تبنت المملكة مركز «اعتدال» العالمي، لريادتها وقيادتها للعالم العربي والإسلامي، فهي قبلة المسلمين ومرجعهم، وأيضا لتأثيرها العالمي الذي أدركه العالم، ومركز اعتدال مطلب شرعي كانت المملكة. ومازالت متفطنة له وأهميته كيف لا؟ وهي مهبط الوحي من الله تعالى في السماء ومنبع الوحي النبوي على لسان رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في الأرض والله جل وعلا يقول: «وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ». ونقل البغوي في تفسيره (1/122) عن الكلبي أنه قال: (وَسَطاً): «يعني: أهل دين وسط، بين الغلو والتقصير، لأنهما مذمومان في الدين». وقال الشيخ السعدي في تفسيره (ص 66): «أي: عدلا خيارا. وما عدا الوسط، فالأطراف داخلة تحت الخطر. فجعل الله هذه الأمة وسطا في كل أمور الدين. وسطا في الأنبياء، بين من غلا فيهم كالنصارى، وبين من جفاهم كاليهود، بأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك، ووسطا في الشريعة، لا تشديدات اليهود وآصارهم، ولا تهاون النصارى». وفي باب الطهارة والمطاعم، المسلمون ليسوا كأصحاب الأديان الأخرى، فأباح الله لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح، وحرم عليهم الخبائث من ذلك. فلهذه الأمة من الدين: أكمله، ومن الأخلاق: أجلها، ومن الأعمال: أفضلها. ووهبهم الله من العلم والحلم والعدل والإحسان، ما لم يهبه لأمة سواهم. فلذلك كانوا «أُمَّةً وَسَطًا» كاملين معتدلين، ليكونوا «شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ»، بسبب عدالتهم وحكمهم بالقسط، يحكمون على الناس من سائر أهل الأديان، ولا يحكم عليهم غيرهم. فما شهدت له هذه الأمة بالقبول، فهو مقبول، وما شهدت له بالرد، فهو مردود بل إنه يجب علينا شرعا الدعوة به إلى الله تعالى ففيه وبه نمتثل لله تعالى في قوله جل وعلا «ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» فيدعى إلى الدين القويم الوسط غير المسلمين ويصحح الفكر المنحرف ويواجه بعلم وبصيرة وحزم وعدل. وختاما جزى الله حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود خير الجزاء على دعم دين الإسلام وأمة الإسلام وأدام عليهم توفيقه وهدايته والحمد لله رب العالمين. * القاضي في المحكمة الجزائية بجدة