ينتظر المثقفون السعوديون بفارغ الصبر صدور اللائحة الجديدة للأندية الأدبية بعد أكثر من (50) يوما مضت على رفعها من قبل اللجنة المشكلة من وزارة الثقافة والإعلام لإعادة صياغتها بعد الانتقادات الكبيرة التي لاقتها اللائحة الأولى من قبل غالبية المثقفين والأدباء. يأتي ذلك في وقت تعيش فيه الأندية الأدبية وضعا غير مستقر بعد انتهاء فترة التمديد من قبل الوزارة نهاية شهر ذي القعدة الماضي، لتواصل مجالس إدارات الأندية عملها كمتطوعين دون أي تحرك من الوزارة، سواء بتمديد التكليف أو الإسراع باعتماد اللائحة الجديدة لبدء العمل فيها. وعلى الرغم من إفلات نادي الرياض الأدبي من بنود اللائحة الجديدة المنتظرة بعد إجراء الانتخابات قبل شهر رمضان الماضي، فإن (13) ناديا آخر ينتظرونها لتشكيل مجالس إدارتها. وكان المثقفون قد استبشروا بحديث وزير الثقاقة والإعلام الدكتور عواد العواد الذي أعلن فيه خلال لقائه بهم في نادي جدة الأدبي عن تشكيل لجنة خاصة لإعادة النظر في لائحة الأندية الأدبية، واعدا بتطبيق معظم ما يرونه. وقال: «لا نريد أن نكون بيروقراطيين، بل نريد أن نعطي الأندية الأدبية صلاحيات أكبر وحرية أفضل لكي تتحرك وتعمل، فأنا لا يهمني إلا المنتج النهائي، والأندية الأدبية لن يصنع لائحتها وبرامجها ونظامها الإداري أفضل منكم، ومهم جداً أن تكونوا حاضرين في هذه اللائحة». «عكاظ» طرحت القضية على طاولة النقاش، متسائلة عن مصير اللائحة الجديدة وأسباب تأخيرها، وموعد صدورها، ومصير مجالس الأندية الأدبية بعد انتهاء تكليفهم، وخرجت بتوصيات المثقفين في سياق التحقيق التالي: المشرف على الشؤون الثقافية بالوزارة: تأخيرها للمصلحة العامة.. وسنمدد للمجالس الكل يتساءل عن مصير لائحة الأندية الأدبية الجديدة بعد رفعها للوزير من قبل اللجنة المشكلة، «عكاظ» توجهت لوكيل الوزارة للشؤون الثقافية والإعلامية الدكتور ناصر الحجيلان الذي أحالنا بدوره للمشرف العام على الشؤون الثقافية عبدالرحمن العاصم. إذ أوضح العاصم أن اللائحة مازالت تحت العرض في مكتب الوزير، مبررا سبب تأخيرها لمراجعتها بشكل كامل ومناقشة بعض الملاحظات عليها، وعرضها على اللجنة القانونية في الوزارة ومن ثم المثقفين لضمان خروجها بشكل يوازي طموحات ورغبات المثقفين. وشدد العاصم على حرصهم بأن تحقق اللائحة الجديدة المصلحة العامة وتطلعات المثقفين وتكون نموذجية وخالية قدر الإمكان من الثغرات والملاحظات التي صاحبت اللائحة الأولى. ولفت إلى أن اللجنة عدلت على بعض البنود، خصوصا حول العضوية في الأندية الأدبية، وطريقة الانتخابات التي تعتمد على التكتلات وغيرها من الملاحظات التي أشار إليها المثقفون، مشددا في الوقت نفسه على أهمية وعي المثقف بانتخاب الأفضل، دون النظر لاسمه أو صلة قرابته أو قبيلته. وأفاد العاصم إلى أن اللائحة أيضا تعطي المجال للوزير للتدخل في حال وجود خلل ما في الأندية أو الانتخابات لضمان سيرها بشكل صحيح وإيجابي. وحول مصير مجالس إدارات الأندية الأدبية بعد انتهاء فترة تمديدهم في نهاية شهر ذي القعدة الماضي، أوضح أن هناك توجها الأسبوع القادم لإعلان التمديد للمجالس من جديد حتى مراجعة اللائحة الجديدة من كل الجوانب، واعتمادها من قبل الوزير بشكل رسمي لبدء الانتخابات وهذا ما يتطلب مزيدا من الوقت.