أعلن أمس في الظهران وبشكل رسمي نقل مجمع البتروكيماويات الضخم الذي تنوي شركة أرامكو السعودية إنشاءه بالشراكة مع شركة داو كيميكال الأمريكية إلى مدينة الجبيل الصناعية بدلا من رأس تنورة. وقال الشريكان في بيان: "كما هو معلوم، فإن مدينة الجبيل الصناعية، التي تقع في المنطقة الشرقية، على مسافة نحو 100 كيلو متر إلى الشمال الغربي من الدمام، تضم أكبر مجمع صناعي من نوعه في العالم". وأكدتا أنهما قد استقرتا على مدينة الجبيل الصناعية كموقع لهذا المشروع، ويأتي هذا القرار بعد أن قام الطرفان بتقييم عوامل كثيرة شملت الفوائد المتوقعة للبنية التحتية، وفرص التكامل المختلفة المحتملة. ويأتي إعلان "أرامكو السعودية" و"داو كيميكال" على نقل المجمع الضخم إلى الجبيل الصناعية تأكيدا لما نشرته "الاقتصادية" قبل 128 يوما في 28 مارس (آذار) الماضي، حينما كشف مصدر رفيع المستوى في شركة أرامكو السعودية أن هنالك اتفاقا شبه نهائي على نقل مجمع البتروكيماويات في رأس تنورة إلى مدينة الجبيل الصناعية. وقال المصدر حينها "الجبيل خيار أنسب.. يوجد فيها بنية تحتية نفطية متكاملة". وأضاف "أنجزنا 90 في المائة من دراسة نقل المجمع إلى الجبيل، ولا يفصلنا عن ذلك سوى مسألة وقت". وأكد البيان الذي أصدره الشريكان أمس "أن المشروع المشترك المقترح للبتروكيماويات يواصل تحقيق التقدم، حيث يتوقع إنجاز أعمال الهندسة الأولية والتصميم في منتصف عام 2011". وقال عبد العزيز الجديمي نائب رئيس "أرامكو السعودية" المسؤول عن المشروع: "إننا نواصل تنفيذ هذا المشروع، حيث يعد التزام الشريكين تجاهه دلالة على ما ينطوي عليه من أهمية استراتيجية، وعلى ما يتضمنه الاستثمار في المملكة من فوائد". من ناحيته، قال جيم ماكيلفيني النائب الأعلى للرئيس في داو كيميكال "لقد استفاد المشروع، ولا يزال، من التفاني المتبادل والعمل الجاد من قبل أعلى الكفاءات في كل من داو وأرامكو السعودية، وسيواصل فريق المشروع تقييم جميع المتغيرات المتعلقة بقرارات الاستثمار التي يمكن أن تؤثر على قرار الاستثمار النهائي وعلى الأطراف المعنية". وفرضت تحديات تتعلق بالبنية التحتية نفسها بقوة على المشروع، وحتمت نقله إلى موقع آخر، ما حدا بالشريكين إلى اختيار مدينة الجبيل الصناعية، التي تعد الخيار الأنجع، نظرا لما تملكه من بنية تحتية نفطية ضخمة، حيث سيتم توفير اللقيم للمجمع من مصفاتي الشركة في الجبيل الصناعية "ساسرف" و"ساتورب". وعقدت قيادات الشركة خلال الفترة الماضية اجتماعات مهمة لحسم مصير المجمع الصناعي، حيث تمخضت الاجتماعات عن إجماع على اختيار الجبيل الصناعية مقرا للمجمع، قبل أن يتم طلب تخصيص الأرض من قبل الهيئة الملكية للجبيل وينبع، حيث عقد الأمير سعود بن ثنيان رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع اجتماعا في مكتبه في الرياض الشهر الماضي مع أندرو لايفريز رئيس شركة داو كيمكال، والمهندس خالد بن عبد العزيز الفالح رئيس شركة أرامكو السعودية لبحث تعظيم الفائدة الاحتياجات الخاصة للمشروع. وتملك مدينة الجبيل الصناعية مقومات اقتصادية مذهلة تتمثل في قربها من منابع النفط السعودية الضخمة، إضافة إلى وجود البنى