لم يطل أمد انتظار المثقفين وترقبهم لمن يتولى قيادة دفّة هيئتهم الوليدة التي صدرت موافقة مجلس الوزراء على هيكلتها التنظيمية منذ سبعة أشهر، إذ أصدر وزير الثقافة والإعلام رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للثقافة الدكتور عواد العواد، أمس (الثلاثاء)، قرارا بتعيين المهندس أحمد بن فهد المزيد رئيساً تنفيذيا للهيئة. ويتوقع متابعون أن ينطلق المزيد في عمله بصفته المسؤول عن إدارة شؤون الهيئة، باختيار فريق عمله، وتعيين منسوبي الهيئة وفقا للوائح المنظمة لذلك، واقتراح هيكل الهيئة التنظيمي، واقتراح سياسات ونشاط الهيئة، ووضع الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذها، إضافة إلى إعداد اللوائح الإدارية والمالية التي تسير عليها الهيئة، واللوائح الداخلية، والإشراف على إعداد تقرير الهيئة السنوي ومشروع ميزانيتها وحسابها الختامي، وإعداد التقارير الخاصة بتنفيذ خطط الهيئة وبرامجها، والتوقيع على الاتفاقيات والبروتوكولات بعد موافقة المجلس، ووفقاً للإجراءات النظامية المتبعة، وتمثيل الهيئة أمام القضاء، ولدى الجهات الحكومية والمؤسسات والهيئات الأخرى ذات العلاقة، وغيرها من الجهات داخل المملكة وخارجها، والصرف من ميزانية الهيئة، واتخاذ جميع الإجراءات المالية وفقاً للأنظمة واللوائح المقرة، والتعاقد لتنفيذ الأعمال والخدمات وغيرها، وفقاً للأنظمة والصلاحيات، وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ الأحكام الواردة في هذه الترتيبات واللوائح الصادرة، بحسب الصلاحيات المخولة له. كما نصّت على ذلك مواد تنظيم الهيئة. وبما أنه لم يعتد المثقفون طيلة أعوام خلت على اختيار قيادات ثقافية من خارج «كار» المثقفين، وفيما يحجم البعض من المثقفين المخضرمين عن التفاؤل بمستقبل الهيئة، يتطلع الجيل الشاب من المثقفين إلى إحداث نقلة نوعية في الفعاليات والبرامج الثقافية بكل معطياتها كون الرئيس المزيد محسوباً على فريق «التكنوقراط» ومؤهلاً لنقل ثقافتنا من الريعية إلى الخصخصة. من جانبه، عد رئيس أدبي نجران سعيد آل مرضمة، أن تعيين المزيد مغر بالمتابعة باعتبار أنه يمكن أن يكون على صلة وثيقة بالثقافة ومتابع جيد للمشهد، موضحا أننا في زمن لم يعد اختيار الأشخاص أو القيادات خاضعا لاعتبارات شخصية أو ذاتية، مؤكدا أنه ينحاز إلى التفاؤل بمستقبل الثقافة. فيما يرى الروائي عمرو العامري، أن الغالب على المثقفين عجزهم عن إدارة العمل الثقافي، مبديا تفاؤله بشخصية «تكنوقراطية» مؤهلة لإدارة الفعل الثقافي بحكم تخصصها، مشيرا إلى أن سقف أحلام وطموحات المثقف عالية جدا في حين أن «التكنوقراط» أكثر واقعية. من جهته، أوضح الروائي أحمد الدويحي أن الحكم على قرار تعيين مسؤول للثقافة ما زال مبكرا، مشيرا إلى أنه يقف ضد حوكمة الثقافة من جهة وضد تسليعها من جهة أخرى، مبديا تحفظه على دخول الأكاديميين للمؤسسة الثقافية، وداعيا إلى منح المزيد فرصة الكاملة في العمل والحكم على تجربته. ويرى الإعلامي الأكاديمي الدكتور محمد العوين أن نظام الهيئة حدد أهدافها بصورة جلية ما يمكنها معه من الانطلاق في عملها بقوة وثقة لتحقيق أهدافها، مؤملاً أن يشهد قطاع الثقافة في المملكة تطويراً يرتقي بجميع عناصره ومقوماته وإمكاناته، ويسهم في رعاية المواهب الثقافية، ويعزز التنوع الثقافي والتلاحم الاجتماعي، مشيراً إلى أن حالة التشابك واختلاط أدوات العمل بين الإعلام والثقافة، شتتت الجهود ورجحت الكفة فيها لصالح الإعلام على حساب الثقافة ما انعكس جليا على خفوت صوتنا الثقافي في الداخل والخارج وبطء حراكه، لافتاً إلى أن النقص الحاد في كوادر العمل الثقافي، أثقل كاهل الوزارة منذ أن ضمت الثقافة إلى الإعلام بتاريخ 1424 ولم تستطع طوال ما يقرب من 15 عاماً إيجاد آليات عمل واضحة لفك الاشتباك بين الإعلامي والثقافي، واستقطاب الكفاءات المميزة القادرة على إدارة وتنفيذ الخطط الثقافية. وأكد العوين على أنه في هذه المرحلة المهمة من تاريخنا الوطني المتميز بالتحدي والإصرار على تحقيق الصورة المبهرة الطموحة للوطن في رؤية 2030م والتحول الوطني لصياغة آليات عمل لتحقيق تلك الرؤية 2020م وما تحتمله قيادة الوطن من أداور شجاعة لا بد أن ينهض المثقفون بأدوارهم وفق إستراتيجية واضحة، لإبراز الصورة الحقيقية وتجلية المبادئ والقيم والثوابت التي تنطلق المملكة منها في سياساتها، وإبراز روح التسامح، وإظهار صور الإبداع الفكري والأدبي والفني، والتعريف بالقدرات والكفاءات العلمية المميزة، وإيصال الصوت السعودي المثقف والمبدع والمتنور إلى المنابر الأكاديمية ومراكز صناعة الرأي وإلى المحافل الإعلامية العالمية، وطباعة ونشر المؤلفات السعودية الرصينة والمميزة وتيسير وصولها إلى القارئ العربي والعالمي في المعارض الدولية وفي المكتبات وفق تنسيق عملي مع دور النشر والتوزيع. ويعد المهندس أحمد المزيد من الخبرات الوطنية المتميزة، كونه خريج الهندسة الصناعية في كلية (ميلوواكي) في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وحاصلاً على الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وعمل في مناصب قيادية في العديد من الشركات منها: بروكتر أند جامبل، ولوسنت تكنولوجيز، وشركة الاتصالات السعودية، وشركة ثروات القابضة. وحضر مجموعة من الدورات التنفيذية في جامعة ستانفرد وجامعة هارفرد وكلية MIT وجامعة كولومبيا في الولاياتالمتحدةالأمريكية.