لبى الجماعة استغاثة نسائية (افزعوا يا الفزاعة) من كان في الوادي وصل مبكراً، ومن كان في بيته خرج يجر الخُطا، مردداً «الله يسمّعنا خيرا». وصل أبو شرف أولاً، وإذا حمدان متبنّق جمعان، ومحكم قبضته على عنقه، وكل منهما يزفر ويردد «فك وأفك» حشر نفسه بينهما بمساعدة زوجة جمعان وخلص المخنوق من خانقه. التم الحكماء والمصلحون في مجرة البئر، فيما النساء محيطات بالجمع، بعضهن تحمل رضيعها، وبعضهن عين على الدار، وعين على الوادي. طلب كبيرهم من جمعان يخبرهم عن سبب المضاربة، فقال: يا كبيرنا هذه البئر ورث لحمة المصاريع. تركوها الشيبان في روسنا، وما يجوز واحد يستأثر بمائها، وابن عمي حمدان ما يلام اقترب من رأس البئر، وكلما حوّمت نفر فيّه، وآخرها اليوم، تطاول عليّه قدام مرتي، وعليّ الطلاق لو ما هي حشمتكم ليختلط شرّي بشرّه. تغامز بعض الحضور الساخر، فيما قال الكبير: وأنت وش تقول يا حمدان، فطلب من ولده سحيم يسقيه بالطاسة من الفلج، وبدأ يتجغم الماء، ويدير نظره في الجماعة، واخترج مسواكاً من كمره، وبدأ يلجغ في المسواك ويتف على من حوله لا شعوريا. قال واحد جنبه «اللهم حوالينا ولا علينا» تضاحك مجموعة فانتهرهم العريفة: خاب لُقّك أنت وإياه عليش تضحكون يا الهدس. كتموا ضحكاتهم وراء أشمغتهم. استعاد حمدان حبل الحديث، وقال: يا كبيرنا ما يخفاك أنت ولقاة الخير أن بلادي كثيرة. تجي لها محرثة نهارين، وابن عمي جمعان ما معه إلا شطي، وافتني كلما ركّبت العداد جاء يسعى هو وأم خنافر مرته، وأنا أعرف أنها هي اللي تدزدزه فوقي، وحضوركم وقدركم كبير، وما تقولونه تطولونه. انفرد العريفة بثلاثة من أولي الشور، وقرروا قسمة الشِرب يوم ونص لحمدان، ونص يوم لجمعان، وردد الجميع قالها الله. في يوم شِرب جمعان، وبينما كان يدرّب ابنه على تركيب العداد، وهو يردد «إذا شريت الثور قل له يا به، يغنيك عن طلابة القرابة» فزع الثور من قطة سوداء انتزت من العراق، فاستدار بقرونه الحادة، وصاح الصايح. علمي وسلامتكم. Al_ARobai@