أمستردام - عدنان أبو زيد لم يكن التمساح هاري حين اختار رئيسة الحكومة الأسترالية الحالية جوليا غيلارد للفوز في الانتخابات الفدرالية في استراليا عام 2010، سوى رقم في أجندة أحزاب استرالية، تجند في الغالب الحيوانات والنباتات على اختلاف أنواعها في فعالياتها الانتخابية، حتى أصبحت الحملات الإعلامية الانتخابية بحسب وصف استرالي وكأنها تجري في غابة تتسابق فيها الفيلة والتماسيح والدببة ناهيك عن الكنغر رمز الأمة الاسترالية التي تسعى كل الأجندات السياسية إلى توظيفه بغية استقطاب الجمهور عبر أجندة انتخابية يسودها حوار الحيوانات والنباتات، لا حوار الأسلحة وتبادل الاتهامات والاتفاقات من وراء الكواليس. ويمكن قياس مدى الوعي الانتخابي الذي يسود الأمة الاسترالية حين نتأمل زعيم المعارضة الاسترالي طوني أبوت وهو يقدم نفسه للجمهور عام 2009 على انه خادم الطبيعة الاسترالية ببشرها وحيواناتها ونباتاتها على حد سواء. ويحاول خبراء السياسة والبيئة الغربيون العمل معا لإيجاد نوع من التوازن والتناغم يولد أحزابا هجينة من السياسة والبيئة، يتولدان بصورة تلقائية تلبية للوعي المتزايد للشعوب بضرورة الحفاظ على البيئة والاستجابة لنداءات الطبيعة، فلم تعد تلك الأحزاب ذات ديناميكية مرتبطة بفكر سياسي يؤسسه منظرو السياسة والسلطة فحسب، بل أضحت في عقائدها مزيجا من أفكار في السياسة والعلوم والبيئة على حد سواء. سياسة الثعلب ومراوغاته وبمقدار ما تخطو النظم الديمقراطية الليبرالية نحو الامام في تأكيد نفسها، فأنها تنزع الى الشفافية في الطرح السياسي والفكري حتى في المسائل الحساسة، في ما يتعلق بالأمن والأسرار العسكرية والسياسية، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ان رئيس الوزراء الياباني رفض بشدة سياسة "الثعلب " التي تتبعها المعارضة في دلالة على الرفض للمكائد السياسة والمراوغة في الحصول على المكاسب السياسية. الموازنة ورقصات الفيل وعلى ذات المنوال فان عضو البرلمان الهولندي في انتقاده لموازنة 2011، وصف الانجاز الحكومي في هذا المجال بانه "رقصات فيل" في حلبة مصارعة في دلالة على عدم التوازن وانعدام التدقيق بصورة تامة في الجدولة المالية التي غالبا ما تحرص على مصالح " الرأسماليون الكبار ، الفيلة " ، مما ساهم في الحاجة الى رقصات رشيقة بدلا من دبكات الفيل الثقيلة، والدعوة الى شفافية تضّيق الفرص أمام من يسيء استخدام السلطة عبر خطوات غير مدروسة. نعي رئاسي للكلبة سبوت ولم تبتعد السياسة الأميركية المتسمة بوجهها الخارجي المطبوع بالعنف في الأزمات الدولية، عن الشفافية في الداخل، ذلك ان البيت الأبيض الأميركي كان جديا في بيانه الذي أذاعه الناطق باسمه والمتضمن نعيا رئاسيا للكلبة الرئاسية سبوت موجها الى الأمة الأميركية. وكانت سبوت كلبة الرئيس الاميركي السابق بوش قد قضت نحبها بطريقة تراجيدية العام 2004 بعد ان اضطر الرئيس وزوجته لورا الى الموافقة على إنهاء حياتها لإراحتها من آلام الاحتضار.