طرحت لائحة الأندية الأدبية مؤخراً في مادتها التاسعة فيما يتعلق بحقوق العضو المشارك وواجباته لغير السعوديين حضور جلسات الجمعية العمومية دون حق التصويت على قراراتها، أو حق الترشح والانتخاب لمجلس الإدارة وشروطاً أخرى. "الوطن" تناولت هذا الجانب من حيث علاقته بالثقافة بشكل عام، والتي من أهم قيمها أن تكون حرة ومتحررة من أية تراكمات إقليمية وما عداها. ومن خلال سؤال بعض المثقفين الذين شاركوا في دعم الثقافة والمثقف محلياً تتضح – برأيهم - بعض ثغرات أخرى وقعت فيها اللائحة. الناقد الدكتور حسين المناصرة (أردني) الذي يقيم بالعاصمة الرياض أكد أنه لن يسجل في أدبي الرياض، علماً بأن طلب العضوية لديه منذ إقراره، وقال: عندما قرأت "شروط العضوية المشاركة" و"حقوق العضو المشارك وواجباته"، أدركت أنّ كل ما ذكر من حقوق وواجبات، لا يندرج منه شيء تحت بند "الحقوق" على وجه التحديد، وإنما يندرج في بنيته العميقة تحت بند الواجبات؛ بمعنى أنّ الحق الوحيد الذي يتمتع به أي منتمٍ إلى أي مؤسسة ثقافية يكمن في حق الترشح والتصويت، وعندما يفتقد أي عضو هذا الحق، حينئذ لا تكون هناك حقوق فعلية. وأشار المناصرة إلى أن بعض بنود الشروط التي تتمادى في الإلزام ب"حضور جلسات الجمعية العمومية" و"الحصول على جميع إصدارات النادي ومواعيد أنشطته" و"المشاركة في أنشطة النادي" تندرج تحت ال"واجب"، وأن "السعي لتحقيق أهداف النادي، والتقيد بأنظمته، والالتزام بقراراته" (واجب استلابي)، وأن "تسديد الاشتراكات المقررة على العضوية"، واجب كذلك. ولذلك فالمناصرة لا يرى العضو المشارك يجني أية حقوق، وتمنى أن تكون الأندية الأدبية بنيات ثقافية منفتحة وذات استقلالية إدارية، لافتاً إلى أن الحق الفعلي - في منظوره - هو أن تطبق شروط العضو العامل على العضو المشارك، وبالذات في مجال حق الترشح والانتخاب، ربما بالنسبة إلى الأعضاء المشاركين من غير السعوديين!، وهذا بحد ذاته في حال تطبيقه يعد مكسباً للثقافة والمثقفين، في سياق سعينا إلى ثقافة عربية شاملة (غير إقليمية) – على حد تعبيره. القاصة أحلام الزعيم (فلسطينية) وجدت أن هناك استخفافاً كبيراً من الوزارة بهذا الجزء المهم جداً في التكوين الثقافي للمملكة وللوطن العربي بشكل عام, خاصة أن جزءاً كبيراً من هذه الشريحة هم أعضاء تدريس أو إعلاميون أو غيرهم, وهذه الفئة التي دفعها حبها للثقافة، لن تتجاوز تلك الإهانة الكبيرة للثقافة، قبل أن تكون لها (بطريقة أو بأخرى) نظرة أوسع وأشمل وأعم من تصنيفها ضمن فئتي "سعودي" أو "غير سعودي"، وعلى الثقافة أن تكون أكثر نقاء وأن تتخلص من شوائب رفع الشعارات الحالمة، كون مسألة (سعودي، أو غير سعودي) يجب ألا تشكل وتداً يستند إليه لتطوير الثقافة, مشيرة إلى أن من يقرأ كتاباً لا يهمه أن يكون مؤلفه سعودياً أو غير سعودي, بل يهمه أن تكون المادة ناضجة. وألمحت الزعيم إلى حق آخر – برأيها- وقالت: نحن باختصار لا نطلب من وزارة الثقافة أن تصرف على فعاليات خارج المملكة, بل نطلب فقط أن يكون للمثقف العربي وزنه الذي يتسق وتراكمه المعرفي والثقافي وليس جنسيته. وإجابة على سؤال: هل أكون عضواً مشاركاً أم لا؟, أكدت الزعيم أنها لن تتقدم لطلب عضوية مشاركة، لأنه لا فائدة لها سوى كونها إضافة سطر إلى السيرة الذاتية (عضو نادي كذا الأدبي)، وفيما يخص إصدارات النادي علقت الزعيم بقولها: إذا أتيحت لنا إصدارات النادي فهي متاحة أيضا لكل من يزور مكتبة جرير مثلاً, وإذا أتيحت المشاركة في أنشطة النادي فغير الأعضاء يشاركون ويداخلون, أما ما يتعلق بمعرفة مواعيد الأنشطة, فالصحف توفر ذلك للجميع. الزعيم انتقدت الفقرة السادسة من المادة التاسعة للائحة قائلة: أي عضوية نادٍ هذه التي سأحملها وألتزم (كما تنص الفقرة السادسة من المادة التاسعة) بأي حقوق وواجبات تحددها اللوائح، بينما الاشتراك في هذه العضوية ليس إلا حمل لقب "وزير بلا حقيبة"!، والأظرف أنك تدفع الرسوم وتبقى على (الصامت)!