المهلة انتهت والأنفاس حبست، جاء التمديد فتفاءل البعض خيراً، معتمدين في حسن ظنهم على معرفتهم بحسن سياسة أمير الكويت، وقدرته على صنع المفاتيح لمختلف الأبواب الموصدة، ولكن مع بداية المهلة خرج الرد القطري السلبي إلى الإعلام، في إحراج آخر للوسيط بعد الإحراج الأول بإظهار الشروط للإعلام. هل تحويل القضية لموضوع إعلامي، قد يحرج الدول الأربع ويخلق رأيا عاما مناصرا لرؤية قطر، يبدو أن هذا ما ظنه من يعتقد أن الجزيرة مرادف السياسة، قال وزير خارجية قطر إن ردهم هو الرفض، وأن هذا أمر لم يختلف منذ اليوم الأول للأزمة، فكان السؤال لماذا إذا قبلت وساطة الكويت، ولماذا هذا التعاطي الإعلامي المحرج للكويت، وكأن الكويت أصبحت خصم النظام القطري لا الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب. التعاطي الإعلامي القطري لم يعد فقط لفترة التسعينات الميلادية، بعد انقلاب الأمير الوالد على والده، بل عاد لفترة الستينات الميلادية من القرن الماضي، حين كانت البطولات تتحقق من خلف المذياع، والانتصارات تختزل في مانشيتات الصحف، فكان أن سميت الهزيمة آنذاك نكسة، واليوم تسمى المقاطعة من قبل الإعلام القطري الرسمي والتابع حصارا. ولا يمكن أن نعرج على الستينات، ونتناسى مصطلح «الإمبريالية»، حيث الغرب هو سبب شرور الشرق الأوسط، وهو المحرك لكل دولة خصم للزعيم، وبالتالي اشتغلت الماكينة القطرية على هذا اللحن، وحين نقول قطريا فنحن نقصد على مستوى التمويل والمرتزقة، أما على مستوى العناصر فلم يتجاوز من يمثلون الإعلام القطري أصابع اليد الواحدة. وتحركت هذه الماكينة لتقول إن هذا التحرك إنما هو أجندة أمريكية ترمبية، وبالتالي ربط بين قمة الرياض وهذا التحرك من الدول الأربع المكافحة للإرهاب، متجاوزين ما أقره النظام القطري في اتفاق الرياض 2013، وما استتبعته الاتفاق التكميلي في العام 2014، علما أن الاتفاقين تما في فترة الرئيس السابق باراك أوباما، والذي كان عراب الاتفاق النووي مع إيران، ودعم وصول الإسلام السياسي للحكم في مصر وتونس وغيرها، ونظام الملالي وتنظيم الإخوان المسلمين حركتا إسلام سياسي على علاقات أكثر من جيدة مع قطر لأكثر من عقدين. بل من المضحك أن الإعلام القطري حاول أن يوحي أن ترمب دعم تحرك السعودية تحديداً بعد صفقات بين واشنطنوالرياض والتي تمت في القمة، في حين احتفل الإعلام القطري بالنصر المجيد بعد أن وافق البنتاغون على صفقة شراء قطر لطائرات مقاتلة من طراز إف 15 بقيمة بلغت 12 مليار دولار، في اتفاقية وقعها وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس مع نظيره القطري خالد العطية. هذا الرجم بالانقياد وراء الغرب والسعي له على حد سواء استمر في حالة التعليق على المؤتمر الصحفي لوزراء خارجية الدول الأربع في القاهرة، حيث ربط إعلام قطر بين خروج مؤتمر الوزراء الأربعة دون قرارات جديدة، والاتصال الهاتفي بين الرئيس السيسي والرئيس ترمب، وأن ترمب طلب من السيسي أن لا يتم التصعيد نحو قطر، وبعيدا عن بديهية أن الدول الأربع لم تأخذ قرارا بعقوبات جديدة «بعد»، وليس مصر وحدها، لكن لم يخبرونا ما دار في الاتصال بين الرئيس أردوغان والرئيس ترمب قبلها بساعات. والربط هنا أكثر منطقية بين الاتصال الأمريكي التركي، وتصريح أردوغان عشية مؤتمر وزراء خارجية الدول الأربع، حين قال إن تركيا ستسحب جنودها من الدوحة إذا طلب منها القطريون ذلك، مما يعني أن من طلب منه عدم التصعيد هو أردوغان، عبر التوقف عن دفع النظام القطري بعيداً، وبالإضافة للأزمة مع قطر، يعرف أردوغان الحليف الأبرز لقطر أن التقارب الأمريكي الروسي في سورية يهدد مصالح تركيا بشكل واضح. وفي ما يخص مؤتمر وزراء خارجية الدول الأربع، والذي سمى الإعلام القطري خروجه دون عقوبات جديدة نصرا مؤزرا، كان إصدار البيان بهدوء ودون عقوبات إضافية موجعا جداً، فهو من جهة قضى على فرصة لعب دور النائحة وممارسة اللطم على الزبادي المسكوب، كما أنه أعطى رسالة واضحة إلى أن الدول الأربع مصرة في حربها على الإرهاب، ومستعدة للاستمرار في مقاطعة قطر مهما لزم الوقت لتعديل مسار النظام القطري ولإيقاف دعمه وتمويله للإرهاب.