وعلل العاصم رغبة الوزارة في التمديد حتى لاتبقى الأندية في فراغ إداري بعد انتهاء التمديد الأخير، خصوصا في ظل حاجتهم لوقت إضافي لمراجعة اللائحة وتعديل الملاحظات من قبل القانونيين والمثقفين. المشرف على لجنة مراجعة اللائحة.. القاضي: نتابع مع وزير الإعلام لسرعة إصدارها يقف المثقفون في طابور المنتظرين للائحة الأندية الأدبية الجديدة، لكن ثمة استفهامات يطرحونها حول اللجنة المشكلة من قبل الوزارة لمراجعة اللائحة القديمة وإعادة صياغتها والذين يبلغ عددهم ثمانية من المثقفين والمثقفات. وهل دورهم ينتهي فقط عند مراجعة اللائحة ورفعها للوزير، أم أنهم يتواصلون معه لسرعة اعتمادها، وماهي أبرز البنود التي عدلوها. وفي الوقت الذي اعتذر معظم أعضاء اللجنة بالإفصاح عن البنود التي تم تعديلها، تصدى المشرف على اللجنة الأديب والكاتب حمد القاضي للأسئلة، مبينا أن اللجنة انتهت من مراجعة اللائحة قبل الحج ورفعتها للوزير، منتظرة إقرارها واعتمادها بشكل رسمي. واكتفى القاضي بإجابة دبلوماسية دون الخوض في تفاصيل أبرز التعديلات التي طالت اللائحة، مشيرا إلى أنهم قد أخذوا بالاعتبار ملاحظات المثقفين. ووعد بأن تلبي اللائحة الجديد رغباتهم، وتضمن مزيدا من الحراك والمرونة للأندية الأدبية ما يسهم في تطوير عملها. والتمس القاضي العذر للوزير بتأخر اعتماد اللائحة بسبب انشغالاته الكثيرة خلال الفترة الماضية مع قدوم الحج والأحداث السياسية المصاحبة، مفصحا عن تواصله الشخصي مع الوزير لمتابعة التطورات حيال اعتمادها. وشدد عضو مجلس الشورى السابق على أن اللجنة عقدت اجتماعات مكثفة خلال شهر رمضان الماضي لدراسة اللائحة وإجراء التعديلات عليها وفق رغبات المثقفين، آخذين بالاعتبار جميع الإيجابيات والسلبيات للائحة القديمة، مستفيدين من جميع الملاحظات، ومن ثم رفعها للوزير بانتظار مصيرها خلال الأيام القادمة. .. ورؤساء لوزارة الثقافة: «40» يوما نعمل كمتطوعين.. مددوا لنا (40) يوما و الأندية الأدبية تعيش في الوقت الحالي فراغا كبيرا بعد انتهاء فترة تمديد مجالس الإدارة نهاية شهر ذي القعدة، في وقت لم تزل لائحة الأندية الجديد تحت المراجعة ما دفع رؤساء الأندية للتساؤل عن مصيرهم. بينما تحرك آخرون لمراسلة وزارة الثقافة والإعلام، مطالبين بتحديد مصيرهم، خصوصا أن هناك ضبابية حيال اللائحة والانتخابات المقبلة وهو ما أشار إليه رئيس نادي الحدود الشمالية ماجد المطلق، مبينا أنهم خاطبوا الوزارة للتمديد لهم حتى صدور اللائحة. وقال:«منذ انتهت فترة التمديد لنا، وأصبح وجودنا غير قانوني، وهو ماسيعيقنا عن ممارسة مهامنا، حتى البنوك لم تعد تعتمد توقيعنا، ما اضطرنا للصرف من جيوبنا الخاصة على المناشط وآخرها كان احتفالات اليوم الوطني». مطالب الوزارة بتحديد مصيرهم، فإما التمديد لهم أو تشكيل مجالس