عقدت لجنة قضائية في محكمة الاستئناف في الرياض أولى جلساتها أمس لإعادة محاكمة ستة مبرئين في جريمة رشوة في ملف محاكمات سيولجدة، ومن بين المتهمين الجدد ثلاثة رؤساء أندية شهيرة، ومسؤول بارز في أمانة جدة، ورجل أعمال. وسلمت الدائرة القضائية الاستئنافية المشكلة من المحكمة العليا للمتهمين لائحة الاتهام التي لم تخرج عن التهم السابقة. وعلمت «عكاظ» نقلا عن مصادر أن محاميي المتهمين قدموا مذكرة أوضحوا فيها أنهم سبق لهم الحصول على صك براءة مكتسب القطعية. وأن ثلاثة قضاة في محكمة الدرجة الأولى حكموا ببراءة موكليهم ثم أيد الحكم خمسة قضاة استئناف، وأن «الادعاء العام» لم يقدم أي أدلة أو قرائن تستوجب إعادة فتح المحاكمة، متمسكين بما سبق أن صدر من أحكام مكتسبة القطعية وطلبت الدائرة من المتهمين الرد كتابيا. وكان ستة متهمين حصلوا على أحكام البراءة قبل عامين في قضية رشوة على خلفية فاجعة سيولجدة في 25 نوفمبر 2009، قد تم نقض جميع أحكام البراءة، وجاء نقض الأحكام بعد أن رفعت هيئة الرقابة والتحقيق مذكرات للجهات العليا تطلب إعادة محاكمة متورطين في جرائم تم الكشف عنها خلال التحقيقات في فاجعة السيول وتمسكت الهيئة بإدانة المتهمين، وتشكلت لجنة قضائية من قضاة استئناف في المحكمة العليا لدرس وتدقيق أحكام البراءة التي صدرت وخلصت إلى نقضها. وكان المتهمون الستة هم الأبرز في كارثة سيولجدة قد أوقفوا ثلاثة أشهر على خلفية اتهامهم من لجنة تقصي حقائق شكلت بأمر الجهات العليا، في عدة تهم أبرزها الرشوة، التوسط في الرشوة، التزوير، الاشتغال بالتجارة، وتبين لاحقا أن التهم المنسوبة إليهم ليست لها علاقة مباشرة بالفاجعة، إلا أنها تستوجب التحقيق. وجرت إحالتهم إلى المحكمة الإدارية، وصدرت أحكام بتبرئتهم مما نسب إليهم في جريمة الرشوة والتزوير، وتمت المصادقة على الأحكام. ويواجه المتهمون تهمة تداول مبالغ رشوة ب60 مليون ريال، دفعها رجل أعمال ورئيس ناد رياضي معروف إلى مسؤول سابق في أمانة جدة، بالتنسيق مع آخرين للحصول على مخططات جوية في موقع لتطبيق منحة أرض عليها. ومن بين الملفات التي ستجرى إعادة التحقيق فيها صدور منح أراض لمسؤول بارز في أمانة جدة لأفراد أسرته بواقع 20 منحة، إضافة إلى محاولات لتطبيق صك تعويض لشخصية بارزة في منطقة صدرت عليها أوامر بحمايتها من أي تعد، ومنع أي منح عليها، كما يتضمن التحقيق تتبع مصورات جوية للحصول على مواقع لتطبيق منح أراض على مساحات كبيرة، بطريقة مخالفة للتعليمات والأوامر. وعلمت «عكاظ» أن رئيس ناد ومليونيرا سعوديا وعضو شرف معروفا يواجه في وقت لاحق تهما أخرى في قضية الاستيلاء على أراض في شمال جدة في قرية الغولا على مساحة أربعة ملايين متر في ملف مستقل وتقديم مبالغ لتسهيل إجراءات في جهات مع آخرين. وكانت «عكاظ» انفردت بنشر تفاصيل إعادة المحاكمين. حيثيات البراءة المنقوضة: الاتهامات أحاط بها الشك والتخمين والتناقض حصلت «عكاظ» على تفاصيل مداولات الحكم القاضي الذي اكتسب القطعية ثم نقض أخيرا، وأوضحت المداولات أن الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين لا مجرد الظن والتخمين والدليل، إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال. ومما تقرر عند الإدانة في القضايا الجزائية أنه إذا كان هناك احتمال واحد من بين الاحتمالات التي استخلصتها المحكمة من الأوراق يفيد البراءة كان على المحكمة أن تقضي به وإلا كان ذلك مخالفا لقاعدة أن الشك يفسر لصالح المتهمين. وخلصت المداولات إلى أن المحكمة ترى أن أدلة الإدانة المنسوبة إلى المتهمين في ما يتعلق بجريمة الرشوة قد أحاطها الشك، وران عليها الوهن وأصابها الضعف والتهافت والتناقض والتعارض بما تنهض معه كأدلة تطمئن إليها المحكمة. كما ترى المحكمة أن الاتهام قائم على مجرد الظن مما يترتب عليه الأمر، والحال هذه استمرار حالة البراءة التي يكفي لتأكيد وجودها حينئذ مجرد الشك في ثبوت الإدانة، ومما تقرر عند الإدانة بالجريمة أن تثبت بصورة يقينية لا تحتمل الشك فإن كان الثبوت ظنيا انتفت الجريمة مما يتعين الحكم بعدم إدانة المتهمين بما نسب إليهم. وأضاف منطوق الحكم: إن المحكمة وبعد التأمل في ظروف القضية وملابساتها لا تطمئن إلى صحة الاتهامات وفق التحقيقات أمام هيئة الرقابة والتحقيق وأمام المحكمة، ولخلو الأوراق من أدلة أو مستندات أو أوراق أو حتى شواهد كدليل قاطع يقيني جازم، وخلت الأوراق من أي دليل يعضده أو يقويه فضلا عن أن أحد المتهمين أثبت أنه وسيط عقاري وخلصت المحاكمة إلى أن التهم لم تثبت وأن الأدلة والقرائن لم تستقم وجريمة الرشوة من الجرائم العمدية التي يجب لثبوتها وتحيط بالأدلة ظلال كثيفة من الشكوك والريب بما لا تطمئن معه المحكمة، وانتهت إلى عدم قيام جريمة الرشوة المسندة للمتهمين، وبالتالي انعدام تهمة التوسط لآخرين، والاكتفاء بإدانة مسؤول سابق في أمانة جدة ورئيس ناد جماهيري سابق بغرامة عشرة آلاف ريال لثبوت اشتغاله بالتجارة وهو موظف حكومي إضافة إلى تغريم متهم آخر عمل عضوا في ناد بغرامة عشرة آلاف ريال لثبوت اشتغاله بالتجارة وهو موظف حكومي من خلال تأسيس شركة بأسماء زوجتيه.