'النهضة باعت البلاد' شعار على أحد جدران سيدي بوزيد (تصوير: علي قربوسي) تونس – علي قربوسي عاد التوتر إلى ولاية سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية باندلاع مواجهات عنيفة بين قوات الأمن ومتظاهرين حاولوا اقتحام مقر الولاية احتجاجاً على تأخر الحكومة في صرف رواتبهم. وطال غضب المتظاهرين مقر حزب “حركة النهضة الإسلامية” الذي يقود الائتلاف الثلاثي الحاكم، حيث اقتحم العشرات منهم مكتبه في الولاية وأتلفوا بعض محتوياته واقتلعوا لافتة كبيرة كُتِبَ عليها اسم الحزب كانت معلقة في واجهة المقر وألقوا بها أرضاً ليدهسها الأطفال، كما رددوا هتافات معادية للوالي وللنهضة واتهموها ب “النفاق” و”الكذب” والمماطلة في تسديد رواتبهم. وبدأ اقتحام المحتجين مقر حركة النهضة في سيدي بوزيد أشبه بمشاهد اقتحام الثوار التونسيين لمقار حزب التجمع الحاكم في عهد زين العابدين بن علي. بدوره، قال الناشط النقابي فاروق عافي إن المواجهات اندلعت عندما تجمع عشرات العمال أمام مقر ولاية سيدي بوزيد للمطالبة بتسديد رواتبهم التي لم يستلموها منذ شهرين فردت قوات الأمن عليهم باستخدام الغاز المسيل للدموع بغرض تفريقهم بالإضافة إلى إطلاق رصاص حي في الهواء، لكنه بيَّن أن قوات الجيش لم تتدخل في هذه المواجهات، فيما اتهم أحد العمال الغاضبين في الولاية المسؤولين بالمماطلة في صرف الرواتب خلال الشهرين الماضيين. في المقابل، ذكر المتحدث باسم حركة النهضة نجيب الغربي أن “جزءا من المتظاهرين هاجموا، وبإيعاز من بعض الأطراف الحزبية – رفض تسميتها- مكتب الحركة في سيدي بوزيد وأتلفوا بعض معداته ولولا تدخل الأمن لأحرقوه”. وكانت وزارة التنمية الجهوية والتخطيط التونسية وعدت بحل مشكلة مرتبات العمال في سيدي بوزيد، وأفادت أن الاعتمادات المخصصة لصرف أجور العمال متوفرة وسيتم دفع أجورهم عن طريق حوالات بريدية إلكترونية خلال أيام. وتأتي هذه الاحتجاجات لتزيد، حسب خبراء، من أزمة الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس خصوصاً في ظل خلافات داخلية كان من آخر نتائجها إعلان وزير المالية، حسين الديماسي، استقالته بسبب خلافٍ مع الحكومة حول “السياسات المالية”، حسب بيانٍ صدر عنه. وقال الوزير المستقيل في البيان إن استقالته جاءت بعد “تصاعد التباين بيني وبين أغلب أعضاء الحكومة بخصوص السياسات المالية، فبينما كنت متشبثا كل التشبث بسلامة المالية العمومية، دفع أغلب أعضاء الحكومة في اتجاه منهج سياسي انتخابي نتج عنه تصاعد فادح ومفاجئ في نفقات الدولة مقارنة بمواردها”. ويعتبر الديماسي ثاني وزير يستقيل من حكومة حمادي الجبالي في أقل من شهرين، بعد وزير الإصلاح الإداري محمد عبو الذي استقال احتجاجا على عدم منحه صلاحيات كافية لتطهير الإدارة التونسية من الفساد، ما يعكس أزمة حقيقية تمر بها الحكومة الائتلافية. واعتبر الديماسي أن “مشروع القانون الذي قُدِّمَ مؤخرا لمجلس الوزراء والمتعلق بالعودة للعمل والتعويض للأشخاص المنتفعين بالعفو التشريعي العام وأولي الحق منهم، شكل الانزلاق الأخطر الذي أفاض الكأس”، حسب تعبيره، محذراً من أن مشروع القانون هذا “سيفرز نفقات إضافية خانقة للمالية العمومية بالعلاقة مع العدد الضخم من المنتفعين والحجم المهول للتعويضات المنتظرة”. ولفت الديماسي، الذي تولى وزارة التكوين المهني والتشغيل في أول حكومة تم تشكيلها بعد الإطاحة بنظام بن علي، إلى أن “سن هذا القانون يتجاهل تماما الظروف الاقتصادية والمالية العصيبة التي من المتوقع أن تشهدها البلاد خلال السنوات القليلة القادمة”. عبارات احتجاجية تحذر من الالتفاف على الثورة جانب من اشتباكات سيدي بوزيد الأخيرة مواجهات بين الأمن والمتظاهرين (تصوير: علي قربوسي)