تستمر «عكاظ» في فضح ادعاءات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وكشف زيفها وتزويره للحقائق في صفحات «نيويورك تايمز»، خصوصاً أن مرحلة الوئام بين واشنطنوطهران باتت مهددة مع تولي ترمب دفة الإدارة الأمريكية. ولا بد أن الكُتّاب غير المتفرغين الذين ترفض صحيفة «نيويورك تايمز» نشر مقالاتهم حائرون.. ماذا يفعلون لتنشر آراؤهم؟ لكن الإجابة واضحة: كن وزير خارجية دولة راعية للإرهاب، ونظام طائفي توسعي يُحدث خراباً حيث وضع يديه القذرتيْن! لم يكن مقال محمد جواد ظريف على صفحات «نيويورك تايمز» بعنوان «دعونا نخلِّص العالم من الوهابية»، في عدد 13 سبتمبر 2016، هو الأول له على صفحاتها. لكنه طفح هذه المرة بأكبر قدر من الطائفية والكراهية، وتضمن تحريضاً صريحاً ضد السعوديين. ولهذا لم يكن ممكناً السكوت عليه. وإذا أرادت «نيويورك تايمز» أن تضع نفسها وتاريخها العريق في مرتبة واحدة مع «حلاقيم» البروباغندا الإيرانية، مثل «برس تي في»، و«المنار»، و«الميادين»، فذلك شأنها وحدها، وعليها أن تتحمل عواقب قرارها. ومن المفارقات أن ظريف يتأسى على قيام السعودية باستئجار شركات علاقات عامة لخدمة مصالحها، في حين أن الأرجح أن شركة علاقات عامة أمريكية هي التي كتبت لظريف مقاله. ومهما يكن فقد كان مستغرباً جدا أن يعمد ظريف، وهو متمرس في العلوم السياسية بحكم منصبه، إلى استخدام ذلك الأسلوب «الشتائمي» بطريقة تحاول تصوير نظام توسعي، وطائفي، مدرج رسمياً على لائحة رعاية الإرهاب الدولي، ويمثل تهديداً أمنياً في كل أرجاء العالم، باعتباره منقذاً قادراً من على صهوة جواد أبيض أن يخلِّص العالم من «الشر الأكبر»! لا بد أن وزير خارجية طهران أوهم نفسه بأنه قادر على أن يبيع لجمهوره الغربي صورة لإيران كأنها حليف طبيعي للغرب. وقبل أن ندلف لمناقشة استحالة نجاح إيران، في ظل قيادتها الحالية وسياساتها الراهنة، في أن تكون حليفاً أمنياً لأية جهة، دعونا نحلل كيف يخدع ظريف قراءه. لننظر أولاً إلى الطريقة التي بُني عليها مقاله. فهو يحاول إضفاء شعور كاذب بالأمن على قرائه، باستخدامه التكتيك نفسه الذي يستخدمه نظام بشار الأسد في الحديث عن المعارضين السوريين، إذ يضع صفة «المعتدلين» بين قوسين، وهي طريقة إيران المعروفة لتصوير الحرب السورية بأنها يجب أن تنتهي إما باختيار بشار الأسد أو «داعش» و«القاعدة». ولم يذكر ظريف شيئاً عن ميليشيا حزب الله اللبناني التي أنشأتها إيران لنشر أيديولوجية نظامها، ونقلتها إلى سورية لحماية نظام بشار. وتناسى ظريف تصريح زعيم حزب الله حسن نصر الله في 1983 بأن الهدف من هذه الميليشيا الإرهابية إقامة «خلافة شيعية» في كل أنحاء العالم. وربما نسي ظريف - بفعل النشوة لنشر مقاله في «نيويورك تايمز» - أن بلاده تقف مع العلماني الأكبر بشار الأسد الذي يقصف مدن بلاده بلا تمييز، ما أدى لقتل وتهجير ونزوح 95% من