كثير من الأحيان حين تشاهد حدثا ما فإن ذاكرتك تنشط فجأة وتقفز بك لتحضر لك قصة قديمة تكون مشابهة لهذا الحدث الحالي، وهذا هو ما حصل فعلا حين سمعت أن قطر تهدد بأنها ستنسحب من منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربي. لقد تذكرت قصة ذلك الرجل البدوي الذي كان ولده الصغير ينام دائما في حضن والده طمعا بدفء الفروة، وكان والده يتحمل تحرك ولده المتكرر أثناء النوم وكل ما يحدث منه، وكان الولد يعتقد أن والده سعيد بنومه معه، حتى أتى اليوم الذي غضب الصغير من والده فقال له: «ترى ما راح أنام معاك». فضحك الأب وقال له: «وش راح أفقد منك غير ريحتك الشينة»، فذهبت مقولته كطرفة نتذكرها كلما فرحنا بفراق أحدهم، وقد تذكرت تلك القصة برغبة قطر الانسحاب من المنظومة الخليجية، فحال قطر مع دول الخليج العربي مطابق تماما لحالة الرجل مع ولده الصغير، فماذا سنفقد منهم غير الراحة. وقبل أن نعرف ماذا سنفقده من قطر، علينا أن نبحث عن ماذا كسبنا منهم أولا وبكل صراحة وشفافية لم أجد أي مكسب وأصبح ينطبق عليهم مقولة: «ثقل بلا دفا»، وكل ما كسبناه هو تدخلهم بالمشاكل الداخلية في كل دول الخليج، بحجة الإعلام، فأين إعلامهم عن البلاوي لديهم. هناك بيت من الشعر قديم يقال إنه لشاعرة بدوية حين فارقت زوجها فقالت عن فراقه هذا البيت الجميل «فرقا اللي فرقاه تلهدني ** ولا أنت فرقاك عن حجة»، فتقول لن إنها ستغضب على فراق من تحس بفراقه باللوعة، ولكن فراق من كرهته يعادل حجة لمكة المكرمة. أدام الله مجلس التعاون بدون تدخل البلدان بمشاكل بعضها، ولا دام من يريد التكسب بمشاكل جيرانه تحت أي ذريعة.