يرمز للعدالة في كثير من دول العالم برمز يشير إلى امرأة معصوبة العينين، وبيدها ميزان وفي الأخرى سيف ولذلك اشتهرت عبارة: العدالة عمياء، ويقال إن هذه العبارة نشأت لأول مرة في إنجلترا، وقيل في فرنسا، وقيل في أمريكا، وأيا كان فإن كثيرا ممن يرمز للعدالة يرمز لها بهيئة امرأة، تحمل في يدها ميزان العدل وتعصب عينيها بغطاء سميك، وسبب ذلك فيما ذكر بعض الأدباء أن العدالة عمياء لأنها لا تلتفت إلى العواطف، ولا تنظر إلى التوسلات بل هي تطبق القانون فحسب. وقال آخرون لأنها عمياء لا تدري الحقيقة التي تختفي وراء الظاهر، ويشير عصب العينين إلى أنه يجب على القاضي ألا يتأثر بالناس وأوضاعهم الاجتماعية فهذا التصرف يجعل الميزان يضطرب في اليد واضطراب الميزان واهتزازه كفيل بأن يباعد بين العدل وتحقيقه وإحلال الظلم والبغي والعدوان، ولأن لفظ العدالة مؤنث لذلك فقد وافقوا بين الكلمة والرمز فجعلوا الرمز أنثى وأما السيف فيشير للعقوبة التي تقتص من الجاني. ولابد للعدل من معيار تقاس به الحقوق وإلا كان الهوى والغرض هو المعيار، يقول الله تعالى (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) وقال سبحانه (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن). إن المعيار في بيع الموزون هو الميزان، والمكيال في المكيلات، والمقياس في المقيسات، ونحو ذلك، وقد يكون المعيار شريعة من الشرائع أو قانونا من القوانين أو لائحة من اللوائح أو عرفا من الأعراف، ولعدم وجود قانون سعودي ملزم في القضايا المدنية ومسائل الأحوال الشخصية والقضايا التجارية فإن القانون الواجب التطبيق هو الشريعة، وبالرجوع للشريعة نجد أنها أصول وفروع، وأغلب ما يعرض على القضاة هو الخلاف في الفروع، وبرجوع القاضي للفروع كي يجد تسبيبا لحكمه يجد أن كل فرع من المسائل اختلف فيه الفقهاء لعدة أقوال، ولكل قول أدلته، ما يستدعي ضرورة تقنين المسائل الفقهية القضائية لتحقيق العدالة ليعلو رمزها، والله المستعان. [email protected]