المدنيين السوريين الذين استشهدوا وهجروا في هذه الحرب. وهي التكتيكات التي يستخدمها أنصار إيران لتبرير السماح بقتل مزيد من السوريين. ظريف يكتب للأمريكيين الذين لا يعرفون مدى إجرام النظامين السوري والإيراني بقتل الشعب السوري، وهما يدعيان أن الأسد هو الشر الأهون ممن عداه. صحيح أن الفيديو الذي تحدث عنه مهدي حسن لا يمكن قبوله، ولا تبريره، لكن لنسأل ظريف: هل قَتْلُ جنديٍّ سوري واحدٍ أكثر إدماءً من هجوم بقنبلة كيماوية، أو ببرميل متفجر؟ أو بتجويع آلاف المدنيين حتى الموت؟ نظام ظريف الذي يهيمن على سورية هو الذي قتل وهجّر 95% من المدنيين السوريين. فمن هو «الشر الأكبر»؟ ولولا هذا الشر الإيراني في سورية والعراق لما وجد «داعش» مبرراً أصلا للظهور على حيز الوجود. الشيعة ضد الوهابية... السياق استغل ظريف جهل قرائه الأمريكيين بالإسلام ليزعم، في مقاله، أن مشكلة العالم هي «الوهابية»، وأن «الوهابيين» يحاربون السنة المعتدلين. وظريف أكثر جهلاً من قرائه، فهو لا يعرف، أو ربما يتظاهر بالجهل على سبيل «التقيَّة»، أنه ليس هناك وجود لشيء يسمى «الوهابية». فهي ليست مدرسة فقهية؛ إذ ظلت المذاهب السنية الرئيسية للإسلام تقتصر على المالكية، والحنفية، والحنبلية، والشافعية، على مدى قرون. كما أن «الوهابية» ليست نظرية. وهي محاولة طائفية خسيسة منه لتصويرها باعتبارها «أم الشرور» الدينية. وإذا استطعنا فهم ما تدعو إليه «الوهابية»، فسنصل بثقة إلى أن جميع أهل القبلة والسنّة وهابيون (by default). وكل من قرأ أشهر مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وهو «كتاب التوحيد»، يدرك أن الشيخ لم يفعل سوى مقارنة البدع التي زحفت للدين في عصره بما كان عليه نهج «السلف الصالح»، وفي مقدم هؤلاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. لكن شيعة إيران يمقتون الصحابة رضوان الله عليهم، ويسيئون إليهم، ويكفِّرونهم! ولعل أكثر ما جعل الشيخ محمد بن عبدالوهاب مكروهاً لديهم أنه صحَّحَ العبادة، وجعلها خالصة لله المعبود الأوحد، بينما هم تنعقد القداسة في معتقداتهم لإمامهم، ويصلون مستقبلين أضرحة أئمتهم، وهو ما يناقض التوحيد تماماً. ولا شك في أن ظريف يعرف أن الغربيين يعتقدون من دون تعمق في فهم الإسلام أن «الوهابية» هي صنو التطرف، وأنهم يعرِّفونها بأن المؤمنين بها يعتقدون بأنها هي الإسلام النقي، ومن لا يؤمن بها كافر! ولذلك سارع الوزير الإيراني إلى استثمار هذه النظرة الطائفية ليصور للأمريكيين أن الشيعة مضطهدون في كل أرجاء العالم بسبب معتقداتهم الدينية. وتمضي «حدوتة» الاضطهاد المزعوم لتبرير ذلك بأنه ناجم عن كونهم أقلية، وأن الغالبية تفرض القمع على الأقلية! ولكن لنكن واضحين جداً إزاء نقطتين هنا: أولاً – أن «الأقلية» الشيعية هي التي تضطهد السنة في سورية، ولبنان، واليمن. وحيث توجد شريحة كبيرة من السكان الشيعة يتعرض غير الشيعة للاضطهاد والقمع، وغالبا تكون إيران وراء ذلك. هل هي محض مصادفة أم أنه نهج منتظم؟ لم يكن العالم الإسلامي يعرف عداوة بين السنة والشيعة حتى جاءت الثورة الإيرانية في عام 1979، وبدأت دق المسمار في نعش ذلك التصافي بمحاولة تصدير الثورة. ولا يمكن لعاقل أن يتجاهل وقوف إيران وراء التردّي الطائفي والأمني في العراق، حيث تقوم الغالبية الشيعية، باضطهاد سنة العراق، إذ نصبت إيران دُميتها نوري المالكي، ونشرت ميليشياتها الشيعية، لمحو المدن والبلدات السنية، وأشهرها الفلوجة. وحتى داخل إيران تمارس الغالبية الشيعية اضطهاداً غير مسبوق على الأقلية العربية في الأحواز إلى درجة منعها من إقامة مدارسها، وحظر بناء المساجد السنية، بل منعهم من التحدث بلسانهم العربي المُبين. وفي مقابل ذلك كله لنلقي نظرة على وضع الأقلية الشيعية في المنطقة الشرقية من المملكة، فهم لديهم مساجدهم، وحسينياتهم، وأعيادهم، ولهم حق الحصول على كل الخدمات المتاحة لبقية المواطنين، كالقروض، والضمان الاجتماعي، والوظائف. وفي أذربيجان حيث رفضت الغالبية الشيعية النهج الإيراني لتشجيع الطائفية، وتصدير الثورة، كافأتها طهران بالوقوف رسمياً مع النظام الأرمني المسيحي ضد أذربيجان، بعدما تجدد النزاع بين البلدين في شأن تبعية جيب ناغورنو قره باغ. يحاول جواد ظريف – وليس له من اسمه لا الجوُد ولا الظُرف – أن يعزل السعودية عن بقية العالم السني باستخدام لفظ «الوهابية». وكان يمكن للسعودية إذا كانت وهابية حقاً، أو طائفية، أن ترد عليه بوصف إيران ب«الروافض». لكنها لم تفعل التزاما بنهجها الأخلاقي الذي ينبذ الطائفية، والهيمنة، والاتجار بالدين. تدرك المملكة حجم مسؤولياتها الدولية والإقليمية، خصوصاً كونها مركز الإسلام، وراعية مقدسات المسلمين. وتعرف بمنتهى المسؤولية مخاطر معايرة الإيرانيين بأنهم «روافض». لكن ظريف أراد في مقاله السيئ الصيت أن يعطي الغرب انطباعاً زائفاً بأن إيران ليست عدوانية، وأنها حبيبة الغرب وصديقته. بينما هي في الداخل تؤكد لشعبها أن المعركة هي «بيننا وبين السنة... والغرب» أليس الغرب في الخطاب الرسمي الإيراني هو «الشيطان الأكبر»؟ التاريخ كتاب مفتوح أمام العالم كله. وما أسهل أن ندجج أنفسنا بالتاريخ لنطلق من الأوصاف والشتائم ما يفشّ الغبن في نفوسنا. لكنها المسؤولية أمام الله ثم المسلمين والعالم، وهي تجعل السعودية شديدة الحرص، مهما لحق بها من أذى، على عدم إرسال الشتائم والصفات المذمومة. هل تريد أمثلة يا سيد ظريف؟ حين أصدرت طهران قرارها بمنع مسلميها من الحج في عام 1437ه، اكتفت البيانات الرسمية السعودية بوصف ذلك بأنه قرار تتحمل طهران مسؤوليته أمام الله وشعبها، لأنه تعطيل ركن من أركان الإسلام الخمسة. وفي المقابل خرج المرشد الإيراني المُضِلّ علي خامنئي ليتقوّل على حكام السعودية، وليصفهم بعدم الإيمان! لذلك فإن مقال ظريف لا يخرج عن كونه جزءاً من «التقيَّة» التي هي مبدأ أصيل في السياسة الإيرانية. ومن الأسف أن نكون مضطرين للتعامل مع قيادة تعتقد أن الله يجازيها خيراً على الكذب! ولهذه الأسباب نفسها دعا المرشد المضل مسلمي بلاده للتوجه إلى كربلاء، بدل الكعبة المشرفة في مكةالمكرمة، التي يحج إليها المسلمون من كل فج عميق. وهم بتلك الدعوات والبدع القبيحة لا يعزلون السعودية عن محيطها الإسلامي، بل يعزلون أنفسهم وإيران عن المسلمين. وحين قرروا تدجيج ميليشيا الانقلابيين الحوثيين لمهاجمة السعودية، التفت دول العالم كلها حول السعودية، ونشأ تحالف عربي كبير، تسانده أمريكا وبريطانيا، ضد الانقلابيين وعقلهم المدبر (طهران). الفظاعة الإيرانية حول العالم لا يستطيع ظريف أن يحاضر أحداً عن الإنسانية أو الإسلام، لأنه في كل مكان ذهبت إليه إيران اكتشفت الحكومات والسكان خطر الطائفية، والمذهبية، والهيمنة، المتمثل في النظام الإيراني؛ ففي القارة الأفريقية، أعلن كل من السودان، والصومال، وجيبوتي قطع العلاقات مع طهران، بسبب النزاعات الإقليمية التي تواجهها، والطائفية المذهبية التي تؤججها، سواء أكان ذلك بالدعم اللوجستي الذي تقدمه إلى تنظيم «القاعدة»، أو بمحاولاتها نشر «التشيع» في البلدان السنية، كالصومال مثلاً، كما كشفت وثائق «ويكيليكس». وكانت مجلة «فورين أفيرز» أوردت أن إيران فتحت مدارس «نموذجية فخمة» في مالي (غرب أفريقيا)، لكنها اشترطت أن يعتنق التلميذ المذهب الشيعي إذا أراد الالتحاق! ووصلت شرور إيران إلى أمريكا اللاتينية، حيث المسلمون أقلية صغيرة، ونفَّذت هجمات إرهابية في فنزويلا والأرجنتين، قتل بسببها 85 شخصاً. وهل سينسى الأمريكيون العام 1979 عندما اقتحم أتباع الخميني السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا 52 دبلوماسياً أمريكياً رهائن لمدة 444 يوماً؟ وإذا أردنا تتبع الهجمات الإرهابية الإيرانية في العالم فهي حكاية لن تنتهي؛ ففي عام 1992 فجَّر الإيرانيون مطعماً في ألمانيا لقتل منشقين عن نظام الملالي، ونفذوا عمليات اغتيال في النمسا في عام1989، أدت لمقتل سياسي كردي بارز. وفي عام 1991 اغتالوا شهبور بختيار آخر رئيس للوزراء في عهد الشاه. وأثبتت التحقيقات أن تفجير مركز التجارة العالمي بنيويورك في 1993 تم بدعم مالي من إيران. والقائمة تطول. أما في العالم الإسلامي فقد كانت فظائع إيران أشد دموية وقسوة: 1- في 1982: اختطاف 96 أجنبياً في بيروت. 2- في 1983: تفجير ثكنة المارينز في بيروت (241 قتيلاً). 3- في 1983: تفجير السفارة الأمريكية ببيروت (63 قتيلاً). 4- في 1983: تفجير ناقلات نفط كويتية (ستة قتلى). 5- في 1985: محاولة استهداف موكب أمير الكويت. 6- في 89/ 1990: تورطوا بقتل أربعة دبلوماسيين سعوديين في تايلند. 7- في 1996: دبروا تفجيرات أبراج الخبر (120 قتيلاً). 8- في 2003: كان لهم دور في تفجيرات الرياض. 