التحتية النفطية في المدينة. وقرر الشريكان السعودي والأمريكي نقل المجمع الصناعي الضخم المزمع إنشاؤه في محافظة رأس تنورة، التي تملك واحدة من أكبر مصافي النفط في العالم، لعدم ملاءمة الأرض التي سيقام عليها المشروع، إذ بعدما تم الانتهاء من الدراسات الهندسية للمشروع في رأس تنورة تم اكتشاف عدم ملاءمة الأرض التي سيقام عليها المشروع لارتفاع معدل المياه فيها كونها ''سبخة''، حيث يتطلب استصلاح الأرض عمليات دفان بارتفاع ثلاثة أمتار، وهو ما يحول دون استصلاحها لعدم توافر الرمل الكافي في محافظة رأس تنورة، كما أن خيار جلب رمال من البحر مكلف جدا، وهو ما دعا إلى إعادة تقييم المشروع وحتم على الشركاء نقله إلى موقع آخر. وكان المجمع البتروكيماوي الضخم قد شهد كثيرا من التكهنات حول مصيره، بعد أن اكتنفه غموض كبير حول مستقبله، حيث اتفق الشريكان في المشروع على التأجيل بسبب الأزمة المالية العالمية، المتمثلة في الحصول على قروض تمويلية. وقالت شركة أرامكو في وقت سابق إن تشغيل مصنع البتروكيماويات سيبدأ في عام 2015 بتأخير عامين عن الجدول الأولي، وأجلت الشركة أيضا خطط توسعة الطاقة الإنتاجية بواقع 400 ألف برميل يوميا في مصفاة تكرير النفط بمرفأ رأس تنورة، التي من شأنها توفير خام التغذية لمصنع البتروكيماويات. ويعد المجمع الذي تتجاوز قيمته 15 مليار دولار، أكبر استثمار أجنبي منفرد لشركة داو كيميكال في قطاع الطاقة في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم. وكان كل من ''أرامكو السعودية'' و''داو كيميكال كومباني''، قد اتفقتا في 12 أيار (مايو) 2006 على تأسيس شركة مشروع مشترك تقوم ببناء وامتلاك وتشغيل مجمع عالمي لإنتاج الكيماويات والبلاستيك في المملكة، وهو مشروع رأس تنورة التكاملي. ويقع المجمع وفقا للاتفاقية بالقرب من منطقة رأس تنورة، وسيتم دمج المشروع المشترك للبتروكيماويات في رأس تنورة من الناحية التشغيلية مع مجمع معمل التكرير في رأس تنورة ومعمل معالجة الغاز في الجعيمة التابع للمجمع، وهما من أكبر المرافق من نوعهما في العالم، وسيقوم هذان المرفقان بإمداد المشروع المشترك باللقيم، فيما ستظل ''أرامكو السعودية'' المالكة والمشغلة لهما، قبل أن يصطدم بالتحديات التي فرضت نقله إلى الجبيل الصناعية. وسينتج مجمع البتروكيماويات مجموعة كبيرة ومتنوعة من المواد الكيماوية والبلاستيكية، كما سيقوم بمجموعة من الأعمال ذات القيمة العالية وإنتاج المنتجات المتخصصة التي يتم تصنيعها لأول مرة في السعودية، وعند تشغيل هذا المجمع بكامل طاقته، سيكون من أكبر مرافق إنتاج البلاستيك والكيماويات في العالم، وأكثرها ملاءمة من حيث الموقع لخدمة الأسواق العالمية الرئيسة. يشار إلى أن مجمع البتروكيماويات سينتج مجموعة كبيرة من المنتجات الأساسية والمتخصصة، تشمل مشتقات الإيثيلين والكلورين والبروبلين والمواد الأروماتية، ويتكون المشروع مبدئيا من وحدات عالمية الطراز لإنتاج البولي إيثيلين وأكسيد وقليقول الإيثيلين وأكسيد وقليقول البروبيلين، وكلور ألكالي، ومركبات الفينيل كلورايد ومركبات البولي يوريثان وراتنجات الإيبوكسي والكربونات المتعددة، وأمينات وقليقول الإيثير.