كشفت الجمارك السعودية وجود تلاعب في أسعار البضائع من قبل مستوردين في الأسعار المصرح عنها في الفواتير التي يقدمونها، طبقا لما ضبطته منافذ عدة؛ الأمر الذي جعلها تتخذ إجراءات من قبل إدارة القيمة في ديوان مصلحة الجمارك بالتنسيق مع الموانئ. وتوضح قوائم أسعار السيراميك الاسترشادية المعتمدة لدى الجمارك وجود فوارق كبيرة بين قيمة استيراد السيراميك والرخام التي يصل أعلاها سعرا عند مستوى 13 دولار (ما يعادل 48 ريالا) بينما تتحرك أسعار المتر المربع في السوق عند مستويات 400 ريال ما يشير إلى أن الزيادة تقترب من 500% بناء على بعض المقارنات التي جرى تطبيقها في السوق المحلية، الأمر الذي جعل تجار يعزون ذلك إلى ارتفاع كلفة الإيجار، والنقل، وإيصال البضائع إلى داخل الأسواق. وعن أسباب وجود فارق كبير بين الأسعار الاسترشادية للبضائع في الجمارك والقيمة التي يجري التعامل بها في السوق المحلية أكد عضو اللجنة التجارية بغرفة تجارة وصناعة جدة الدكتور محمد البشاوري ل«عكاظ» أن رفع الأسعار قد يصل إلى نسبة تتراوح بين 400% و500% بسبب ارتفاع أسعار إيجار محلات لا تتجاوز مساحتها الإجمالية 70 مترا مربعا، مضيفا: «هناك محلات مساحاتها لا تزيد على 140 مترا مربعا لكن إيجاراتها تصل إلى 500 ألف ريال وبالتالي تتحول قيمة ارتفاع الإيجار إلى مصاريف تتطلب التغطية فينجم عن ذلك رفع في الأسعار». وعن مدى سلامة رفع الأسعار بنسبة 100%، قال: «ارتفاع الأسعار بنسبة 100% لا يشكل ظاهرة عامة؛ إذ لا يتجاوز المغالون بهذه الزيادة نسبة 5% من إجمالي السوق المحلية على أقصى تقدير». وفيما يخص السلع الاستهلاكية أوضح البشاوري الذي يشغل منصب رئاسة لجنة البصريات في «غرفة جدة» أنه لا توجد زيادة كبيرة في أسعار السلع الغذائية، إذ تكون أرباحها محددة من الدولة مثل الأرز، والسكر، والشاي، على حد تعبيره، مستعرضا في حديثه أن معظم الارتفاعات في السلع الكمالية. وشدد على أهمية تشجيع المواطنين للدخول في التجارة عن طريق إنشاء أسواق خاصة ومجمعات بإيجارات مقبولة لتسهيل التجارة والسيطرة على ارتفاع الأسعار كون الإيجارات المترفعة من أهم العوائق التي تواجه صغار التجار. وذهب معه في الاتجاه نفسه نائب رئيس اللجنة الوطنية للمكاتب الاستشارية في مجلس الغرف السعودية المستشار حمزة عون في حديثه ل«عكاظ» بقوله: «جميع السلع عليها تكاليف مباشرة وغير مباشرة منها الإيجارات، والنقل من الميناء إلى المستودعات، إضافة إلى تكاليف العمالة، والتأمين، وغيرها، لذلك هناك تكاليف توزع على قيمة السلعة قبل وصولها إلى المستهلك النهائي». ما هي الأسعار الاسترشادية؟ عرف رئيس لجنة المخلصين الجمركيين التابعة لغرفة تجارة وصناعة جدة المستشار إبراهيم العقيلي في تصريح خاص ل«عكاظ» ماهية الأسعار الاسترشادية بقوله: «أسس التثمين الجمركي تتم بناء على قيمة الصفقة للبضاعة التي تكون قيد التثمين ولقيمة الصفقة لبضاعة مطابقة، وللقيمة الاستدلالية إذا تعذر تحديد القيمة بموجب قيمة الصفقة لبضاعة مماثلة». وأضاف: «من بين أسس التثمين الاعتماد على القيمة المحسوبة في حال كان من الصعب تحديد القيمة، لكن لا بد من الإشارة إلى أنه لا يجوز للمستورد أن يطلب تطبيق طريقة القيمة المحسوبة قبل اللجوء إلى طريقة القيمة الاستدلالية، وفي هذه الحالة يجب أن يقدم هذا الطلب عند تقديم بيان الاستيراد إلى الجمرك، وإذا قدم المستورد طلبه لكن تعذر تثمين بضاعته المستوردة وفق طريقة القيمة المحسوبة، فإنه يتم تثمينها وفق طريقة القيمة الاستدلالية». وتطرق في حديثه إلى أن المادة الثانية من الباب الرابع في نظام قانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الخاص بالمنشأ والقيمة والنوع ينص على أنه عند إثبات قيمة البضاعة بتقديم جميع الفواتير الأصلية والمستندات التي تبين قيمتها وفقاً للأسس الواردة في اللائحة التنفيذية، وفي حال رأى الجمرك أن القيمة متدنية يعمد إلى إحالة المستندات إلى لجنة القيمة لدراستها بحسب ضوابط اللائحة. وفي حال حدوث خلاف بين صاحب البضاعة وموظف الجمارك، قال: «إذا نشأ خلاف بين الموظف الجمركي المختص ومالك البضاعة حول قيمة البضاعة لاختلاف نوعها أو منشئها أو لسبب آخر، يحال الأمر إلى المدير، فإذا أقر رأي الموظف الجمركي ولم يقبل به مالك البضاعة فتتم إحالة الأمر إلى المدير العام لتسوية الخلاف أو إحالته إلى لجنة الفصل في القيمة». العقيلي الذي يشغل عضوية اللجنة الوطنية للتخليص الجمركي في مجلس الغرف السعودية تطرق في حديثه إلى أنه يحق للمدير الإفراج عن البضائع المختلف بشأنها التي لا تكون معرضة للمنع بعد استيفاء ضمان مالي بقيمة الضريبة «الرسوم» الجمركية وفقا لتقدير الدائرة الجمركية ويحتفظ بعينات من البضاعة بصفة موقتة في حالات الضرورة للرجوع إليها وقت الحاجة، وتعاد هذه العينات لمالك البضاعة بعد الانتهاء منها ما لم تستهلك في أغراض الفحص والتحليل.