في مقالتين متتابعتين كتب الزميل جميل الذيابي تحت عنوان (العائدون من داعش)، وهما مقالتان استكمل بهما ما كتبه سابقا تحت عنوان (شياطين تدار بالريموت) و(ما بعد تورا بورا).. وقد سدد وأصاب في إيقافنا على فجيعة ماذا سوف نصنع أمام مصاصي الدماء العائدين ؟ والفجيعة ليست خاصة ببلد دون آخر؛ إذ إن المجتمع الدولي وكأنه استيقظ فجأة عما سوف تؤول إليه الحياة بعد هزيمة داعش في العراق وسورية.. نعم، سبقت التنبؤات عما يمكن أن يحدث وظهرت أربع تخمينات هي: تزايد خطر الهجمات المباشرة في دول مختلفة أو أن يتجه مقاتلو داعش إلى مناطق صراع جديدة أو عودة نفوذ تنظيم القاعدة أو أن تتم ولادة تنظيم جديد من رحم داعش.. وهذه التكهنات لا تحمل بشارة أو حلا لما يمكن له تعطيل هذه القوة الباحثة عن الدم والموت، ولأن تنظيم داعش بلغ أعداد المنتمين له إلى عشرات الآلاف ولكل دولة نصيب من هذا العدد كمواطنين سيسعون للعودة إلى بلدانهم، وهذا يعني أن كل نقطة في العالم قابلة لأن تكون مسرحا لعمليات إرهابية، فعودة هذا العدد المهول من أرض المعارك يمكن أن يتحول كل فرد فيه إلى (ذئب منفرد). هذا إذا تمت عودة كل داعشي إلى موطنه سرا أو رسميا... ويمكن تخفيف خطر العودة بالحبس واستصلاح الفرد منهم (وهذا يؤجل وقوع الفجيعة بعض الوقت)، إلا أن احتمالية التوجه إلى مناطق صراع قديمة أو مستحدثة هي الأقرب للحدوث والتناسل أو التناسخ هو سمة التيارات المتشددة منذ أن ظهرت، وأي عملية تناسخ سوف تكون دموية كما أفرز أول رحم لهذه المجموعات.. فالدم هو شعارهم.. إذن أي الأماكن أقرب لأن تكون المأوى الجديد لمصاصي الدماء ؟ هناك أماكن مرشحة لانتقال الدواعش مثل: ليبيا واليمن والصومال ونيجيريا، أو يمكن اختيار وتهيئة بلد جديد من خلال الخلايا النائمة في صفقة تحالفات بين التيارات الدينية المتطرفة، وهذا الأمر يحتاج لبعض الوقت لإثارة الفوضى وإدخال البلد الجديد في صراع أهلي ثم الانقضاض على السلطة، فأي بلد جديد سوف يكون الحاضن لهذا التنظيم الإرهابي ؟ وكما أفقنا ووجدنا القاعدة وداعش وبقية التيارات الإرهابية يمكن أن نستيقظ على إعلان تواجد الدواعش في بلد لم نكن نتوقع ظهورهم فيه.. وهذا التخمين (بإيجاد بلد جديد) يمكن استنباطه لما تمت مشاهدته في العراق وسورية، حين كانت تفتح ممرات آمنة للدواعش لكي ينتقلوا من محافظة إلى أخرى ومن موقع لآخر، وهذا يعنى أن اللعبة يتم التهيؤ لها ولم يتم اختيار الملعب القادم.. فالدول الأوروبية لها تسعة آلاف مقاتل في داعش ولن تسمح بعودتهم إلى الديار وإنما ستبحث عن توفير مكان لبقاء مواطنيها الإرهابيين فيه من غير (وجع الراس).. وأعتقد أن جميع الدول سوف تبحث عن مناطق رخوة لتحويل فوج الإرهابيين إليها على أن تتم مراقبتهم وخوض الحرب ضدهم في مكان يظل تحت العين.. وهذا يعني أيضا استمرارية الإرهاب والقتل والدمار.