تعيش المرأة بقلب كامل تحاول من خلاله أن تتمسك بجميع الأشياء من حولها، لكنها مقابل ذلك لا تتخلى أبداً عن عقلها، خاصةً حينما تكون بقلب كبير وعقل ناضج، تعيش وهي مازالت تتهم ب "الغيرة الشديدة"، وأنّها الكائن الانفعالي الذي يتورط بسلوكيات مصدرها الغيرة! فتبقى مطوقة بقيود تلك التهمة التي تجعل منها كائنا غيورا، غيورا جداً، حتى حينما تتصرف من منطلق ما تؤمن به، تظل موصوفة بتلك الصفة الثائرة الغاضبة. والتصقت "الغيرة" منذ القدم بالمرأة، إلاّ أنّها تظهر أكثر في تصرفات الرجل، فالمرأة تشعر بالغيرة، لكنها لا تحاول -أبداً- أن تظهر على سلوكياتها، بل تحاول أن تخفيها، في الوقت الذي لا يستطيع الرجل أن يتجاوز غيرته في سلوكياته، إلاّ أنها إذا وُجدت لدى الجنس الناعم فإنّها تكون شديدة جداً، وقد تدمر حياتها، وربما تفسد عليها الكثير من العلاقات. تعيش ب «نصف قلب» لحظة ما تفقد الثقة في أغلى الناس ويرى البعض أن المرأة لا تكتمل إلاّ حينما تتصف بالغيرة؛ فجمال شخصيتها وعاطفتها حينما تغار، لكنها الغيرة الجميلة غير المؤذية، التي تشعر الرجل بأنه الأهم في حياتها، حيث يعاني بعض الأزواج من علاقاتهم مع شريكات حياتهم، لدرجة أن هناك من يصفهن ب "النقصان"! ومهما كانت الأسباب لا بد من الابتعاد عن الغيرة غير المحببة، التي تحول الإنسان إلى شخص حقود يحيك المؤامرات ليتخلص من الطرف المميز أو الناجح، أو تلك الغيرة التي تنقص من شأن صاحبها وتجعل منه يهين نفسه وكرامته. أمر طبيعي ورأت "سلمى الحزيمي" أنّ المرأة تغار كثيراً حينما تشعر أنّ هناك شيئا من حقها قد سلب منها، أو لم تحصل عليه، مبينةً أنّ طريقة التعبير عن تلك الغيرة تختلف بحسب نوع المرأة وأسلوب تفكيرها، إضافةً إلى قيمها التي تؤمن بها، فهناك من السيدات من تتحول الغيرة لديها إلى صراع أسود ملون بالحقد، الذي قد يدمر كل شيء فيها ويتسبب بالإيذاء للآخرين، مشيرة إلى أن الغيرة هنا تتحول إلى الشكل المرضي الخطير؛ مبينةً أنّ هناك نساء دفعتهن الغيرة ليتحولن إلى الجانب الإيجابي في حياتهن، فركلن جميع المخاوف وانطلقن في الحياة بشكل جديد وأقوى من قبل. وأشارت إلى أنّ النساء يتصفن بالغيرة، وذلك أمرٌ طبيعي، لأنّ المرأة كائن قلبي وليس عقليا، فحتى حينما تعتمد على العقل في تدبير أمورها الحياتية بشكل جيد؛ فإنّها تسند ظهرها في غالب الأوقات إلى عاطفتها فتغار من الأشياء التي تتقاطع مع ما يهمها، مؤكدةً على أنّ الغيرة السوداء بداخل المرأة قد تحولها إلى مخلوق غير مقبول وحقود وضار لمن حوله، وهناك من السيدات من تكره أي خير أو فرح يعيشه غيرها، ولا تستطيع أن تحصل عليه، فهن مصابات بأقسى أنواع الغيرة المدمرة. غيرة رجل ورفضت "أسماء عبدالحميد" حصر صفة الغيرة على المرأة فقط؛ فالرجل حينما يغار فإنّه يقسو بشكل لا تستطيع المرأة أن تكون مثله، فالرجل قد لا يظهر كثيراً غيرته، ولكنه يعبر عنها بطريقة جافة وقاسية، بل ربما اتخذ بعض القرارات الخاطئة في حياته، بسبب لحظة غيرة ليست منصفة، مشيرة إلى أنّ زوجها يغار ليس فقط مما يتعلق فيه، بل يغار حتى من الأشياء التي لا تخصه، فحينما يسمع بأنّ شقيقها تمت ترقيته في عمله فإنّه يتصرف بشكل غير محمود، كأن يرفض التواصل مع شقيقها، أو يحاول أن يُقلل من شأن تلك الترقية، موضحةً أنه حينما تُثني على رجل ناجح أو سلوك جيد صدر من شقيقها فإنّ ردة فعله تكون عدائية، وقد تسبب في العديد من الخلافات. ولفتت "شريفة خالد" إلى أنّ النساء يتصفن بالغيرة الشديدة، بل إنّ المرأة على جميع الأصعدة لا تعاني إلاّ من غيرة بنات جنسها، فهناك من النساء من تغار من نجاح زميلتها حتى تكيد لها المؤامرات، وهناك من النساء من تغار من زوجة شقيقها فتحاول أن تفسد علاقة أخيها بزوجته، وهناك من النساء من تغار على أبيها من شقيقاتها فتحاول دائماً أن تضع شقيقاتها