لا شيء يسحر الإنسان مثل التأمل بالمعجزات الإبداعية. والثورة التقنية التي عايشناها خلال العقد الماضي كان لمسلسلها بطل أساسي هو "ستيف جوبز" الذي وافته المنية! وأهمية هذا العبقري أنه لم يكن يؤدي عملا تقنيا، بل كان يبدع ويبتكر. الأدوات التي وضعها بين أيدينا ليست سهلة، بدءا من "الآيبود" الخاص بالصوت بحجمه الصغير الذي كان سحرا في وقته، إلى أن أنجز ألواحه الساحرة: "آي فون، آي باد". لقد أحدث خضة في عالم الشركات التقنية، حتى إن الأنظمة التي تقلد الأنظمة التي ابتكرها تتالت، خذ على سبيل المثال "الأندرويد" والذي على جماله تعتبره شركة أبل نسخةً من إبداعاتها وليس ابتكارا جديدا. العظمة في شخصية جوبز أن هذه الأجهزة التي ابتكرها ليست للضرورة، وإنما باتت ملتصقةً بأيدينا، وأحد الكتاب يعتبر جوبز أثر على حياة البشر، لأنه أنهى عزلتهم. من السهل أن تجلس مع "الآيباد" لساعات وحدك في "كوفي شوب"، أو وحيدا على سريرك، لم يعد الأمر كما كان في السابق. إنه مؤثر ومبدع، ويعتبر جوبز الإبداع "إنسانيا". والذين لعنوه بالأمس يستخدمون أجهزة من ابتكاره! وهذه قمة الاستهتار بالإنسانية والمشتركات في القيم. وقد نشبت معركةً بين المترحّمين عليه، وبين اللاعنين له! مع أنه إنسان خدم البشرية، مثل بقية المخترعين الذين ابتكروا الطائرة والسيارة والهاتف والكهرباء، الذين لا يصح في حقهم إلا أن نكون إنسانيين معهم، وأن نتمنى لهم الأمنيات السعيدة في الدنيا والآخرة، والنبي: صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث الصحيح حين مرّت جنازة نهض، فقيل له: إنها جنازة يهودي، وكأن القائلين يستنكرون القيام لجنازة يهودي، فجاء الحديث النبوي إنسانيا عندما قال عليه السلام: أليست نفسا؟! من بين مقولات جوبز الرائعة: "وقتك محدود فلا تضيعه وأنت تحاول أن تعيش حياة شخص آخر. أهم شيء أن تكون عندك الشجاعة لأن تتبع قلبك وحدسك. حاليا أنت الجديد ولكن يوما ما؛ ليس بعيدا من الآن ستصبح تدريجيا أنت القديم وستتم إزاحتك. آسف على الدراما ولكن هذه هي الحقيقة، تذكر الموت هو أفضل طريقة لتجنب الوقوع في فخ التفكير في أن لديك ما تخسره، لا يوجد أي سبب يمنعك من أن تتبع قلبك. تذكيري لنفسي دائما بأنني سأموت قريبا هو أفضل وسيلة استخدمتها في حياتي لمساعدتي على اتخاذ القرارات الكبيرة في الحياة". قال أبو عبدالله غفر الله له: من الضروري أن لا ندخل الغيبيات في كل شيء، بحيث نقوم بفحص الأموات إلى أين سيذهبون، إلى الجنة أم إلى الجحيم، بل الأولى أن نمتثل إيجابياتهم، وأن نتخذهم قدوات في علومهم ومعارفهم، إن أينشتاين ونيوتن وأديسون وجوبز وسواهم منائر على تاريخ البشرية، وهم لم يبتكروا اختراعاتهم حتى نتناقش حول عقائدهم وإنما لنستزيد من العلوم التي طرحوها والإبداعات التي أثمروها. المصدر : صحيفة الوطن