9- في 2011 قتلوا دبلوماسياً سعودياً في باكستان. وفي 2011 خططوا لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. .. وقائمة الفظائع الإيرانية لا تنتهي. ولعلّ أكثرها بشاعة محاولاتهم الدائمة لاستغلال الحج، الذي ينبغي أن يكون مؤتمراً سنوياً للوحدة بين المسلمين. وهذه قائمة بمخازيهم: 1- 1983: حاولوا اقتحام الحرم المكي بأسلحتهم، وهم يحملون صور الخميني. 2- 1986: ضُبط إرهابيون إيرانيون وهم يحملون قنابل يسعون لتفجيرها في مكةالمكرمة. 3- 1987: مارس الحجاج الإيرانيون أعمال شغب، وهاجموا سيارات الشرطة والسكان، وهم يرفعون صور الخميني. 4- 1989: حرّضوا 16 حاجاً من شيعة الكويت على تفجير قنبلتين في مكةالمكرمة. 5- 2015: أخرجوا حجاجهم في مسار غير مخصص لهم، ما أدى لحادثة تدافع منى. .. ويجب علينا أن نُخضع «خطرفة» ظريف لمزيد من التدقيق، خصوصاً زعمه أن السعودية تساند جبهة النصرة، وهي فرع «القاعدة» في سورية. فقد زعم ذلك دون دليل. وكيف تدعم السعودية فرعاً ل«القاعدة» وهي التي تصطلي بإرهابها الدموي داخل المملكة، وفي اليمن والعراق، وغيرهما من دول جوارها؟ هل نسي وزير الخارجية الإيراني كيف ذرف دموع التماسيح على إرهابيي «القاعدة» الذين أعدمتهم السعودية مطلع 2016؟ الدموع التي ابتلت بها صفحات «نيويورك تايمز» نفسها، حين نشرت مقاله السابق إثر إعدام الإرهابي المدان نمر النمر. وينسى ظريف، أو بالأحرى يتناسى أن إيران أقامت أول علاقة لها مع «القاعدة» بإجراء اتصالات مع أسامة بن لادن أثناء وجوده في السودان، الذي لا يزال يدفع فاتورة تلك الاستضافة من خلال العقوبات الدولية والأمريكية المفروضة عليه. وفي 20 يوليو 2016، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية وضع ثلاثة من قاعدة «القاعدة» على قائمة العقوبات، وهم يقيمون في إيران. وفي تقرير لجنة التحقيق الأمريكية في هجمات سبتمبر 2001، ورد أن هناك «دليلاً قوياً على أن إيران سهلت انتقال أعضاء «القاعدة» من وإلى أفغانستان قبل هجمات سبتمبر، وبينهم عدد ممن شاركوا لاحقاً في اختطاف الطائرات التي نُفذت بها الهجمات». وكتبت صحيفة «واشنطن تايمز» أنه بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان هرب عدد كبير من إرهابيي «القاعدة» لإيران، حيث تم توفير ملاذ آمن لهم تحت دثار «الاعتقال التحفظي المنزلي». كما استضافت إيران زعيم «القاعدة في بلاد الرافدين» أبو مصعب الزرقاوي، قبل أن تساعده على الانتقال لشمال العراق.. وما بقي من ذلك فهو تاريخ! إيران في اليمن كان سنة اليمن وشيعتها متناغمين على مدى قرون حتى أطلت «الثورة الإسلامية» الإيرانية برأسها، فسعت لاستمالة بعض البيوت الشيعية الكبيرة، حتى ظهرت الحركة الحوثية من رحم الشيطان الإيراني، فبدأت بتكفير السنة، وزادت حجم طموحها لفرض «ولاية الفقيه» في اليمن، بحيث يخضع النظام اليمني بعد انقلاب يدبره