، وإلاّ فما معنى العضوية التي يحق لك فيها الجلوس (على الصامت) دون التصويت والمشاركة؟. وإذا أتيح لك الاقتراح, فهو متاح حتى لمن لم يزر النادي أصلاً. وبنظرة شاملة للثقافة ومفهومها يرى الشاعر عماد قطري (مصري) أن هذه الشروط تصنع حدوداً وتضع حواجز تعيق حرية المبدع وتحد من تفاعله وتشعره بأنه دخيل وغير مرحب به في هذه الأندية، فالحرية شرط الإبداع، "وكأديب مصري مقيم في المملكة منذ عشرين عاماً أنعم بحريتي كمبدع وأشارك في أنشطة النادي، وقبلاً كنت في أبها وشاركت في نشاطات ناديها الأدبي، وكذلك في مكةالمكرمة، وأجدني بعد صدور اللائحة المعدلة لم أتقدم خطوة للأمام، بل أحسست بأنها تعمدت إقصاء المبدعين العرب في المملكة وهم كثر، ولهم تجاربهم التي تستحق الاهتمام، عن المشاركة الفاعلة"، وتساءل: ما معنى منع التصويت عن مبدع في أمر يخص الحركة الثقافية العربية في المملكة، والتي هي في الأساس جزء مهم للغاية في حركة الإبداع والثقافة العربية؟ ويقارن قطري بين الوضع قبل اللائحة وبعدها قائلاً: لا جديد تضيفه، فهل الحصول على جميع إصدارات النادي ومواعيد أنشطته إنجاز كبير، وهي تصلنا عبر الجوال، والإصدارات تباع للجميع وبأسعار مخفضة؟ القاصة نادية الفواز (فلسطينية) قالت: لا أنكر طباعة نادي أبها الأدبي مجموعتين قصصيتين لي وهما "الركض في مساحات الحزن" و"أنا"، ولا أنكر حصولي على جوائز في سنوات ماضية، وأثر ذلك في تفاعلي ثقافياً معه وتغطية فعالياته، ولكني الآن أعيش شعوراً مريراً بالإقصاء بسبب الجنسية، وهو شعور يوجع أي مبدع يعتبر نفسه من أبناء بلد يشعر بالانتماء إليه. وأوضحت الفواز أن وجود غير السعوديين له دور كبير في التفاعل وتنوع وجهات النظر، "ولأنني مولودة بثقافة سعودية وفلسطينية وأحمل جنينين لهاتين الثقافتين، كنت أتطلع لأن يكون لي حقوق في التصويت أو في إبداء الرأي أو في التفاعل بشكل أو بآخر حالياً ضمن فعاليات النادي". ووصل الإحباط بالفواز إلى درجة القول: مؤخرا لم أعد أسأل عن حقوقي ولا عما يمكن أن أنتجه عبر النادي، فاتجهت إلى دور النشر وطبعت كتابيّ "قرمزي بلون قلبي" و"كوني امرأة". وتُحمل الفواز أدبي أبها بعض القصور في الشأن الثقافي قائلة: قصّر النادي مؤخراً في تقديم المشاركات للموهوبين من السعوديين، وعلى الرغم مما يمكن أن يقدمه التنافس والتفاعل الإبداعي من وجود نصوص من جنسيات مختلفة وما له من أثر إيجابي، مع أن عدد المبدعين من غير السعوديين قليل جدا ولن يؤثر سلباً على إبداع أو فرصة المبدع السعودي، فإنني أتساءل عن سبب مقنع لهذا الإقصاء في الوقت الذي يتجه فيه العالم إلى تلاقي الثقافات المختلفة. واستغرب الكاتب الصحفي السوري سليمان الأسعد (صحيفة شمس) تمييز الجنسية في محفل ولا سيما أن هذا التمييز يحدث بين طرفين يكتبان بلغة واحدة وينتميان إلى ثقافة واحدة وينهلان من مصدر واحد، إلى جانب أن النادي الأدبي ليس مسيّساً ولا تندرج في نشاطاته أي أبعاد سياسية قد يخشى في ظلها من تبني "أجندات خفية"، وأضاف: لو استطلعنا تجربة شبيهة في سورية مثلاً، نجد أن الاتحاد العام الذي يجمع الأدباء يحمل مسمى "اتحاد الكتاب العرب"، لا السوريين فقط، وهو ما يعني أحقية الكاتب العربي بالانضمام إلى عضويته والعمل تحت لوائه، مع أني أتحفظ بشدة على المواقف والبيانات التي يتخذها ويصدرها هذا الاتحاد دون استشارة أعضائه، وهو ما يمكن تلافيه في تجربة الأندية الأدبية التي لا تتدخل في الشؤون الاجتماعية ولا القضايا السياسية. وبرغم تحفظه الذي أبداه أوضح الأسعد أنه لن يمانع أن يسجل في عضوية النادي ك"عضو مشارك" كما اشترطت اللوائح. يذكر أن اللائحة ربما لم تنتبه إلى ذلك التواجد الذي حفلت به الأندية الأدبية السعودية من موظفين مثقفين ساندوا حراك الفكر والأدب والإبداع فيها بنتاجهم وندواتهم ومنافساتهم النبيلة، ومنهم من كانت رئيسة للجنة النسائية أو عضواً فيها، مثل ما هو حاصل في أدبي الباحة، وكذلك في قسم العلاقات العامة بأدبي جدة، وأدبي الجوف، بالإضافة إلى بعض الأسماء المهمة مثل الدكتور حافظ المغربي وعبدالله السمطي والدكتور محمد الشنطي وغيرهم ممن لم تلتفت اللائحة إلى مقدار مساهماتهم في الساحة الأدبية المحلية بشروط لم يرض عنها أولئك المثقفون.