لا أفهم لماذا تبرعت الحكومة القطرية بمبلغ 500 مليون دولار لميليشيات الحشد الشعبي في العراق، ولو لم أقرأ تصريحات حيدر العبادي رئيس وزراء العراق لما كنت سأصدق مثل هذا الخبر. أزعم أن لا أحد فوق سطح الكرة الأرضية يجهل اليوم أن هذه الميليشيات مسؤولة عن قتل وإبادة أهل السنة في جرف الصخر وتهجير عوائلها قسرا والحيلولة دون السماح لهم بالعودة إلى منازلهم وأملاكهم بعد ما سمي بتحرير المنطقة من تنظيم الدولة الإرهابي وقطر تعرف ذلك وشاهدي ما بثته في وقتها قناة الجزيرة من تقارير حول عمليات الإبادة والتهجير، كما تعرف الحكومة القطرية أن هذه الميليشيات تقف وراء إبادة أهل السنة في ديالى وتهجيرهم والعمل على إحداث تغيير ديموغرافي يصب في مصلحة إيران وجهودها المعلنة لفتح طريق بري نحو البحر الأبيض المتوسط عبر ديالى فالموصل فالحدود العراقية السورية. ولا أعتقد أن الحكومة القطرية تجهل ما حدث في الفلوجة والأنبار بعد استخدام قوى الشر سياسة الأرض المحروقة فيهما وفتح الطريق أمام ضباع الحروب من ميليشيات الحشد الشعبي كي تمارس هوايتها بالقتل والتنكيل بأهالي هاتين المدينتين اللتين تقطنهما أغلبية ساحقة من أهل السنة. ولا أعتقد أيضا أن حكام قطر يجهلون أن ما تسمى بعصائب أهل الحق هذه الميليشيات المجرمة أعلنت على لسان قائدها الذي دربه الحرس الثوري الإيراني المدعو قيس الخزعلي بأن هدفها وهدف أسيادها إقامة ما سمّاه بالبدر الشيعي الذي لا يخفى على أحد ما يعنيه ومن هي الدول المقصودة به. كيف إذن نفهم هذه الهبة (السخية) التي قدمتها الحكومة القطرية لعصابات تعمل تحت إمرة إيران وقيادة (الحرس الثوري) وقاسم سليماني بالتحديد الذي عرضت له قناة الجزيرة نفسها أكثر من تقرير وهو يقف على أطلال الفلوجة والأنبار وجرف الصخر وغيرها من مناطق أهل السنة. هل هي هبة استرضاء لإيران أم أن الحشد الشعبي فرع من فروع الإخوان المسلمين ونحن لا ندري!!!. * كاتب وصحفي عراقي مقيم في لندن.