في موقف غير محمود أمامه، وهناك من تغار على زوجها من أصدقائه وأسرته فتحاول أن تبعده عن ذلك المحيط، مؤكدةً أنّ غيرة المرأة سوداء ومدمرة إذا لم تحسن إدارتها بشكل جيد، وإذا وجد نقص القيم والخلق بداخلها فإنّها قد تدفعها تلك الغيرة إلى ارتكاب السلبيات. احتواء مشاعر وذكر "مشاري أحمد" أنّ المرأة لا تكتمل إلاّ حينما تتصف بالغيرة؛ فجمال شخصية وعاطفة المرأة حينما تغار، لكنها الغيرة الجميلة غير المؤذية، التي تشعر الرجل بأنه الأهم في حياتها، مشيراً إلى أنّ هناك الكثير من الأزواج يعانون من فتور زوجاتهم وعدم غيرتهم أو انفعالهم على أي تصرف يصدر من زوجاتهم، حتى يشعر أنّها ناقصة، مبيناً أنّه من الجميل أن تغار المرأة كما هو جميل أن يغار الرجل، مبيناً أنّ الغيرة جزء من شخصية الإنسان بشكل عام، ولكن المرأة لا تكتمل إلاّ حينما تغار وتشعر بتلك الانفعالات، التي تخلق منها كائنا يثور ويغضب، لكنه غضبٌ يتولد عنه اهتمام أكبر وليس حقدا أكبر، لافتاً إلى أنّ المرأة حينما تتصف بالصدق في مشاعرها فإنّها تغار على كل ما يتقاطع مع تلك المشاعر، فترفض أن يمس أحد ما تحبه، لكنها تحتاج أن يتفهم الطرف الآخر كيف يحتوي تلك الغيرة، وطريقة تعامله معها، ليخلق منها مشاعر جميلة تخرج على شكل سلوك إيجابي. عادات متوارثة وقالت "د. منال محمد أمين" -أستاذة التربية بجامعة الملك فيصل-: إنّ الغيرة تهمة التصقت منذ القدم بالمرأة، إلاّ أنّها تظهر أكثر في تصرفات الرجل، فالمرأة تشعر بالغيرة، لكنها لا تحاول -أبداً- أن تظهر على سلوكياتها، بل تحاول أن تخفيها، في الوقت الذي لا يستطيع الرجل أن يتجاوز غيرته في سلوكياته، فحينما يتصرف يبدو عليه أنّه يغار، مشيرةً إلى أنّ التهمة التصقت بالمرأة لأنّها أحياناً تتصف في بعض الأوقات بالعدوانية والانفعالية، لكنها لا تُظهر ذلك في السلوك الخارجي، وجاء ذلك الالتصاق من العادات العربية المتوارثة حول المرأة، موضحةً أنّ المرأة تنسب لها صفة الغيرة لأنّها عاطفية، فيعتقد البعض بأنّ الغيرة ملازمة لصفة العاطفة، ورغم ذلك فالمرأة ليست الكائن العاطفي الذي يتصوره البعض، مشيرةً إلى أن عاطفتها لا تتغلب على جميع الأمور، وإلاّ لما استطاعت أن تقود بيتها حينما تكون ربة منزل، وأن تنجح في تربية أبنائها، وفي عملها الخاص، ذاكرةً أنه إذا وجدت الغيرة لدى المرأة فإنّها تكون شديدة جداً، وقد تدمر حياتها، وربما تفسد عليها الكثير من العلاقات، فالمرأة قد تغار من أمور ليس لها علاقة بها كالزوجة التي تغار على زوجها من صديقه، فتحاول أن تبعد زوجها عن ذلك المقرب، فأي شعور لديها يأتي من الغيرة قد تحاول أن تفسده، موضحةً أنّ الغيرة بين النساء قد تحدث، ولكنها ليست حصراً عليهن كما يعتقد البعض، فالرجال قد تكون بينهم غيرة في مجال العمل، ويحدث ذلك حينما يوجد رجل مميز في عمله ونشاطه أكبر من زملائه، فإنّهم يحاولوا أن يكيدوا له. غيرة محببة وأوضحت "د. منال أمين" أنّ هناك غيرة محببة، فحينما يجد المرء بعض الصفات الجيدة في شخص يحاول أن يتصف بها، أو أن يحاكيها في ذلك النجاح، فتلك غيرة محببة تتحول إلى إنجاز دون الضرر بالطرف الناجح، مشيرةً إلى أنّ الرجل في الغالب لا يعرف أن يتعامل مع غيرة المرأة، بل إنّه قد يزيد منها ويدمر شريك حياته دون أن يشعر؛ بسبب سوء تعاطيه معها، في الوقت الذي تحسن المرأة كثيراً التعاطي مع غيرة الرجل حينما يغار عليها، داعيةً إلى الإبتعاد عن الغيرة غير محببة، التي تحول الإنسان إلى شخص حقود يحيك المؤامرات ليتخلص من الطرف المميز أو الناجح، أو تلك الغيرة التي تنقص من شأن صاحبها وتجعل منه يهين نفسه وكرامته، موضحةً أنّ المرأة تغضب حينما توصف بالغيرة؛ لأنّ المجتمع يعتبرها صفة سلبية، في الوقت الذي تحاول أن لا تلتصق المرأة بها كتهمة، حتى لا تشعر بالإهانة والنقص أمام الآخرين.