يختتم اليوم في جدة «ملتقى تسبيب الأحكام القضائية» الذي تنظمه وزارة العدل بعد ثلاثة أيام من الجلسات التي شارك فيها متخصصون من المغرب ومصر إضافة إلى المملكة. ومن المحتمل أن يخرج المتلقى بجملة من التوصيات، أبرزها: التأكيد على قضاة المحاكم الابتدائية بتسبيب أحكامها، والتأكد على محاكم الاستئناف بإعادة الأحكام غير المسببة، والتوصية على أن ملاحظة تسبيب الأحكام عند إصدار الصكوك في عملية التفتيش القضائي ومنه القضاة الملتزمون بتسبيب الأحكام درجات إضافية عند تقييمهم، وإيلاء المهارات اللغوية للقاضي اهتماما خاصا، وأن يراجع القاضي حكمه من حيث صياغته بعد يوم من كتابته؛ للتأكد من خلوه من عيوب الصياغة الشكلية والموضوعية، وضرورة التمييز بين أسباب الدعوى، وأسباب الحكم، وأن يتوصل القاضي إلى اليقين في حكمه بناء على التأمل والتبصر ومقارنة بين الأدلة. من جانبه، أكد مدير الشؤون الجنائية والعضو في وزارة العدل المغربية الدكتور محمد النباوي في ورقته، أن التعليل للأحكام القضائية أصبح ضرورة في مختلف التشريعات، موضحا أن التسبيب مبدأ من المبادئ العامة للقانون الدولي، ولا يختلف تشريع من التشريعات حتى في حالة عدم وجود النص على تسبيب الأحكام حقا من الحقوق الأساسية للمتقاضي لأنها مرتبطة بحقه في المحاكمة العادلة. وأضاف: أن التسبيب هو تقديم الأدلة والأسانيد القانونية التي تبرر النتيجة التي ينتهي القاضي في حكمه وأسباب الحكم وعادة ما تسمى بالحيثيات، حيث إن هذه الحيثيات تعتبر هي الدوافع التي تقود القاضي للسبب الذي قضى به، معتبرا أن التسبيب وسيلة رائعة من وسائل خدمة العدالة للحفاظ على حقوق المتقاضين، وذلك من خلال عدم استبداد القاضي، حيث إرغامه على وضع السبب والتعليل كجزء من الحكم. أما نائب رئيس مجلس الدولة في مصر الدكتور محمد ماهر أبو العيني، فأوضح في ورقته تسبيب الأحكام أن من ضمن الحقوق المنصفة والمسائل المتعلقة بالإجراءات الجنائية أن نرجعها إلى مبادئها العدلية، مؤكدا أن «الشريعة الإسلامية غنية والسنة النبوية وآراء الفقهاء تدعم ما نطالب به من حقوق للمتهم، التي تعتبر جزءا من الحقوق والحريات العامة». وفيما أوضح الأستاذ في معهد القضاء العالي الدكتور عبدالقادر الشيخلي إلى أن تسبيب الحكم القضائي هو الجوهر لعرض الحجج والأسباب الشرعية والنظامية والواقعية التي يستند إليها منطوق الحكم، فإن مستشار وزير العدل والمتحدث الرسمي للوزارة الدكتور عبدالله السعدان أشار إلى أن من الأمور التي تساعد على تطور القضاء معرفة الأصول الفنية لكتابة الحكم القضائي، وأن التسبيب من الأمور التي يشترط توافرها في الحكم القضائي. وعلى صعيد متصل، أوضح القاضي في وزارة العدل الدكتور عيسى الغيث أن القضاء هو ما يتم بين طرفين أحدهما المدعي ولو تعددوا، والثاني المدعى عليه ولو كثروا، وبالتالي فلا بد من (سبب) للمدعي هو ثبوت الصفة والمصلحة لقبول الدعوى ابتداء، ومن ثم (دليل) للدعوى في حال الإنكار؛ لأن الأصل هو العدم والبراءة والأصلية، وعليه فكما يجب على الطرفين بيان سبب صفتهما ومصلحة المدعي منهما، والدليل على إثبات دعوى المرافع، وحجة المدافع، فكذلك القاضي لا بد من أن يسبب حكمه الذي بناه عليه، بأن يورد حيثيات الحكم الذي سيصدره من فقه الواقعة وفقه نصها.