لم تنجح قوات الأمن السورية حتى وقت متأخر أمس في اقتحام أي من أحياء مدينتي القصير والرستن بريف حمص الذي يسيطر عليه الجيش السوري الحر، على الرغم من المحاولات الليلية المستمرة منذ يومين والمدعومة بقصف جوي عنيف. وكانت القوات النظامية استأنفت عملياتها العسكرية أمس في شمال وشرق وجنوب البلاد، مستهدفة إدلب ودرعا ودير الزور وحمص، موقعة، بحسب لجان التنسيق المحلية، ما يزيد على 50 قتيلا. وفي حين تحدث ناشطون عن تفاوت في التزام السوريين بالإضراب الذي دعت إليه قوى المعارضة في العاصمتين دمشق وحلب نتيجة تضييق قوات الأمن، أفادوا بالتزام شبه تام في أحياء كفرسوسة وقبر عاتكة والموازيني وخالد بن الوليد في دمشق وفي عدد كبير من أحياء حلب. وقال أحد الناشطين ل«الشرق الأوسط» إن «قوات الأمن أجبرت أصحاب المحال التجارية في حي القدم الدمشقي على فتح محالهم مهددة باستخدام العنف». ميدانيا، وفي حمص، أفيد بالعثور على جثمان مواطن في المدينة بعد أربعة أيام من اعتقاله من جانب القوات النظامية. وقال ناشطون إن ثلاثة مقاتلين معارضين قتلوا في اشتباكات مع مسلحين تابعين للنظام في بلدة الحصن بريف حمص. وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات النظامية حاولت ليل السبت - الأحد اقتحام مدينتي الرستن والقصير الخارجتين عن سيطرتها، تحت غطاء من القصف العنيف الذي ترافق مع اشتباكات ضارية بينها وبين المجموعات المقاتلة المعارضة. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «اشتباكات عنيفة وقعت قرابة الساعة الثالثة من فجر الأحد في محيط القصير بين القوات النظامية والمجموعات الثائرة، ترافقت مع قصف عنيف على القصير والقرى المجاورة ومحاولة اقتحام». وكان المرصد أشار بعيد التاسعة من مساء السبت في بيان إلى تعرض مدينة الرستن في ريف حمص ل«قصف من القوات النظامية السورية التي حاولت اقتحام المدينة واشتبكت مع مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة أجبروها على التراجع». وذكر التلفزيون الرسمي السوري، من جهته، في شريط إخباري أن «الجهات المختصة أوقعت إصابات وخسائر في صفوف مجموعات إرهابية مسلحة هاجمت المواطنين وقوات حفظ النظام في القصير وريف حمص». وقال ناشطون في حمص إن قرية السلومية في ريف القصير تعرضت أمس لقصف مدفعي عنيف، وإن «الأوضاع في هذه القرية الصغيرة مأساوية جدا، حيث دمرت معظم بيوتها ونزح معظم سكانها في ظل نقص حاد بالأدوية والغذاء»، كما تجدد القصف العشوائي على مدينة القصير من القرى المجاورة والموالية للنظام، كما تقوم الدبابات التابعة للجيش السوري التي تحاصر المدينة بالمشاركة في دك المدينة في محاولة لاقتحامها من المحور الجنوبي. وفي تلبيسة، تسبب السقوط الكثيف لقذائف الهاون على المدينة في حرائق كبيرة في الأراضي الزراعية، كما دمر عدد من المنازل هناك وسقط عدد من القتلى والجرحى. وفي مدينة تدمر في البادية السورية، شنت قوات الأمن حملات مداهمات وتفتيش للمنازل في الحي الشرقي، واعتقل العديد من المدنيين. واستمر القصف على بلدة الحصن عند المدخل الجنوبي (طريق العوجا) من قبل الجيش السوري، كما قامت الدبابات المتمركزة في القرى المجاورة الموالية للنظام بقصف المدينة أيضا، مما أسفر عن مقتل 3 على الأقل. يأتي ذلك، بينما تواصل القصف على عدة أحياء في مدينة حمص لليوم الثالث والثلاثين، حيث لا تزال الحملة العسكرية على المدينة مستمرة وقذائف الهاون تتساقط يوميا مع قذائف المدفعية والطيران. وأمس تعرضت للقصف أحياء: جوبر، والسلطانية، وبابا عمرو، والقصور، والقرابيص، وجورة الشياح، وحمص القديمة، وقتل