أكد الداعية الدكتور طارق السويدان، أن مسألة تطبيق الشريعة الإسلامية، وما ينادي به البعض اليوم من حيث إن «الإسلام هو الحل»، لا يجبر عليه الناس إجبارا، إنما يكون بالإقناع، في الوقت الذي طالب فيه بضرورة تحديد ماهية الحضارة الإسلامية التي نريدها، حيث إن هناك من يبحث عن نموذج الحضارة العباسية، وآخرون لا يرضون بديلا عن استنساخ عهد الخلافة الراشدية، مقابل مجموعة أخرى تبحث عن تطبيق النموذج التركي، رافضا في الوقت ذاته مفهوم عودة الخلافة العابرة للقارات. وطالب السويدان بعدم النظر إلى الدولة الإسلامية حاليا على أساس أنها دولة دينية، وإنما دولة مدنية ديمقراطية تعددية، المرجعية فيها للشريعة، ولكن ليس بالإجبار. وقال الدكتور السويدان إنه لا يرى ما يمنع من تولي المرأة أو غير المسلم حكم المسلمين في حال وجود دستور ونظام يحدد قيم المجتمع. من جهة أخرى، انتقد الداعية الدكتور طارق السويدان ما ينادي به بعض السلفيين من شعارات في الميادين قائلا «الغريب أنهم ما زالوا يعيشون في القرون القديمة، وهذا يعني عدم وعي لا في الدين أو في الدنيا». في المقابل، انتقد الدكتور السويدان جمود الإخوان المسلمين في السيطرة على أتباعهم، إلى جانب عدم امتلاكهم خطة للأمة، مع الاكتفاء بترديد الشعارات «الإسلام هو الحل»، إلا أنه في الوقت ذاته اعتبرهم أقرب الحركات الإسلامية إلى طرح مشروع إسلامي تغييري صحيح. كل هذه الأمور وغيرها، تطرق لها السويدان في حوار موسع مع «الشرق الأوسط»، فإلى نص الحوار: * ظلت الذهنية العربية ترجح كفة الشعوب مقابل الحكام، إلا أنه وبعد أن عمت فوضى التيارات والأحزاب والصراعات الإثنية والمذهبية بسقوط عدد من الأنظمة العربية، هل انهار الرهان على الشعوب العربية؟ - الثورات بفضل الله انتصرت، وكان هناك سببان رئيسيان لها: لقمة العيش والكرامة والحرية، كما ظهر من خلال الاستبيان الذي أعددنا له من خلال قناة «الرسالة» الذي شارك فيه 8000 شخص، أكد 77 في المائة منهم أن غياب الحرية والكرامة كان السبب الرئيسي في خروج الشعوب إلى الشارع يليه لقمة العيش. أما بخصوص سؤالك هل سقط الشعب، الثورة ما زالت حديثة الولادة فعمرها بالأشهر، وفي العادة، فإن عودة الاستقرار بعد الصراعات والثورات تأخذ في المتوسط 13 عاما، لذلك لا يمكن الحكم عليها الآن، وعلينا أن ننتظر على الأقل مضي خمس سنوات لنحكم عليها. * ماذا بشأن الصراعات الإثنية والمذهبية التي عادت وظهرت جليا؟ - الاختلاف بين التيارات سبب من أسباب نجاح الثورات، فلو كانت هناك أجندة محددة لما كان نصف عدد الموجودين في ميدان التحرير قد قدم وشارك، الأجندة كانت عامة، والمطالب شارك فيها الجميع: الإسلامي والليبرالي والعلماني والشيوعي، أما ماذا نفعل بعد سقوط النظام، دعينا أولا أن نحقق الحرية، وأنا أطالب أولا بتطبيق الحرية قبل تطبيق الشريعة، واعتماد منهج الرسول الكريم عندما قال «خلوا بيني وبين الناس»، ولن نجبر الناس على شريعة، وسنحاول أن نقنعهم وإن لم نتمكن من ذلك، يكون فينا نحن الدعاة الإشكال، وهذه هي الفلسفة التي يجب أن ننطلق منها، وأعتقد أن عدم اتفاق الناس على ماذا بعد الثورة هو سبب من أسباب نجاحها. * حسنا ما الهدف الرئيسي الآن؟ - الهدف هو إنشاء نظام دستوري ديمقراطي تعددي حر، الكل يتنافس فيه بالتساوي وبنزاهة، ومن يستطيع أن يقنع الشعب أن ينضم إليه هو من يكسب في النهاية. * وماذا بشأن شعار تطبيق الشريعة الإسلامية؟ - مسألة تطبيق الشريعة لا يجبر عليه الناس إجبارا وإنما تكون بالإقناع، فإذا لم يتبن الشعب تطبيق الشريعة فهذا قصور من الدعاة، وليس في الشريعة، وحينها علينا أن نعمل أيضا خمس أو عشر سنوات إضافية لإقناع الناس ورفع الأصوات الانتخابية، وعندما يرغب أغلبية الشعب في تطبيق الشريعة حينها تطبق عليهم. * وهل اتضح من وجهة نظرك لدى الإسلاميين وعلى اختلاف مشاربهم ماهية الشريعة التي يسعون إلى تطبيقها؟ - بالضبط، هذه مسألة سأطرحها في برنامجي، وهي ما الحضارة التي نريدها، فكل منا يتخيل الحضارة الإسلامية بشكل، هناك من يرغب في الحضارة العباسية، وآخرون يتصورون أن عهد الخلافة الراشدية هو النمط الأوحد، وغيرهم يرون في النموذج التركي قدوة يحتذى بها. * كيف تصف الحضارة التي نحتاج إليها؟ - هل يجوز في الحضارة الإسلامية أن تكون هناك تعددية سياسية؟ وهل هو مقبول أن تكون هناك أحزاب غير إسلامية؟ وهل يجوز للنصارى أن يدعوا لدينهم في دولة إسلامية؟ وهل يجوز أن يكون الحاكم غير مسلم؟ كلها تساؤلات لا بد من الإجابة عنها للوصول إلى ماهية الحضارة التي نحن بحاجة إليها. * أنت ماذا تقول، هل يجوز أن يكون الحاكم لدولة مسلمة، غير مسلم؟ - أعتقد أنه في حال إيجاد نظام يحدد قيم المجتمع وقيم الدولة، ونظام فصل السلطات بين البرلمان والحكومة والقضاء، ويكون هناك تساو في الفرص، وكون الحاكم منفذا للتشريع، وليس هو المشرع، في هذا الوقت لن يكون هناك فارق من الجانب العملي إذا كان مسلما أم لا، أما من الجانب الفقهي فسيبقى الخلاف الفقهي من حيث جواز تولي المرأة أو غير المسلم، وأرى أن هذه القضايا الشكلية تزول إذا وجد نظام. * لكن، ألا ترى أنه من الصعوبة بمكان الاتفاق على نظام محدد في ظل هذه الاختلافات على كافة التفاصيل الصغيرة والكبيرة؟ - صحيح، ولذلك الحل أن نبدأ بالإصلاح الفكري والوعي الثقافي والاجتماعي قبل تطبيق الشريعة، وحتى نصل إلى طبيعة الفهم الدستوري الصحيح. * ما رأيك في ما خرج به عدد من سلفيي مصر وتونس وما طرحوه من شعارات؟ - بعض السلفيين للأسف ممن طرحوا الشعارات في ميدان التحرير وغيرها ظهروا وكأنهم يعيشون في عصر الدولة العثمانية الأولى، الآن الزمن مختلف وهناك شركاء معنا في المواطنة وليسوا شركاء معنا في الدين، وعلى سبيل المثال لم يكن غير المسلم ليشارك في القتال مقابل دفعه للجزية، أما اليوم فبات غير المسلم يشارك في الجيش إلا أنه لا يدفع الجزية، بما في ذلك الحروب الإسلامية التي كان بها قديما الجوانب الشرعية والجهادية، أما المعادلة اليوم فاختلفت، وأصبح هدف الجيوش الرئيسي اليوم حماية