دائمًا ما أتساءل: لماذا نستغرب ونثور إن رأينا مشهورًا أخطأ، لمَ نستنكر عليه عادات إنسانيةً «كالخطأ»؟ أسمع أحيانًا تساؤلاتٍ من البعض: كيف له أن يفعل ذلك بينما هو بهذه الشهرة؟ وكيف يقوم بهذا وهو مشهور؟ عذرًا ولكن متى كان المشهور نبيًا، متى كانت الشهرة دليلًا على النزاهة؟ وكأننا بذلك نرغم المشاهير على أن يمثِلوا علينا، وأن يوهمونا أنهم لا يرتكبون الخطايا، لماذا لا نتقبلهم كما هم ونقبل حقيقة أنهم بشر يصيبون ويخطئون؟ لماذا نحرمهم من ممارسة أبسط حقوقهم؟ نعتقد نحن أن المشهور لابد له أن يكون قدوة ولابد أن يكون منزهًا من كل عيب، نجبره على الخروج أمامنا بصورة المثالي الكامل وكأننا نستمتع عندما يكذب علينا، نجعله يبرر لنا كل صغيرة وكبيرة وكأننا أوصياء عليه، متى نستوعب أن المشهور مهما اشتهر سيظل إنسانًا مرة يفعل الأشياء بطريقة صحيحة ومرة بالطريقة الخطأ؟ لماذا لا نجعل المشاهير يعيشون كما يريدون لماذا نشكّلهم كما نريد ونحثهم على التكلف والتصنع وعلى أن يكونوا بالإجبار قدواتنا؟ قبل مدة شاهدت لقاءً لأحد المشاهير، يسأله المذيع عن فعلٍ ارتكبه، وكأنه يحقق معه، ومسكينٌ ذلك المشهور أخذ يبرر بتوتر، وكأنه وقع عقدًا بعدم فعل أي شيء قد يعتبره المجتمع خاطئا، وكأنه وقع عقدًا بأن لا يفعل إلا ما يرضينا! نسمح للجميع أن يخطئ ماعدا من اشتهر، فحياته فجأةً صارت ملكنا، يرددون هذه العبارة كثيرًا، «حياة المشهور ملكٌ للجمهور»، لمَ تصبح حياته ملكًا لكم؟ ما الذي فعله كي تكون حياته كذلك، ذنبه الوحيد أنه اشتهر، فهل نعاقبه على هذا؟ ولا تخبروني أن للشهرة ضريبة، فمن غير الممكن أن تكون الضريبة هي تجريده من طبيعته البشرية، وإرغامه على أن يفعل كل شيء بالطريقة الصحيحة وبالطريقة التي تعجبنا، وكأننا قد ولينا عليهم، نحاسبهم ونحدد مصائرهم حسب ما تهوى أنفسنا وحسب ما نؤمن به نحن، متناسين أن المشهور بشرٌ مثلنا، فكما لنا قناعات له كذلك وجميعنا نخطئ، وربما يكون هو المحق ونحن من على خطأ.. فدع المشهور يخطئ كما تخطئ أنت مادام لا يضرك، دعه يعش بشريته، فهو ليس نبياً ولا ملَكاً، إنه مثلك ومثلي إنسان، ولا تقدسه حتى لا تنصدم إن ارتكب بعض الخطايا، ولا تلمه إن أخطأ، فأنت من اعتقد أنه معصوم عن الخطأ، ثم إن الله يغفر لكل بشر فمن أنت كي لا تغفر لشخصٍ لأنه اشتهر.