القاهرة , 23 نوفمبر (آي بي إس) - تواصلت موجة الإحتجاجات والمواجهات في القاهرة ومحافظات مصرية أخرى يوم الأربعاء 23 رغم تعهد قيادة المجلس العسكري الأعلى بنقل السلطة إلى حكومة مدنية بحلول منتصف العام المقبل، وإجراء الإنتخابات البرلمانية في موعدها، وقبول إستقالة حكومة عصام شرف وتشكيل حكومة إنقاذ خلال أيام. ووقعت مواجهات متقطعة اليوم بين قوات الأمن والمتظاهرين لليوم الخامس الآن منذ إنطلاق "مليونية إنقاذ الوطن" للمطالبة بإنهاء الحكم العسكري. وعززت هذه الأزمة السياسية الجديدة المخاوف بشأن احتمال إلغاء أول إنتخابات برلمانية تشهدها مصر في مرحلة ما بعد مبارك، والتي من المقرر أن تبدأ يوم 28 من هذا الشهر. وتساءل أشرف باروما، رئيس حزب الكنانة (وسط) في لقاء مع وكالة إنتر بريس سيرفس"كيف يمكن إجراء إنتخابات في ظل هذه الظروف؟"، في إشارة إلي المعارك التي دارت في الشوارع بين الشرطة والمتظاهرين خلال الأيام الأربعة الماضية. وكان مئات الآلاف من المتظاهرين قد تجمعوا الجمعة الماضية 18 بميدان التحرير للإحتجاج على سياسات المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يحكم مصر منذ رحيل الرئيس المخلوع حسني مبارك في فبراير. وبالإضافة لمطالبتهم بإجراء إنتخابات الرئاسة في العام المقبل، أعرب المتظاهرون عن رفضهم لوثيقة "المبادئ فوق الدستورية" التي اقترحتها الحكومة والتي تمنح الجيش صلاحيات واسعة للغاية. وفي نهاية يوم الجمعة، حزم المتظاهرون، ومعظمهم من التيار الإسلامي، خيامهم وغادروا الميدان. إلا أن العشرات من الأشخاص، بما في ذلك أسر بعض الذين قتلوا في ثورة يناير، قضوا ليلتهم في الميدان. وبدأت الأزمة في صباح اليوم التالي، عندما عمدت قوات الأمن فجأة إلى تفريق المجموعات القليلة المعتصمة في الميدان بشراسة غير متوقعة. وسرعان ما بدأ المتظاهرون بالتوافد علي الميدان بالمئات ثم بالآلاف، وذلك فور دراية مجتمع الناشطين المصريين بما بحدث، أساسا من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية. وخلال الأيام الثلاثة التالية، شهد وسط القاهرة ما لم يشهده منذ تظاهرات يناير حيث دارت معارك ضارية بين قوات الأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية –وهي التي كثفت إستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والذخيرة الحية – وبين مجموعات المتظاهرين برشق الحجارة. وإنسحبت قوات الأمن يوم الإثنين من الميدان وتركته بيد عشرات الآلاف من المحتجين – كثيرون منهم من الأحزاب السياسية الرئيسية ومجموعات الشباب الثوري- الذين تعهدوا بعدم مغادرة الميدان حتى يتم التوصل إلى تلبية مطالبهم. في هذه الأثناء، إستمرت المناوشات في الشوارع المجاورة، كما حاول المتظاهرون بشكل متكرر الوصول لمبنى وزارة الداخلية القريب قبل أن تقوم قوات الأمن بصدهم. وإعتبارا من ليلة الثلاثاء، تم الإبلاغ عن قتل ما يزيد على 25 متظاهر (وهو الرقم الذي رفعته مصادر حكومية إلي 30 صباح يوم 23) وإصابة أكثر من 1000 بجروح خطيرة. فقال عبد المنعم مصطفى، المنسق العام لحركة الشباب "بداية" لوكالة إنتر بريس سيرفس، أن "ما يحدث الآن دليل على أن وزارة الداخلية لا تزال مستعدة لإستخدام نفس الأساليب العنيفة ضد المتظاهرين العزل، كما فعلت في ظل نظام مبارك". لكن يبدو أن تزايد عدد القتلى قد رسخ إصرار المحتجين. "سقوط هذا العدد من الشهداء أدى لتوحيد صفوفنا وجعلنا أكثر حزماً في مطالبتنا بالإنتقال السريع للحكم المدني"، وفقا لعبد المنعم، الصامد في الميدان منذ يوم السبت. وأوضح أن المتظاهرين كانوا يطالبون بتشكيل حكومة ثورية ذات صلاحيات كاملة لإدارة المرحلة الإنتقالية الحالية في مصر، وإنشاء مجلس رئاسي من المدنيين، والمحاكمة الفورية لضباط الأمن المسؤولين عن قتل المتظاهرين. وأعلنت حركة الشباب "بداية"، جنباً إلى جنب مع غيرها من جماعات الشباب الثوري البالغ عددها 36، عن مواصلة الاعتصام بميدان التحرير حتى تتم تلبية مطالبهم. وبحلول ليلة الثلاثاء، كان مئات الآلاف - البعض يقدر أنهم تجاوزوا المليون- قد تجمعوا بالميدان فيما يعد أكبر مظاهرة جماعية تشهدها مصر منذ بداية ثورة يناير. وفي حوالي الساعة 8 مساءً، وتحت الضغط المتزايد، قام المشير حسين طنطاوي (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) بإلقاء خطاب متلفز أعلن فيه حفنة صغيرة من التنازلات. وأعلن طنطاوي قبول إستقالة الحكومة ووعد باجراء إنتخابات رئاسية في موعد لا يتجاوز يونيو من العام المقبل. وأكد المشير على إلتزام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإجراء الإنتخابات البرلمانية في موعدها المحدد الأسبوع المقبل. ومع ذلك، أعتبرت شخصيات سياسية كثيرة أن إستقالة الحكومة – التي تم تعيينها من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة في أعقاب الثورة – غير مهماً في حد ذاته. "هذه الاستقالة لا تعني شيئا لأن الحكومة قد تصرفت كسكرتير للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي لا يزال بمثابة الحاكم الفعلي لمصر"، وفقاً لتصريحات مجدي شريف، رئيس حزب حرس الثورة، لوكالة إنتر بريس سيرفس. في نفس الوقت، رفض المتظاهرون في ميدان التحرير بشكل حازم بيان طنطاوي، وتعهدوا بالبقاء حتى يمكن التوصل إلى سلطة مدنية تحل محل المجلس العسكري الحاكم. فقال عبد المنعم "سوف نبقى في الميدان حتى يتم تشكيل حكومة إنقاذ وطني أو مجلس رئاسي له سلطات كاملة في إدارة البلاد، وحتى يعود الجيش الى ثكناته.(آي بي إس / 2011)