كغيرهم من الشعوب العربية غير الراضية عن واقعها، أنشأ فلسطينيون مواقع على فيسبوك تدعو إلى الاحتجاج. العرب أجمعوا على شعار"الشعب يريد تغيير النظام"، أما الفلسطينيون فمنقسمون بين إنهاء الانقسام والاحتلال والفساد والاستيطان. عبد الكريم سمارة من رام الله وهذا التقرير. حسب المركز الفلسطيني للإحصاء فان ثلث الفلسطينيين في الضفة الغربيةوغزة من سن عشر سنوات فما فوق يستخدمون الانترنت في حلقة نقاش ضمت إعلاميين قدامى وجددا ومدونين وأفرادا من شبكات اجتماعية في رام الله، تباينت الآراء حول دور هذه الشبكات في التغيير، وما إذا كانت مواقع الفيسبوك والتويتر واليوتيوب وغيرها مجرد أدوات أم محرك ثورات؟ لكن إجماعا تحقق بأن ما يحرك الشعوب هو واقعها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، خاصة ونحن نتحدث عن نسبة محدودة من المشتركين في الشبكات المشار إليها. فما هو واقع هذه الشبكات فلسطينيا ؟ حسب المركز الفلسطيني للإحصاء فان ثلث الفلسطينيين في الضفة الغربيةوغزة من سن عشر سنوات فما فوق يستخدمون الانترنت، وهي نسبة يرى البعض أنها مبالغ فيها قليلا. ويؤكد مستشار الإعلام الاجتماعي معاذ مصلح أن "أكثر من 320 ألف فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة مشتركون في الفيسبوك. على كل حال، فإن الإحصائية تعتبر مؤشرا على انتشار استخدام الشبكات الاجتماعية بين الفلسطينيين وبصورة خاصة الفيسبوك. في الأثناء يوجد عشرات المجموعات المتنامية على الفيسبوك، لكن أنشطها هي مجموعة "هبة 15 مارس لإنهاء الانقسام"، حيث ستعتمد هذا التاريخ لتحركها في الضفة وغزة، كما أن هناك عدة مجموعات أخرى تحمل اسم "الشعب يريد إنهاء الانقسام" وتضم آلافا يتبادلون الآراء ووجهات النظر وينسقون فيما بينهم. وهناك مجموعة أخرى ترفع شعار "الشعب يريد إنهاء الاحتلال" وأخرى "الشعب يريد إنهاء الفساد". واللافت للأنظار في هذه المجموعات أنها غير مقتصرة على فلسطينيي الضفة والقطاع، فهي مفتوحة وتضم مشتركين يعيشون في الدول العربية والعالم. الامتحان في منتصف آذار مارس فرحة عارمة اجتاحت غزة بسقوط نظام مبارك في مصر خلال الأسابيع الماضية، توالت دعوات من جانب المجموعات المختلفة لتنفيذ فعاليات ميدانية كالتظاهر والاعتصام في الساحات والشوارع، إلا أن الأعداد التي توافدت كانت أقل بكثير من التوقعات. يقول الناشط حمزة الحطاب "إن دعوة وجهت عبر الفيسبوك للتظاهر في مدينة الخليل لفتح شارع تغلقه سلطات الاحتلال، لم يشارك فيها سوى عشرات"، لكن وبعد أسبوعين من ذلك نظمت تظاهرة ضمت آلافا في نفس الموقع. وفي رام الله، دعت مجموعات للتضامن مع الثورة الليبية في 24 شباط فبراير، ولم يشارك فيها أكثر من مائة شخص، العديد منهم من عناصر الفصائل الفلسطينية المعروفة. في اليوم التالي، نجحت تظاهرة في نابلس حين شارك فيها 2000 مواطن، وطالبت بإنهاء الانقسام، لكن العديد من قادة فتح وكوادرها كانوا حاضرين ما دفع البعض إلى الاعتقاد بأن حركة فتح هي التي نظمتها. أما دعوات إنهاء الاحتلال فلم تنجح في بلورة تحرك على الأرض بعد، وإن كان الشعار مغريا ويحظى بإجماع فلسطيني، لكنه يخضع لمحاكمات عقلية ونقاشات على صفحات الفيسبوك. فمن قائل بان الأجدى هو إنهاء الاحتلال، إلى آخرين يقولون بأن ذلك يمر فقط عبر إنهاء الانقسام. وهذه نماذج من التفاعل في الفيسبوك حول إنهاء الانقسام وإنهاء الاحتلال : "دعوة إلى جميع الفلسطينيين: لنتوحد جميعا كي نتمكن من إزالة الاحتلال وبناء دولتنا المستقلة" وفي الردود على هذه الدعوة كتب البعض: "مش في أشياء أجدر أن ننهيها قبل الاحتلال، لأنه الاحتلال صار الشيء الوحيد اللي بجمعنا" "إنهاء الاحتلال لا يأتي مرة واحدة مع احتلال تعزز في الأرض، بل نحن بحاجة إلى شروخ في جسم الاحتلال نصنعها بوحدتنا وقوتنا وصمودنا ومقاومتنا" "بالفعل أخي الكريم الشعب يريد إنهاء الاحتلال وأكبر شرخ نصنعه في هذا الجسم الفاسد هو وضع حجر الأساس للوحدة والمصالحة" وحول إنهاء الانقسام كتب المشاركون: شعار الفلسطينيين يختلف عن شعار بقية الشعوب العربية إلى حد ما "إن لم نغير أنفسنا لن ينتهي الانقسام وسيتحول إلى صدع عميق يصعب علينا وعلى الأجيال القادمة تخطيه" "إنهاء الانقسام هدف نبيل نريد جميعا الوصول إليه، ولكن التغيير لابد أن يكون، ولابد أن يبدأ منا نحن... نتمنى إنهاء الانقسام وعودة الروح إلى قطاعنا والضفة الحبيبة إنشاء الله" لكن إحدى المداخلات حملت مطالبة بالإصلاح : "باسم الشعب العربي الفلسطيني نتوجه بداء الشهداء بأن نبدأ معا وسوية إصلاحا جذريا وشاملا للطيف السياسي الفلسطيني". وحسب نشطاء في مجموعة 15 مارس، فان الفلسطينيين سيشاركون وبكثافة في تحرك ميداني في الضفة الغربية وقطاع غزة بالتظاهر في الشوارع والساحات ضد الانقسام حتى إجبار الطبقة السياسية على المصالحة وإنهاء الانقسام. وقد بدأت هذه المجموعة نشاطها بالدعوة لا على صفحات الفيسبوك فحسب بل وفي وسائل الإعلام المحلية أيضا، أملا في جذب المواطن العادي وليس فقط مستخدمي الفيسبوك وأعضاء المجموعة وحدهم. عبد الكريم سمارة- رام الله مراجعة: عبد الرحمن عثمان حقوق النشر: دويتشه فيله 2011