يتركز الصراع الإقليمي والدولي في الموصل بين ثلاثة أطراف تلتقي أو تتناقض مع محاور الصراع المحلية، هذه الأطراف هي الولاياتالمتحدةالأمريكيةوتركياوإيران. فالولاياتالمتحدة تتعامل مع الملف العراقي وفق تكتيكات سياسية ولكنها في نهاية المطاف تسعى إلى تحقيق هدف إستراتيجي يقع في إطار إستراتيجيتها العليا التي لا تتغير بتغير الرئيس أو أي اسم في قائمة المؤسسات التي تدير السلطة والقرار في أمريكا، بمعنى أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى تنفيذ ما سمي بمشروع بايدن في تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم؛ الأول للأكراد وهو ما تحقق عمليا اليوم وللسنة العرب والثالث للشيعة في وسط وجنوب العراق. هذا المشروع أحد أبرز تطبيقات الشرق الأوسط الكبير الذي يستهدف تجزئة المجزأ وخلق كتل متنافسة متناقضة ضعيفة لا تشكل خطرا على إسرائيل بعد أن نجح العراق الموحد في ضرب عمق إسرائيل ناسفا نظرية الأمن القومي الإسرائيلي. كما أن هذه التجزئة تكون بمثابة قنابل موقوتة تستطيع الولاياتالمتحدة من خلالها إشعال الصراع في المنطقة في أي وقت تريد. بعبارة أخرى أن الولاياتالمتحدة تسعى لتكرار سايكس-بيكو سيئة الصيت بشكل معاصر، فالاتفاقية المذكورة جعلت العلاقات في المنطقة بين الدول التي شكلتها متوترة قابلة للانفجار في أية لحظة، فالأكراد في تركيا وسورية والعراقوإيران والاسكندرونة بين سورية وتركيا وغيرها كثير. وتشي أحداث التاريخ أن هذه البؤر المتوترة كانت أمريكا تحركها بالاتجاه الذي يضغط على الدول ويضعفها كما جرى في تقوية التمرد الكردي ضد حكومة بغداد حتى عام 1975 عندما وقع العراق مع إيران الشاه اتفاقية الجزائر التي أنهت التمرد الكردي وقتها ودعم أوجلان في تركيا والدعم المقدم اليوم للأكراد في سورية والإصرار على الاعتماد عليهم في مجابهة تنظيم داعش الإرهابي. من المؤكد أن هناك قوى محلية في العراق تنسجم مع هذه الإستراتيجية وتروج لها، وقوى أخرى تعارضها، وهذا بحد ذاته لا يتقاطع مع نوايا أمريكا ومشروعها في الشرق الأوسط الكبير. * كاتب وإعلامي عراقي مقيم في لندن