جديدة إما بالانتخاب أو التعيين، مؤكدا «أن تأخر صدور اللائحة سبب لهم إرباك لأعضاء مجلس الإدارة والجمعية العمومية». مطلب المطلق: وجدت تأييدا من رئيس نادي الأحساء الأدبي ظافر الشهري، الذي أكد على أنهم يعلمون بشكل تطوعي بعد انتهاء فترة تمديدهم. رافضا فكرة ترك الفراغ الإداري بالأندية الأدبية، ومشددا على أنهم عازمون على مواصلة رسالتهم كمتطوعين، مستشهدا بإقامة فعاليات ضخمة بمناسبة اليوم الوطني في الأسبوع الماضي تمت دعوة إليه أكثر من (60) مثقفا من جميع مناطق المملكة ورؤساء الأندية الأدبية ولفت الشهري إلى أنه أوقف مكافآت الإداريين في النادي، وهم مواصلون عملهم كمتطوعين بانتظار قرار الوزارة بالتمديد أو عمل انتخابات لتشكيل مجالس جديدة. فيما فضل رئيس نادي الباحة الأدبي حسن الزهراني التريث وعدم مخاطبة الوزارة، معللا ذلك بأنه يدرك أن القائمين على الشؤون الثقافية بالوزارة حريصون على استمرارية مناشط الأندية الأدبية، لذلك فهم سيحسمون الأمر، إما بالتمديد ريثما تصدر اللائحة الجديدة أو إجراء الانتخابات. المثقفون غير متفقين.. بين الانتظار ومطالب السرعة بالإصلاح والتعديل لم يتخذ المثقفون موقفا موحدا تجاه اللائحة الجديدة المنتظرة للأندية الأدبية، فالبعض طالب التريث حتى صدور اللائحة، فيما رأى آخرون أن هناك تأخرا في صدورها، مبدين خشيتهم من صدورها بشكل مخيب لآمال المثقفين. وطالب الأديب والناقد المخضرم الدكتورعبدالله الغذامي بالتريث والصبر حتى صدور اللائحة، ملتمسا العذر للوزير لحداثة عهده بالوزارة، إذ يحتاج فترة زمنية كافية، خصوصا في ظل تعاقب الوزراء بالآونة الأخيرة على الوزارة. ورفض الغذامي الحديث عن اللائحة في الوقت الحالي، وقال: «نحن نتكلم عن الواقع وليس عن المستقبل والأفضل الانتظار حتى صدورها، ثم إبداء الرأي فيها». فيما رأى الدكتور عبدالله الزهراني: «أن أهم ما يمكن الآن التركيز في اللائحة ونطالب فيه هو المبدع المنتج وإن من كان كذلك يحب أن تشمله اللائحة». وأشار إلى أن حكاية الشهادة اللغوية بدون معرفة أبجديات الإبداع والحركة الثقافية يجب أن يوضع لها حد، إذ سيتسلل لمجالس الأندية المجاهيل والشللية، مما يعني تردّي الثقافة، متمنياً أن ينظر إلى أن من كان في سنوات مضت في الأندية أن يفسح المجال لجيل آخر. وكان الشاعر عبدالرحمن موكلي قد أبدى عددا من الملاحظات حول اللائحة القديمة، مطالبا بتعديلها في اللائحة الجديدة، إذ قال قرأت اللائحة ووجدت مشكلة بالتفصيل، فمثلا عندما تقول المادة الخاصة بالعضوية: توفر أحد الشرطين التاليين: «أن يكون حاصلا على مؤهل علمي يتصل باللغات وآدابها، أن يكون قد أصدر كتابا أدبيا مطبوعا أو أكثر، على أن يكون مفسوحاً نظاماً، الفقرة الأولى تدخل غالبية الجامعيين الحاصلين على الدراسات الإنسانية، وقد يصل عدد الأعضاء إلى ألف وأكثر في بعض المناطق، أما في ما يتعلق بالفقرة الثانية فيوجد عدد من الأدباء المعروفين من لم يطبع حتى الآن، ولا يحمل مؤهلاً جامعياً في اللغات، وهنا يخرج من دائرة النادي بحكم اللائحة!».