أربعة أشخاص على الأقل.. في وقت تزداد فيه الظروف المعيشية سوءا بسبب النقص الحاد في مواد الطاقة (الغاز والبنزين والمازوت)، بالإضافة لانعدام المستشفيات ونقص في المواد الطبية. وفي جورة الشياح سقط بناء بالكامل، كما حصل دمار كبير بالحي نتيجة القصف. وفي جوبر، انشق خمسة جنود أحدهم برتبة رقيب مع أسلحتهم، عن الجيش السوري النظامي وانضموا للجيش السوري الحر. وأفادت لجان التنسيق المحلية في بيان صباح الأحد عن «تجدد القصف بالدبابات والمدفعية على مدينة القصير بشكل عشوائي». وقال المرصد السوري إن أحياء الخالدية وجورة الشياح والسلطانية والأحياء القديمة في مدينة حمص تتعرض لقصف عنيف. وقالت مصادر في الجيش السوري الحر ل«الشرق الأوسط» إن النظام يحشد قواته على مداخل الرستن والقصير محاولا اقتحامهما في ظل قصف جوي عنيف، مشددا في الوقت عينه على استحالة الاقتحام؛ لأن الجيش السوري الحر يفرض سيطرة تامة على هذه المناطق. وإذ تحدثت المصادر عينها عن استعادة السيطرة على خان شيخون في إدلب بعد معارك طاحنة مع قوات الأمن والشبيحة، أفيد عن مقتل طفل جراء «القصف المروحي» على بلدة الهبيط، و«مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة إثر إعدامهما ميدانيا» بيد القوات النظامية في مدينة خان شيخون، بحسب ما نقل المرصد عن ناشطين في المدينة. ومن اللاذقية، تحدث عمار الحسن، عضو اتحاد تنسيقيات الثورة السورية، ل«الشرق الأوسط» عن «كمين نصبه الجيش الحر لقوات الأمن التي كانت متوجهة إلى جبل التركمان، فقتل 10 منهم واستولى على آلياتهم»، وأضاف: «كما تشهد مناطق ريف اللاذقية معارك وقصفا عنيفا بالمدفعية وراجمات الصواريخ، فيسمع دوي الانفجارات عند مدخل المدينة». وفي محافظة درعا، أفاد ناشطون عن مقتل أحد المنشقين بعد منتصف ليل السبت - الأحد في «عملية للكتائب المقاتلة في بلدة معربة في الريف»، وثلاثة مواطنين في بلدة الحراك التي شهدت اشتباكات وقصفا، وطفل «متأثرا بجروح أصيب بها جراء القصف على قرية عتمان». وقتل جندي منشق في اشتباكات بريف درعا. وفي محافظة حماه، قتل عند منتصف ليل السبت - الأحد مقاتل معارض في اشتباكات بقرية التويني وستة مواطنين في إطلاق نار، كما قتلت امرأة صباح الأحد في بلدة الذيابية بمحافظة ريف دمشق إثر «إطلاق رصاص عشوائي». كما أعلن ناشطون في مضايا بريف دمشق أن البلدة التي تطوقها قوات النظام منذ فبراير (شباط) الماضي قصفت منذ الفجر بالمدفعية، مما أدى - في حصيلة أولية - إلى مقتل طفل (أربع سنوات)، كما استهدف القناصة المزارعين لمنعهم من التوجه لحقولهم. وأورد اتحاد تنسيقيات الثورة أن قوات الجيش السوري مدعومة بالشبيحة اقتحمت مدينة كفر بطنا في ريف دمشق، فيما تجري حملة مداهمات واعتقالات وتمشيط للبيوت والمزارع في حي الكرم. وأفادت شبكة «شام» الإخبارية بأن بلدة الجرذي ومدينة الشحيل في دير الزور تعرضتا لقصف عشوائي، كما تجدد القصف على مخيم اللاجئين في درعا، مما تسبب في دمار عدد كبير من المنازل واشتعال النيران. من جهة أخرى، أعلن ضباط سوريون من قوى الأمن الداخلي انشقاقهم وتشكيل «قيادة قوى الأمن الداخلي للثورة السورية»، حسب التسمية التي أطلقوها. في المقابل، قالت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» إن الجهات المختصة أحبطت في محافظة إدلب محاولة تسلل لمجموعة إرهابية مسلحة من الأراضي التركية إلى الأراضي السورية في موقع الفوز بجسر الشغور. ونقلت عن مصدر بالمحافظة أن الجهات المختصة اشتبكت مع أفراد المجموعة، وتمكنت من قتل وإصابة عدد منهم، فيما لاذ الباقي بالفرار إلى الأراضي التركية.