في ندوة "الفنون الأدائية بملتقى المثقفين السعوديين" ذات الخبر - طالب مسرحيون وسينمائيون وزارة الثقافة والإعلام باتخاذ خطوات حقيقية لمنح المشروعية الثقافية الكاملة للفنون الأدائية وتهيئة كل الظروف لتوظيف ماتختزله هذه الفنون من قيم فكرية وإنسانية وثيقة الارتباط بالمجتمع والحياة، كما وجهوا انتقادهم لغياب التأهيل الأكاديمي المتخصص وضعف الإمكانات المادية الموجهة لدعم الجمعيات ذات الصلة منادين في الوقت نفسه بسرعة تفعيل فكرة المراكز الثقافية، جاء ذلك ضمن ندوة "الفنون الأدائية" ضمن ملتقى المثقفين السعوديين التي أدارها المخرج عبدالعزيز عسيري وشهدت نقاشاً صريحا حول متطلبات المسرح والسينما في المملكة في ضوء واقعهما الراهن. الكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي تطرق إلى تحولات أسهمت في تغيير نوعي في شكل الفعل الثقافي خلال العقود الثلاثة الأخيرة، معتبرا أن المسرح السعودي يعيش حاليا طقسا من التحديات ويقوم على جهود ذاتية محضة، وطالب الحارثي بحسم ماوصفها بالمرحلة الرمادية التي يعيشها المسرح السعودي وذلك من خلال الاعتراف رسميا به ومنحه شرعية الوجود والممارسة ضمن مرافق مهيأة، إضافة إلى بناء القاعات المسرحية وإيجاد البنية التحتية المطلوبة، كما نادى لمزيد من الاهتمام بالمهرجانات الثقافية وتعزيز العمل المؤسساتي والدعم المادي والدور الإعلامي الداعم بجانب تدريب الكوادر وتوثيق المشاركات المسرحية لتكون مصدرا يتم الاستفادة منه محلياً وإقليمياً. من جانبه، قدم الدكتور سامي الجمعان قراءة نوعية مختزلة لواقع المسرح منطلقاً من أن مجرد إتاحة المجال لموضوع كهذا يندرج في سياق الاعتراف به كخطاب ثقافي لا يقل أهمية عن الخطاابات الأخرى، قبل أن يوجه انتقاده إلى المثقف السعودي قائلا أنه لم يحتفي بالمسرح، وقال الجمعان أن من الخطأ حصر تقييم الحركة المسرحية بين رأيين يراه أحدهما حاضرا وفاعلا، ولا يراه الآخر موجودا من الأصل، معلقا "كلاهما خطا ومتطرف..المسرح موجود لكنه مشوب بالضبابية ومرتبط بالقصور". الجمعان قال أن غياب المعاهد والمسارح يعد نتيجة وليس سببا للواقع الحالي، واتفق مع ماطرحه فهد الحارثي من أن الاعتراف الرسمي المرتبط بخطة عمل استراتيجية للمسرح هو الوسيلة الأهم لحل هذه المشكلة. الكاتبة المسرحية أمل الحسين تحدثت في ورقتها عن جوانب من تاريخ المسرح النسائي السعودي مشيرة إلى أنه عانى من ركود كامل رغم بعض الأعمال الناجحة نسبيا والتي عرضت تزامنا مع مناسبات وطنية أو مهرجانات ثقافية كبيرة، وارجعت الحسين غياب الفعل المسرحي النسائي إلى قلة الاهتمام وضعف التجربة للمرأة مقارنة بالرجل في مجال التجربة والممارسة المسرحية، وانتقدت في الوقت نفسه النصوص المسرحية التي يقدمها كتاب مسرحيون على المسرح النسائي معتبرة أنها تكتب بتهاون وتكرس قيم الانهزامية والسلبية. على الجانب السينمائي، كان للمخرجة هيفاء المنصور ورقة تحدثت فيها عن امتلاك المملكة لقدرات بشرية وفنية عالية تتفوق على غيرها من الدول الخليجية في مجال الإنتاج السينمائي، وأن هذه الحقيقة لم تتاثر بغياب الدعم واقتصار المجهودات على عمل فردي وتمويل ذاتي بالكامل ، واضافت"يجب أن نعرف كيف ندعم البنية التحتية على المستوى البشري والإبداعي وكيف نسوّق أفلامنا وهذا يتطلب الانفتاح على فرص الإنتاج المشترك والخبرات العالمية ، وأن لا يقتصر تبنينا للسينما على تصور محلي كما حدث من قبل" في حين قدم المخرج عبدالله المحيسن صاحب "ظلال الصمت" وهو أول فيلم سعودي رؤية عامة تناول فيها أهمية السينما وضرورتها في المرحلة الحالية أكثر من أي وقت لاسيما وهي تمثل إحدى أهم وسائل التعبير وتقديم مختلف الرسائل، مشيرا في الوقت نفسه إلى أهمية دعم أدوات الجيل الجديد ليواكب المستجدات العالمية في هذه المجال، وقال أن التقنية سهلت عملية الإنتاج الفيلمي مع انتشار الأجهزة الذكية لدى الجميع، وقدم المحيسن عددا من المقترحات لتطوير ودعم الفنون في المملكة وتشمل تشجيع قيام مؤسسات متخصصة وإقامة ورش عمل ودعم دور الجامعات والمؤسسات الثقافية المختلفة في تبني أعمال مسرحية وسينمائية وتلفزيونية.