وسبوت هذه تعد أول كلبة رئاسية ، فهي ابنة كلبة رئاسية أيضا، فأمها هي الكلبة الأولى السابقة «ميلي» التي كان يقتنيها الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب وزوجته باربرا. الكلبة سبوت وصدام حسين ويقول الصحافي الاميركي مايكل وايز ان بوش حينما وجه الدعوة للرئيس العراقي الأسبق صدام حسين للتنحي وترك السلطة قبل غزو العراق العام 2003، كان قد داعب سبوت لبعض الوقت في حديقة البيت الأبيض، ثم ما لبث حين أكمل خطابه الذائع الصيت يداعبها بعدما انهى أهم الخطابات الرئاسية الأمريكية في فترة ولايته، ذلك الخطاب الذي غير خارطة الشرق الأوسط. الكلب.. عربون صداقة ووجدت الحكومة البلغارية في إهداء الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين جروا عمره ثلاثة شهور العام 2009 ، رمزا للرغبة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع موسكو.لكن هذا الكلب البلغاري، بدا غير مكترث بالأعراف الدبلوماسية حين التهم في ذات العام طعاما خاصا أعد لرؤساء الحزب الحاكم في روسيا بعد ما تسلل بشكل سري الى غرفة الطعام ملتهما كل شيء. واستغلت صحيفة روسية معارضة لسياسة بوتين الحادث لتنتقد بوتين على احتضانه كلبا بلغاريا بدلا من كلاب روسيا الهادئة الوديعة والمخلصة ايضا في انتقاد واضح لسياسات بوتين الداخلية والخارجية. أحزاب إيطاليا... حيوانات وحشرات وزهور وفي الانتخابات المحلية الايطالية في ايلول العام 2011 رفعت شعارات انتخابية تتضمن في اغلبها حيوانات وحشرات وزهورا، فقد ارتفع شعار " الدب " على اليافطات التي رفعها حزب «انصار البيئة الديمقراطيين»، وفضل حزب الخضر الشمس المبتسمة شعارا له. السياسة في بلاد العرب.. تكره الحيوانات والكلاب ويبدو جليا أن سياسيي العرب بعيدون عن الشفافية التي تتيح لهم رؤية الطرف الآخر من خلالها، وبحسب المفكر حسنين هيكل فان عالم السياسة العربية المغلق يحتاج الى ان يستبدل الحائط الأصم المغلق بزجاج شفاف أو مادة "جيلاتينية" مرنة، يصبح فيها النظر متبادلا بين المواطن والمسؤول. والشفافية مصطلح اشتقه السياسة من قوانين الفيزياء، فالمادة الشفافة في القاموس الفيزيائي هي المادة التي يعبر من خلالها الضوء، وينفذ من خلالها النظر عبر الجوانب المختلفة. الحيوانات.. مقاعد في البرلمان وفي هولندا حصل حزب يدافع عن الحيوانات على مقعدين في البرلمان العام 2005، حيث اتخذ من صورة بقرة كبيرة الثديين شعارا له. وسعت دولة عربية الى نوع من الطرافة والشفافية على الحياة السياسية فيها وهي السودان، ففي العام 2010 أعلن عبود جابر رئيس الجبهة القومية السودانية عن اتخاذ الجبهة الحمار أيضا شعارا لها. وبحسب عبود ، فان الأمر يبدو مستغربا إذا ما قارنا ثقافة مجتمعاتنا التي غالبا ما تصف الحمار بالغباء وبعض الموروثات التي تربط وجود هذا الحمار في أوقات محددة بالجن والشياطين. وفي نظر عبود فان الحزب تجاوز"العقد البشرية" تجاه الحمار، واختار الجانب الايجابي من صفات الحمار التي اشتهر بها، فهو " نصير المستضعفين ورفيق الزاهدين"، وهي جملة كتبت في الجانب الأيسر لصورة في إطار لحمار يقف بنشاط مطلق يعبر عن الرمز الانتخابي للجبهة القومية السودانية. الكلب يكمل شخصية الرئيس وفي أوربا والولايات المتحدة أضحى الكلب مكملا لشخصية الرئيس والوزير او الملك،بل وأصبح اداة مهمة تحرك الجماهير في الانتخابات، وصار وجود الكلب أمرا لابد منه في الصور الدعائية التي يحرص الخبراء على ان تكون مؤثرة في جلب الإتباع. وشعر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالحرج حينما أشيع عنه انه لا يمتلك كلبا، وبسبب الضغوطات الشعبية، اضطر الى اقتناء جرو صغير أهداه له السيناتور تيد كينيدي. المصدر : المدى