إثر تعيين وزير الثقافة الجديد، التقى بالمثقفين وكان من نتائج ذلك اللقاء أن شكل لجنة مكونة من ثمانية أعضاء لمراجعة لائحة الأندية الأدبية، وقد لفت نظري أول ما لفته في تشكيل اللجنة، أن هناك امرأة واحدة فقط بين أعضاء اللجنة الثمانية، فهل هناك شح في أعداد النساء المثقفات حتى يكون تشكيل اللجنة بهذه الصورة غير المتوازنة ما بين أعداد النساء والرجال؟ الأمر الآخر، ما هي المعايير التي بناء عليها اختير أعضاء اللجنة؟ هل اختيروا بناء على توفر معيار الأدب؟ أم معيار الخبرة في العمل في النوادي الأدبية؟ أم معيار الشهادات العلمية؟ أم عليها كلها؟ وتساؤلي هنا ليس تقليلا من شأن أعضاء اللجنة، حاشا لله فهم أسماء معروفة ولها مكانتها في فضاء الثقافة المحلية، ولكني أتساءل لأن المهمة المناطة باللجنة هي مراجعة لائحة النوادي الأدبية، وهي مهمة مصيرية بالنسبة للنوادي، فاللائحة، متى أقرت سيتوقف عليها مستقبل العمل في النوادي الأدبية وتحديد طبيعته، ولذلك يتوقع أن يكون المراجعون للائحة ممثلين لأطياف مختلفة وخلفيات متنوعة لتوفير نظرة أكثر شمولية وتنوعا. حاليا، هناك اعتراضات لدى بعض المثقفين على وجود الأكاديميين في النادي، فالمعترضون يرون الأكاديمي دخيلا على عالم الأدب، وأن النادي الأدبي يجب أن يكون مغلقا على الأدباء، أما إن أصر الأكاديميون على مزاحمة الأدباء في عضوية ناديهم، فعليهم الاكتفاء بالعضوية وعدم التطلع إلى شغل مركز قيادي في إدارة النادي، فالإدارة يجب ان تكون حقا محفوظا للأدباء فقط! هذه النغمة المتذمرة من التحاق الأكاديميين بالنادي الأدبي، ليس أنها تجرد الأكاديمي من الانتماء إلى الأدب وتصوره كما لو أنه عدو للثقافة أو بعيد عنها فحسب، وإنما أيضا هي بدأت تأخذ طابعا عدائيا حتى ليخيل إليك أن هناك ثأرا بين الأكاديمي وغيره. حين يقال، النادي الأدبي خاص بالأدباء ولا مكان فيه للأكاديميين، هل هذا يعني أن الأكاديمي المعني بالنظريات النقدية، أو بالدراسات اللغوية أو النفسية أو الاجتماعية، دخلاء على النادي الأدبي ولا علاقة لهم بالأدب؟ أليس من الأدب ما يتضمن الغوص في أعماق النفس البشرية، أو معالجة القضايا الاجتماعية، أليس الناقد يرتبط عمله بما ينتج من أدب؟ إن القول بحصر النادي الأدبي في الأدباء، يدخلنا في إشكالية تعريف الأديب الذي يستحق عضوية النادي؟ من هو الأديب؟ هل هناك اتفاق على تعريفه؟ هل يكفي لاكتساب صفة الأديب إصدار كتاب أو كتابين؟ إن التأليف والنشر ميسور لكل من يملك الثمن، وقد بات بإمكان أي أحد لديه المال أن يسود بضع صفحات ثم يدفع ثمن نشرها، فهل مؤلف كهذا يصلح أن يسطر اسمه في قائمة الأدباء؟ ما ألاحظه أن صفة الأديب ابتذلت حتى صارت تطلق على كل من خط سطرا حتى وإن لم يفقه في اللغة والأدب شيئا، إني أعرف مؤلفين ناشئين مؤلفاتهم مملوءة بالأخطاء اللغوية والركاكة، ولفرط جهلهم أو عدم مبالاتهم، لا يشعرون بحاجتهم إلى أن يستعينوا بأحد يصحح لهم ما في كتابتهم من أخطاء، فهل أمثال هؤلاء هم الأعضاء المفترضون للنادي؟ [email protected]