنية تحتية تحاكي المستقبل، وتضع الإنسان على رأس الأولويات وتخضِع التقنيات الحديثة لخدمته ليعيش المستقبل، وإعادة توجيه الإنفاق السعودي في الخارج نحو مشروع «نيوم» بشكل غير مباشر، إذ ينفق السعوديون مبالغ ضخمة على السياحة تقدر ب 15 مليار دولار، و12.5 مليار دولار على الرعاية الصحية، والتعليم 5 مليارات دولار، والاستثمارات في الخارج 5 مليارات دولار.