كعادته في الاختصار والدخول في صلب الموضوع، والابتعاد عن الإطالة، حرقا للمراحل للوصول إلى المنجز الجيوستراتيجي، والجيو الأمني السياسي، على أرض الوقع، وفي بيان مقتضب ألقاه الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وزير الدفاع في قاعدة الملك سلمان الجوية في الرياض يوم 15 ديسمبر عام 2015، أعلن فيه عن تأسيس «التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب»، المكوّن في بدايته من 35 دولة، والذي أصبح اليوم يضم 41 دولة بانضمام سطنة عمان له أمس الأول (الأربعاء). في بيانه المختصر، أكد الأمير الشاب محمد بن سلمان حرص العالم الإسلامي على محاربة الإرهاب، الذي تضرر منه العالم الإسلامي أولا، قبل المجتمع الدولي. وزاد قائلا: إن التحالف لا يستهدف تنظيم داعش فقط، بل سيحارب الظاهرة في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي وسيقوم بالتنسيق مع جميع المنظمات الدولية، مشيرا إلى أن كل دولة في التحالف ستسهم بحسب قدراتها. لقد بدأ التحالف عمله فور الإعلان عنه عبر إنشاء «مركز التحالف الإسلامي العسكري»، في الرياض، من أجل تطوير الأساليب والجهود لمحاربة الإرهاب في العالم الإسلامي، والتنسيق الجهود بين الدول المشاركة بهدف الارتقاء بالقدرات لمحاربة الإرهاب وكل ما يزعزع أمن دول العالم الإسلامي. ومن المؤكد أن تشكيل التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب بكل المعايير نقلة نوعية في الفكر الإستراتيجي للتعامل مع قضية الإرهاب التي لم تعد تؤرق دولة بعينها فقط، بل المجتمع الدولي برمته. وتعتبر جميع أعمال التحالف مطابقة للأعراف الشرعية لدول العالم وخاضعة للأنظمة العالمية. ومن أبرز مهمات التحالف تنسيق الجهود العسكرية لدوله، وتبادل المعلومات والتخطيط والتدريب، وتكثيف الجهود لمحاربة الإرهاب تبعا لإمكانات الدول الأعضاء، وحسب رغبة كل دولة عضو في المشاركة في أي عملية أو برنامج ضمن إطار مركز التحالف وفقا لتنظيمه وآلياته، وبما لا يخل باحترام سيادة الدول الأعضاء. ولم يغفل التحالف أهمية تفعيل الجانب الفكري في محاربة الإرهاب من خلال تنسيق الجهود لدراسة الفكر الإرهابي وترسيخ قيم التفاهم والتسامح والحوار ونبذ الكراهية والتحريض على العنف. فضلا عن التشديد على الدورالمهم للإعلام في محاربة الإرهاب من خلال التصدي لدعوى الفتنة والفرقة والتطرف والعنف، وإرساء قيم الإسلام السمحة والامتناع عن الترويج للإرهاب من خلال توظيف الإعلام. ويعمل التحالف الذي تقوده السعودية على تطويرالبرامج والآليات اللازمة لدعم محاربة الإرهاب، ووضع الترتيبات المناسبة للتنسيق مع الدول والجهات الدولية في سبيل خدمة المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وحفظ السلم والأمن الدوليين. واتفقت الدول المشاركة في التحالف على آليات تدفق المعلومات الاستخباراتية والمعلوماتية، حول التنظيمات الإرهابية، وضرورة تتبع مصادر تمويل التنظيمات الإرهابية وتجفيف منابعها. لقد رسم الأمير الشاب محمد بن سلمان خريطة التحالف بهدوء وترك للقيادات العسكرية الأعضاء في دول التحالف المضي في تنفيذ الأهداف الإستراتيجية للتحالف الإسلامي الذي يعمل على لجم الإرهاب. وليس هناك شك أن الخطوة العمانية بالانضمام للتحالف تشكل دفعة قوية للتحالف الذي يسعى لاجتثاث الإرهاب في المنطقة الإسلامية وإن انخراط مسقط في إطار العمل الجماعي داخل التحالف الإسلامي يؤكد جديتها في إعطاء الإرهاب الاهتمام باعتباره آفة في الجسد الإسلامي. لقد وضعت السعودية خريطة طريق التحالف وتبرعت بإنشاء مقر مركز التحالف الإسلامي، وبتوفيرالميزانية التشغيلية للمركز، ووضعت الهياكل التنظيمية له وبدأت المركز في العمل بهدوء وجدية كما أعلن عنه الأمير محمد بن سلمان بهدوء وحزم لقطع رأس الإرهاب وتجفيف منابعه.