الحوثيون، للفقيه الإيراني الأعلى الذي تسعى إيران لفرض وصايته على مسلمي العالم بأسره. وبعد نجاح الانقلاب الحوثي، واحتلال الحوثيين العاصمة صنعاء، بدأ الحوثيون تنفيذ الأجندة الإيرانية الخاصة باستهداف السعودية، ومحاصرتها من خاصرتها الجنوبية، وممارسة حملات إعلامية مضللة للزعم بأن السعودية تستهدف المدنيين، وتقتل الأطفال، وتدمر المشافي. ولم يخطر ببال الوزير ظريف أن حصار تعز يمثل أكبر جريمة ضد الإنسانية، بإغلاق الميليشيات الحوثية مداخل المدينة بوجه شاحنات المواد الغذائية، وقوافل الإغاثة الإنسانية والطبية. وهو الأسلوب نفسه الذي اتبعه بشار الأسد و«حزب الله» في حصار مضايا وداريا في سورية. وفي العراق بدأت محاولات التخريب الإيرانية منذ عهد الرئيس السابق صدام حسين. وسعت إيران إلى تجييش سكان جنوبالعراق أثناء حرب الخليج الأولى (1980 – 1988) بالزعم بأن الحرب العراقيةالإيرانية هي في حقيقتها حرب سنية لإبادة الشيعة. ومعلوم أن العراق لم يكن يعاني أي توترات مذهبية في عهد صدام حسين. لكن اللعنة الإيرانية تلحق الأذى بكل مكان حلّت فيه. بل إن شيعة العراق كانوا يعتبرون أنفسهم شيعة عرباً، ولا بد أن ينهضوا للوقوف بوجه عدو فارسي متعطش للتوسع، والهيمنة. وفيما فشلت إيران في العراق على عهد صدام حسين، نجحت في «استعمار» العراق بعد الغزو الأمريكي في عام 2003، حتى أضحى تشكيل حكومة بغداد يتم بهزة رأس منها. ومثلما يحدث في سورية تحت سمع العالم وبصره، أضحت الميليشيات الشيعية التابعة لإيران في العراق تمارس التطهير المذهبي، مخلفة بحوراً من الدماء، معمِّقة الانقسام الطائفي بين العراقيين. وهل يعقل أن نختم ردنا على «اللاظريف» من دون مرور بالفوضى التي أحدثتها إيران في لبنان، حيث ألغت – عبر وكيلها حسن نصر الله، وميليشيا حزب الله اللبناني - النظام السياسي الذي يقسم السلطة بين السنة والشيعة والمسيحيين. إن الحقائق حقائق، وستظل كذلك مهما حاول المزيفون إعادة كتابتها بأسلوب آخر. ليست هناك دولة في العالم تساند الجماعات الإرهابية سوى إيران. ليست هناك دولة تشكل خطراً أمنياً على العالم كله سوى إيران. ولا بد أن على المترددين في اتخاذ موقف أن يسألوا أنفسهم: إيران تمثل طائفة أقلية، والإيرانيون ليسوا عرباً، فلماذا يتدخل نظامهم الشرير في عدد كبير من الدول التي لا ينتمون إليها عرقياً ولا مذهبياً؟ ولماذا يذهبون بعيداً إلى أدغال غرب أفريقيا، وأحراش أمريكا اللاتينية إذا لم تكن الهيمنة على العالم همَّهم الأوحد؟ وبعد الاتفاق النووي مع إيران، هل يريد منّا الغرب أن ننسى ذلك التاريخ الأسود لإيران في منطقتنا وجوارنا لتمكين إيران من العودة لعضوية المجتمع الدولي؟ هل يعقل أن هناك من يتصور أننا أغبياء لدرجة أن نظاماً يعتقد بأن الله يكافئه على كذبه يمكن أن يخدعنا؟ وأخيراً، هل يستحق جواد ظريف أن يُكرّس مثل هذا الجهد والمساحة له وحده؟!.