ستستمر أقليات مجتمعية , تشهد وتسمع منغصات بين حين وآخر , من محاولات إساءة وتشويه عدائي , من بعض أفراد منتسبي مذاهب ما , غالبا ما تكون مهيمنة ومتنفذة , على مذاهب أخرى ما , لكل منهما منتسبيه ضمن الوطن الواحد , وعادة ما يكون المسيء للآخر ممن جبلوا على إثارة الفتن في المجتمعات , من حديثي العهد بممارسات أخلاقية وإرهابية , لسبب أو لآخر , تحولوا من الشيء لنقيضه , لتبتلى مجتمعاتهم بأنصاف متدينين , فاقدين للاتزان الشخصي والفكري , كنتيجة طبيعية للتحول المفاجئ من كيف كانوا بالأمس القريب , وكيف وأين وجدوا أنفسهم اليوم , ما جعل حالهم أشبه بالوجبات السريعة المسمومة لكن ما يهمنا هنا , هو كيف يكون التعامل مع هذه النوعيات ياترى ؟ هل بردود الأفعال الغاضبة المنفعلة فاقدة الصواب , والذهاب جماعات و فرادى للتشكي عند المسئول عند كل نعيق ناعق ؟ أم بالركون للصمت وكأن الأمر لا يعني من وجه إليه التجني أو الإساءة ؟ طبعا لا هذا ولا ذاك في نظري, فكلاهما خطأ , والسبب أن أسلوب ألتشكي بدائي بلا جدوى وغير حضاري , كونه لم يعد مناسبا لهذا العصر الذي نعيشه \ القرن ال 21م \ حيث تطور الأدوات والأساليب , ولم يعد يلجأ له إلا القلة القليلة من المجتمعات القانعة \سلبا\ باجترار الماضي , المتشبثة بمفهوم المثل الشعبي القائل \ خلها على مبنى الشايب \ في غير موضعه ومكانته فكان , مصيرها البقاء في عزلة عما يدور من حولها, ولذا أرى التوقف عن اللجوء لخيار كهذا أما الخيار الثاني المتمثل في رد الفعل بالتزام الصمت فهو أيضا خطأ كبير , ويشجع الموتورين على التمادي في بث سمومهم , لما قد يفهم منه أنه دليل عجز وفي الحقيقة المرة, أن اللجوء لأي من هذين الخيارين , لا يمكن فهمه إلا أنه عجز عن امتلاك الأدوات الحضارية المؤثرة لتصويب أي إدعاءات أو إساءات , شئنا أم أبينا وهنا يأتي التساؤل , ما لعمل إذا ؟ طالما لا هذا ولا ذاك ؟ والجواب بسيط وواضح وهو أكثر تأثيرا وإيجابية وحضاريه قد لا تفهمها أو تستوعبها المجتمعات والجماعات, غير العابهة بحركة التطوير والتغيير , التي تجدها قابعة خارج الحراك في ذات المكان مهما طال بها الزمن , ومن البديهي أن من لا يفهم و لا يستوعب شأن ما , من المؤكد أنه لن يؤمن به بل قد لا يتورع ويذهب لأبعد من ذلك ويهاجمه , انطلاقا من مقولة \ الناس أعداء ما جهلوا \ فتجدهم يعيشون في عصر الرقي والتقدم الفكري والثقافي , وعلى الرغم من أنهم فيه , إلا إنهم لا يعيشونه , باستثناء اهتمامهم بقشوره من مظاهر شكلية , مع بقاء الخواء الفكري على حالته البائسة , وبالتالي وكنتيجة لهكذا تفريط وتجاهل لمواكبة التجديد والتطوير , نجد أن هذه المجتمعات تعاني من \ التصحر وانعدام الكفاءات والقدرات العلمية والفكرية , ممن لديهم الغزارة والعمق المعرفي في علوم الدين والدنيا معا , وتوظيفها بالطرق الحضارية ولو عدنا للإجابة على التساؤل , ما لعمل إذا طالما لا هذا ولا ذاك ! نعم لا هذا ولا ذاك , إنما بالحوار الحضاري المتمكن ومقارعة الفكر بالفكر والحجة بالحجة , وهذا لا يتأتى إلا بالعمل بهمة وجهد ومثابرة لامتلاك ألكفاءة الممكن تحقيقها فقط من خلال جوانب ثلاث مجتمعة كالتالي : أولا : التمكن مما لديك واستيعابه بتعمق كامل وشامل ثانيا : الإطلاع والبحث فيما لدى الآخر ثالثا : مواكبة العصر والإيمان بمبدأ التطوير والتغيير ومتابعة ما يجري في العالم , والاستفادة من كل جديد مفيد , طبعا دون المساس بالدين وقيم الأصالة من هنا يتضح أن المجتمعات التي فرطت بتجاهلها النظر للمستقبل والاستفادة من أدوات العصر , وآثرت الانصراف للماضي , ستجد نفسها عاجزة عن امتلاك أمضى أسلحة العصر , المتمثل في \الرأي والرأي الآخر \ و مقارعة الحجة بالحجة والفكر بالفكر ورغم كل ذلك تبقى المحصلة ألنهائية أن لا خيار إلا بالحوار ومواجهة الأفكار بالأفكار والحجة بالحجة , ولا مجال أمام أي مجتمع فرط في مواكبته لمتغيرات العصر , إلا أن يعيد حساباته ويعوض ما فاته للحاق بالركب, انطلاقا من الجوانب الثلاث أعلاه , إن أراد المشاركة بالطرق الحضارية الفاعلة أما خيار الانفعال والغضب والتشكي فهو اسلوب بدائي وغير مجد طبعا هناك استثناءات فيما لو حصل تجريح أو إساءات تمس كرامة أشخاص أو جماعات في سياق التجني الطائفي عندها يكون الأمر مختلف , يستوجب اللجوء للقضاء بلا تهاون أو تنازل وختاما أشير إلى أن محتوى هذا المقال , من تجن طائفي وما يقابله من تفريط في امتلاك أدوات الرد الحضاري , ليس موجها لمجتمع أو منطقة بعينها , كونه ممكن الحدوث في أي مجتمع ومنطقة , سواء كان بقصد أو بدون قصد , وبغض النظر إن كان ذلك المجتمع من أنقى المجتمعات وأكثرها أصالة وتمسكا بالقيم أم لا , ولو أن صورة انطباقه وتكرار حدوثه , قد تبدو أكثر وضوحا في مجتمعات ومناطق محددة , منها في أخرى كااتب صحيفة نجران نيوز الالكترونية