دخل جلدان إلى المنزل آخر ليل على أطراف أصابعه. تسلل إلى ركن مليء بالكثير من القش. تلفت يمنة ويسرة. زوجته ترفع طرف الكساء وترصده. ينفر فيها «وشبك تتباوعين عليّه بعيونك اللي كما عيون الحرباء تنخشوا عيونك» لم تعلّق على ما قال. أزال الأمتعة من فوق السحارية. وأخرج المفتاح المربوط في وسطه. فتح القفل ورفع الغطاء وأخرج من الكمر رزمة من ورق متنوع الفئات أدخلها الصندوق وأغلقه سريعاً ثم أحكم القفل وأعاد الأغراض فوق السحارية. تسلل إلى الفراش. حاولت الزوجة أن تفتح معه الحوار. قالت: ما ودك أدهن فقوع أرجولك؟ ردّ بعنف «وش عليك من أرجولي وفقوعها». أجابت: شققت الجودري وتناسلت خيوطه وانته تمدد كراعينك وتقبضها. قال «ارقدي إن كان ودك ترقدين. ما معك إلا صكة الركبة». مع مطلع الفجر وجلدان متحزم يبني الثلم ويصرم مع الصرامة. عند الظهيرة يتمدد في درجة بيت جارته الميتم. وينتظرها حتى تفرغ من المخض لتسقيه من لبن بقرتها. قام ونفض ثوبه المكرمش. نظر إلى أعلى فرأى (حمدة) تنفض سفرة الطعام. سألها «تغديتم»؟ أجابت بنفخة: تغدوا الخلايق كلهم. قال «ما تلمح لي معك كسرة خبزة والا حبة تمرة أسد بها جوعي. قالت: أبشر. دخلت بيتها وهي تردد (بقعا تفجعك يا جلدان إن كان ما تصخى للبس لقمة) وغدت تعزي نفسها كل متلوف مخلوف يا حمدة. خرجت بحبات تمر، وطاسة لبن، ومدّت بها. «اسلمي» قال وتلقم التمرات وطفح اللبن، ومسح ما علق ببراطمه في لحيته والتحق بالعمال اليمنة في الوادي يشتغل معهم عاملاً بأجر يومي. ومع اقتراب العيد طلبته زوجته مبلغاً لتفصل ثيابا لأولاده وبناته. أقسم أنه ما يلقى ولا يلتقي. قالت «يا مخلوق خاف الله عيالك يترقبون العيد عشان يفرحون كما الناس». قال لها «أرب عندي مطبعة». انتظر حتى فرغ البيت من العيال أغلق الباب. وفتح السحارية، أخرج عشرة ريالات. وعندما عادت الزوجة رمى بها وقال تسدكم وجني. التقطتها وهي تقول في نفسها: جني يفقعك يا متسرق حقه. علمي وسلامتكم.