على نهج سيده، وولي نعمته، ارتمى "نبَّاح إيران" في حضن الشيطان الأكبر، وبدلاً من أن يقوم بإصلاح اعوجاج دبلوماسية بلاده وانحراف سياستها الخارجية، التي كانت سببًا في عزل نظام الملالي عن العالم، وبدلاً من أن يسعى إلى تخفيف وطأة ما ارتكبه سيده علي خامئني المرشد العام للمجلس الأعلى، من فضيحة دينية شن جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني، هجومًا غير مبرر على المملكة العربية السعودية، واتهمها بأنها وراء انتشار ما سماه ب" الوهابية المسلحة"، زاعمًا ويبدو أن "النبّاح" كما يطلق عليه كثير من العرب والمسلمين، أزعجه بشده النجاح الكبير لموسم حج هذا العام، والذى يتم لأول مرة من دون حجاج إيرانيين رسميين، بعد أن أصدر خامئني قرارًا بمنع حجاج بلاده، من التوجه هذا العام للأراضي السعودية المقدسة، أعقبه بفتوى غريبة وعجيبة أجاز فيها للإيرانيين أن يحجوا إلى كربلاء وليس مكة، وأن يقفوا أمام مرقد الإمام الحسين بن علي، بدلاً من الوقوف على صعيد عرفات، صانعًا بهذه الخطوة بدعة لم يشهدها التاريخ الإسلامي من قبل حاول بها خامئني شق الصف الإسلامي، وتحويل قبلة المسلمين من مكة إلى كربلاء، متحديًا كل ما أنزله الله في كتابه الكريم من آيات محكمات، يأمر فيها سبحانه عبيده بالحج إلى بيت الله الحرام والوقوف بعرفات. ورغم سذاجة ما أورده "نبّاح إيران" في مقاله المنشور في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تحت عنوان "لنخلص العالم من الوهابية" فإنه أثار استهجان علماء المسلمين قاطبة، ووصفوه بأنه يصب في قائمة "الهرتلات" والمهاترات التي يفجرها نظام طهران من حين لآخر ضد المملكة قيادة وشعبًا، وخاصة عندما تنجح المملكة في أي مشاركة دولية، وتكسب رهان التحدي عند تنظيمها وتصديها لتنظيم أي مناسبة عالمية سياسية كانت أو اقتصادية أو دينية، وهو ما حققته بالفعل هذا العام، بنجاحها في تمكين نحو مليوني مسلم من داخل المملكة وخارجها من أداء الركن الخامس للإسلام، بسهولة ويسر وأمان، ومن دون " تسييس" أو استغلال الشعيرة لتحقيق أغراض أو إثبات مواقف سياسية، تخالف تعليمات الله ومبادئ الدين الحنيف، وتعرض أرواح ضيوف الرحمن للخطر والموت في أطهر البلاد. دبلوماسيون ومراقبون ، اعتبروا إثارة "ظريف طهران" لقضية الوهابية في هذا التوقيت، بأنه نوع من الحقد الدفين، مؤكدين أن العالم أجمع يعلم أن السعودية بريئة من الإرهاب ومما يلصقه أعداء المملكة وهي ليس لها أي علاقة بالإرهاب ولم تستخدم السلاح لفرض الإسلام، ولم تدع يومًا إلى المذهبية والطائفية، بل كانت رايتها التوحيد ولم شمل المسلمين لا تفريقهم ولا إشغالهم عن قضايا دينهم بمعارك وحروب هامشية، يستغلها أعداء الأمة لتمزيق وحدتها وسفك دماء أبنائها على يد ميليشيات وعصابات لا تدين بالولاء إلا لمن يدفع لها ويجزل العطاء في طهران والعواصم الأخرى الموالية لمرجعيات "قم" وفروعها في العراق وسوريا ولبنان وأخيرًا اليمن الذي يلعب فيه الحوثيون الشيعة لصالح دولة لا تتردد لحظة في إشعال فتيل المذهبية في جنوب الجزيرة العربية ودول الخليج لتحقيق أهدافها الصفوية الفارسية. ووصف خبراء حديث (ظريف عصره وبلاده) ما سماه "الوهابية المسلحة" بأنه هراء، ولا يعني أن ابن لادن زعيم تنظيم القاعدة كان سعوديًا، أن تتحمل الدعوة السلفية والمملكة وزره، أو تعاقب أو تسأل عن أحداث 11 سبتمبر، التي تتخذها إيران ذريعة لتشويه المملكة وصورة المسلمين السنة في العالم وتتهمهم بالتشدد والتطرف. وتساءل مراقبون.. ماذا يريد وزير خارجية إيران بعد أن برأت المحاكم الأمريكية والمؤسسات القضائية والسياسية والبرلمانية في أمريكا السعودية من تهمة 11 سبتمبر؟ وماذا يريد بعد أن هدد الرئيس أوباما بنفسه باستخدام حق الفيتو إذا ما شرع مجلس الشيوخ في إصدار أي قانون يحاكم المملكة على أحداث ثبت قضائيًا براءتها منها؟ أليس ذلك وحده يكفي لإثبات براءة المملكة وعدم مسئوليتها عما يحدث من إرهاب في أمريكا أو غيرها من الدول. وأضافوا.. الواقع يؤكد أن المملكة لا تقوم بتصديرالإرهاب بل تبذل كل جهدها لمكافحته دوليًا وإقليميًا ومحليًا، مشيرين إلى أنها من أوائل الدول التي اكتوت بناره، وما زالت تدفع ثمن انتشار عصاباته ومنظماته وميليشياته التي ترعاها بعض الدول الغربية والقوى الإقليمية لتحقيق مصالح خاصة لها في المنطقة العربية، مستهدفة تقويض الدور المحوري الذي تقوم به المملكة، والحد من نجاحاتها الإقليمية والدولية. ولفت سياسيون تحدثت إليهم "الوئام".. إلى أن وزير الخارجية الإيرانى لم يعد يملك من الأوراق ما يحاول به تجميل صورة بلاده بعد فضيحة إجازة الحج إلى كربلاء،والصفعة الاخرى بنجاح الحج، وكذلك غضب الداخل الايراني من حومانهم من أداء فريضة الحج هذا العام فأخذ يلقي التهم جزافًا تجاه بلاد كان قدرها أن شرفها الله بخدمة ورعاية حجاج بيت الله الحرام، وهي الميزة التي أكسبت نظامها وحكامها مكانة عالمية مرموقة تثير أحقاد حكام إيران الذين يطالبون بتدويل إدارة الحج، ويسعون بكل السبل لتشويه صورة المملكة وإظهارها بانها غير قادرة وحدها على خدمة ورعاية وتأمين الحجيج، وهو ما يكذبه الواقع، والنجاح العالمي لموسم حج هذا العام الذي لم تشارك فيه ولأول مرة إيران. ويرى مراقبون أن سياسة خلط الأوراق بهذه الطريقة، ستضر كثيرًا بالمصالح الإيرانية في المنطقة، وستزيد نظام الملالي عزلة، ويتفاقم الغضب الداخلي الايراني بسبب النظام الديكتاتوري الذي تسبب في احتقان المجتمع وفقرهن وحرمانهم من أبسط حقوقهم ولا سيما بعد مناصرته وتأييده ودعمه سياسيًا وعسكريًا وماليًا لعمليات الإبادة اليومية التي يقوم بها نظام بشار ضد الشعب السوري الشقيق. مؤكدين أن المواقف الدبلوماسية والسياسية للمملكة ثابتة منذ تأسيسها في عهد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، مطالبين ظريف ونظامه بالكف عن التهور والاندفاع، والحفاظ على ما تبقى للشعب الإيراني من محبة واحترام في نفوس أشقائه وإخوانه المسلمين في العالم والمنطقة العربية. وعن زعم "نبَّاح إيران" بأن المملكة تدعم الأيدلوجيا المتطرفة التي تشجع العنف، وأنها كانت وراء دعم العرب والغرب لصدام حسين لمحاربة إيران، أكد الخبراء أن ذلك ليس صحيحًا، وأن الحركات المسلحة من القاعدة حتى بوكو حرام لم ترتبط بما سماه ظريف بالمدارس الوهابية، وانطلقت من أهداف وظروف عالمية خاصة ترتبط بتغلغل النفوذ الأجنبي وخاصة الأمريكي والروسي والبريطاني في بعض الدول الإسلامية في آسيا وأفريقيا، ولا علاقة لنظام المملكة بتلك التوجهات التي تبنتها تيارات مختلفة نمت عشوائيًا لمواجهة ما يسمى بالتدخلات الأجنبية في شئون بعض الدول الإسلامية والعربية، فيما لايمكن إنكار دعم نظام طهران لتنظيم القاعدة وتقديم التشهيلات له عبر فتح حدودهم وتدريبهم وتسهيل تنقلاتهم إبان الحرب الاحريكية على العراقية وقبلها الحرب على افغانستان وهو الامر الذي بموجبه لم تتعرض القاعدة للمصالح الإيرانية ولم تواجهها في العراق . ووصف خبراء في مكافحة الإرهاب مقال الوزير الإيراني بالمتناقض، مشيرين إلى أنه في الوقت الذي يتهم فيه السعودية برعاية الإرهاب، وتشجيع التطرف والعنف المسلح، لم يتطرق من بعيد أو قريب إلى الميليشيات الشيعية و(السرايا والفصائل المسلحة) التي أسستها إيران في العراق ولبنان وفي بعض الدول الأخرى؛ لاستخدامها سلاحًا لمحاربة السنة، وارتكاب أبشع جرائم الإرهاب والاغتيالات السياسية، مطالبين وزير الخارجية الإيرانى بإعادة النظر في معتقداته ومفاهيمه المغلوطة، ونصح نظامه بألا يتدخل في شئون دول الجيران، ويكف عن أحلامه التوسعية، وأن يستفيد ظريف من الدبلوماسية الحكيمة والمواقف المتزنة للقيادة السعودية في توجيه دفة السياسة الخارجية لبلاده نحو المسارالصحيح، للحفاظ على استقرار المنطقة والعالم.