في لبنان مشهد انتخابي ديموقراطي، ولكنه سوريالي أيضاً، لن تراه إلا بلبنان. انتخب على أثره ميشال عون رئيساً للجمهورية. نموذج ديموقراطي خاص، تحكمه الطوائف، وتعبر بأزماته التسويات، والمحاصصة داخلة في كل عرق في جسد الدولة. انتخابات جاوزت الساعتين ونصف، بين الكوميديا وتشبيهات نبيه بري للنواب بمسرحية «مدرسة المشاغبين»، وصولاً إلى «الورقتين الغامضتين»، اللتين عطلتا الانتخاب من جولتين، إلى ورقةٍ رشحت عبرها العارضة المثيرة للجدل ميريام كلينك، لرئاسة الجمهورية. هذا هو لبنان بكل تفاصيله، وعراقيله، وفتوحاته. هناك رغبة ملحّة لدى الجيل الشاب في لبنان بتغيير الهيكلية السياسية المرتبطة بمراحل ما بعد الاستقلال، عقليات الزعيم والإقطاع. قبل سبعة وثلاثين عاماً، ألّف وضاح شرارة كتاباً مهماً بعنوان: (في أصول لبنان الطائفي-خط اليمين الجماهيري)، وفيه دعا إلى تمدين الدولة من الطائفية الحاكمة، ونقل فيه عن جوزيف مغيزل: «نشأت فئة من الأثرياء والإقطاعيين، احتلت مركز القيادة ومقاعد الحكم في السلطتين التنفيذية والتشريعية، هذه الفئة فهمت الاستقلال ضرباً من السيطرة العابثة، ورأت أن الإطار القديم يلائم مصالحها فوطّدته». ص:18. الديموقراطية بلبنان ليست نموذجاً بالمعنى الشامل للكلمة، بل هي تجربة وتفصيل لنظام سياسي على مقاسات الطوائف، وهي ديموقراطية معقولة إذا تذكرنا أزمان الحروب الأهلية. الرئيس الجديد في خطاب القسم، تعهد باستقلالية السياسة الخارجية اللبنانية وسيادة الدولة. كلام جيد، لنرقب ونر.