شهدت مدينة سيدي بوزيد امس الخميس حركة احتجاجية، عرفت مصادمات بين المتظاهرين وقوات الأمن، التي قال شهود عيان إنها استخدمت بكثافة الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المحتجين. ونجم عن الاشتباكات جرح أحد المتظاهرين الذي تم نقله إلى المستشفى الجهوي بسيدي بوزيد وإصابة عدد غير محدود من المتظاهرين بحالات الاختناق. ورفع المتظاهرون شعارات ضد مؤسسات الدولة القائمة، كالمطالبة بحل كل من الحكومة والمجلس التأسيسي. يذكر أنه تم في مناسبات سابقة النداء بعودة بن علي الرئيس السابق. سيدي بوزيد "تنتفض" وتأتي هذه الاحتجاجات بسبب ما اعتبره سكان الجهة تواصل حالة تهميش للمنطقة، وعدم الاستجابة إلى المطالب الاجتماعية الملحة التي كانت وراء اندلاع الثورة التونسية من سيدي بوزيد، كالحق في العمل والتنمية والكرامة والتوزيع العادل للثروة، بحسب المتظاهرين. وكانت سيدي بوزيد قد عرفت منذ أيام تحركات احتجاجية للفلاحين بسبب تأخر صرف أجورهم، إضافة إلى الاحتجاج على الانقطاع المتكرر والمتواصل للمياه الصالحة للشرب في عدد من مناطق المحافظة. كما طالب المحتجون بإطلاق سراح موقوفي الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها المنطقة وإيقاف الملاحقات القضائية ضدهم. ورفع المتظاهرون شعار "ديقاج" (ارحل) في وجه الوالي والمسؤولين الأمنيين بسبب "سياستهم الأمنية التي تذكر بسياسات العهد البائد"، حسب قولهم. وقامت قوات الأمن بإطلاق الرصاص في الهواء والغاز المسيل للدموع حين حاول المتظاهرون اقتحام مقر الولاية ونجحوا في تحطيم البوابة الخارجية. حركة احتجاجية وليس تمرداً وقد تعددت الحركات الاحتجاجية في محافظة سيدي بوزيد بعد الثورة. وفي حديث مع "العربية.نت"، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة التونسية الدكتور سالم الأبيض "هذه الحركة تفسر بأن الدولة لم تستجب للمطالب الاجتماعية، وكذلك تعطل المشاريع التنموية نظراً لتواصل المشاكل العقارية التي لم تصفَّ وهو ما يجعلها عاجزة عن إقامة مشاريع فيها". وأرجع الأبيض سبب الاحتجاجات أيضاً إلى "ظاهرة التسييس الكبير الموجود في المنطقة، ووجود ثقافة احتجاجية برزت في زمن حكم بن علي وتتواصل إلى اليوم"، مضيفاً أن سيدي بوزيد "تعتبر نفسها مهد الثورة وترى أنها أولى بمشاريع التنمية، وأن تأخر التنمية يعني خيانة الرأسمال الرمزي للثورة". ونبه الأبيض الحكومة إلى ضرورة التعامل مع ما يحدث في سيدي بوزيد على أنه حركة احتجاجية ومطلبية تستند إلى مطالب اجتماعية ملحة، وليست تمرداً أو فعلاً خارجاً عن القانون، مشدداً على عدم الاكتفاء بالحل الأمني الذي فشل فيه نظام بن علي. الثورة المضادة ومن جهة أخرى أكد مكتب حركة النهضة في المحافظة في بيان له أنه "ثبت وجود تحركات لبعض الوجوه والأسماء المعروفة وتحالفها مع من وصفتهم باللصوص والمخربين وتجار الخمر والمخدرات من أجل بث الفوضى في مدينة سيدي بوزيد". واعتبر أن المحتجين يريدون أن "يضغطوا على الحكومة حتى تفرج عمن اعتقلتهم سابقاً بتهمة الحرق والتخريب وبث الفوضى في المدينة". ودعا المكتب كافة أهالي سيدي بوزيد لحماية مدينتهم ومؤسساتها وإداراتها من "التحركات غير الشرعية وألا يكونوا جسراً تعبر عليه الثورة المضادة".