الأوطان، والغريب أنهم ما زالوا يعيشون في القرون القديمة، وهذا عدم وعي لا في الدين أو في الدنيا، ولكن عندما نفهم حقيقة الدين والدنيا ستختلف المعادلة، باختصار نريد دولة مدينة ديمقراطية تعددية، المرجعية فيها للشريعة ولكن ليس بالإجبار، وعندما يخرج بعض الإخوة السفليين بمثل هذه الشعارات إنما يتسببون في تخويف المخالفين، الأمر الذي ساهم أيضا في التنفير من الدين. * ما شكل الدولة الإسلامية التي يحلم بها السويدان؟ - هي ليست دولة دينية وإنما مدنية بها انتخابات، والشعب يختار حكامه ونظامه ويراقب هؤلاء الحكام ويستطيع عزلهم، فليست هناك وصاية أو إمامة، ونظام الحكم مرجعه هو القرآن وليس رجال الدين. * في رأيك الشخصي، مظاهر الدولة النبوية هي مظاهر دولة دينية أم دولة سياسية؟ - أرجو من الجميع ألا يقيسوا على مظاهر الدولة النبوية، لأن الرسول الكريم كان ممسكا في كافة المناصب بشخصه، الرسول الكريم كان حاكما ونبيا، فهو حاكم لدولة وقائد لجيش، وكان القاضي في أمور المسلمين والمفتي، وجمع بين كل هذه الصلاحيات باعتبارها نبيا ورسولا، وكانت الدولة الإسلامية في بداية عهدها، أما في زمن عمر بن الخطاب فكان هو الحاكم، وعلي بن أبي طالب هو المفتي، وكان شريح هو القاضي، وفي ذلك فصل للسلطات واضح. * ولكن، ألا يطالب الإخوان المسلمون بإقامة دولة إسلامية كنسخة عن الدولة النبوية؟ - لست الناطق باسمهم، ولكن من فهمي لأطروحاتهم هذا غير صحيح، فبات هناك إجماع لدى الإخوان المسلمين في مصر وخارج مصر بخصوص هذه المسألة، منادين بإقامة دولة مدنية وليست دينية. * وماذا بشأن الشعارات التي يرفعونها (الإسلام هو الحل)؟ - نعم، رفعوا شعار (الإسلام هو الحل)، أي تطبيق الشريعة، لكن هذا لا يعطي الحاكم صبغة دينية، لا يعطي الحاكم صبغة أنه يحكم باسم الله وإنما باسم الشعب. * حسنا، هل يقبل الإخوان المسلمون بحاكم علماني؟ - الإخوان المسلمون سيقبلون بأي حاكم يقبله الناس، السؤال هذا كان من الممكن طرحه قبل 20 سنة، أما اليوم فقد حسمت لدى جماعة «الإخوان». * هل تعتقد أن للإخوان المسلمين القدرة على الفوز في الانتخابات بمصر؟ - أعتقد أنهم سيفوزون بنسبة 30 في المائة. * وكيف ترى مسألة الخوف من حكم الإخوان المسلمين؟ - هناك خوف تاريخي نفخت فيه الحكومات السابقة من أجل تضخيمه من أيام جمال عبد الناصر والسادات وحكم مبارك، أما اليوم عندما اختلط الناس بالإخوان المسلمين ولمسوا المرونة التي لديهم والاستعداد الذي لديهم، تغيرت نظرتهم ورأيهم بشأنه، كما أن «الإخوان» أعلنوا قبولهم بأن يحكمهم نصراني. * هل يقبلون بالمعاهدات الموقعة مع إسرائيل؟ - لا.. هناك فرق، فننتقل هنا من قضايا دين وسياسة إلى قضية خيانة وعدم ولاء، في ذلك خيانة للأمة، ومن الخطأ أن يقرر الإخوان المسلمون هذه المسألة وحدهم وإنما مع الشعب. * هل تؤمن بالخلافة الإسلامية في الوقت الحالي؟ - شخصيا، أنا لا أؤمن بعودة الخلافة العابرة للقارات، وخليفة واحد يحكم كل الناس، وتصوري أقرب إلى الاتحاد الأوروبي. * في عصر الربيع العربي، كيف من الممكن أن ينعكس ذلك في محتوى الخطاب الإسلامي؟ - قد انعكس بالفعل، فالخطاب الإسلامي الحركي كان ممنوعا في السابق ومحجما ويعاني القمع، أما اليوم فبات بإمكان الإخوان المسلمين وغيرهم من التيارات الإسلامية في مصر، أن يقيموا خيمة رمضانية ويدعوا لها كافة الأحزاب والتيارات، وغير المحجبات ويخاطبوا الإعلام العالمي، فما إمكانية حدوث ذلك في الستين سنة الماضية، التحول هذا نقل «الإخوان» والحركات الإسلامية نقلة نوعية، وهؤلاء جميعا ليس بإمكانهم أن يتعذروا بالقمع، منتظرين منهم حاليا أن نعرف تصوراتهم وخطتهم ومشاريعهم للنهوض بالبلد، وكنت قد انتقدت الحركات الإسلامية لترديدهم شعارات ك«الإسلام هو الحل» دون طرح أي خطة عملية، فلا بد من النهضة والبدء من حيث انتهى الآخرون، ولكن للأسف هم لا يملكون خطة طويلة المدى، والآن يجب أن يكون الجزء الرئيسي من الطرح الإسلامي هو ما خطتكم في التعليم والإسكان وعلاج الفقر والأمية والمواقف الخارجية. * ما سبب غياب هذا كله عن الحركات الإسلامية؟ - كان نتيجة للقمع، فعمر الحرية التي أتيحت لهم قصير جدا مجرد أشهر، وأعتقد أن الاستراتيجيات والبرامج العملية هي غائبة أيضا عن مختلف التيارات السياسية والأحزاب الليبرالية والعلمانية أيضا، ليس فقط «الإخوان». * من الجهات التي يستهدفها برنامج التغيير الذي تقدمه؟ - أقدمه في الوقت الحالي للطرح الجماهيري من الأفراد وقيادات المنظمات والشركات والحكومات، أما المرحلة التي تليها فستكون هناك مشاريع يستطيع أن يقوم بها الأفراد كالمفكرين، وبعض منها موجه للمؤسسات غير الحكومية كمنظمة الشفافية، وأخرى للحكومات. * هل أتتك أي دعوة من أي سياسي بعد برنامجك «رياح التغيير»؟ - لا.. لم يتواصل معي أي سياسي، حيث تعمدت في المرحلة الأولى أن أطرح الطرح الجماهيري الذي يولد اهتماما شعبيا، ولله الحمد بدا هذا الاهتمام بصورة كبيرة منذ الأيام الأولى، وبعد تحقيق تيار شعبي عندها نستطيع أن نتكلم مع الساسة. * كنا نشاهد في السابق الدكتور طارق السويدان يتحدث عن تاريخ العهد النبوي، والصحابة والتابعين، أما الآن ذهبت إلى اتجاه صوب إدارة دول؟ - تخطيطي في هذا كان منذ أكثر من 24 سنة، وكنت قد وضعت خطة لنفسي وهي أن أمر بثلاث مراحل، وكل مرحلة مدتها ما يقارب العشر سنوات، وما تشاهدونه حاليا المرحلة الأخيرة، فكانت مرحلتي الأولى تركز على الطرح الإسلامي متمثلا في قصص الأنبياء والسيرة النبوية وهو ليس طرحا قصصيا، وإنما سعي إلى تغيير قيم وأفكار ومعتقدات وبناء قدوات، أما المرحلة الثانية فكانت تتعلق بالتخطيط الإداري والاستراتيجي وعلم القيادة والإبداع، وبعد أن انتهيت منهم بدأت المرحلة المهمة وهي مسألة الفكر الذي ينهض بالأمة، وكي يكون فعالا، لا بد من أن يكون هناك قدرة على فهم الإسلام بعمق، وفهم الإدارة الغربية بعمق، وحاليا أقوم بطرح قضايا الفكر الذي ينهض بالأمة، فكان هناك عدد من المشاريع، ربما «رياح التغيير» أبرزها في هذا المجال، إلا أنه سبقها برنامج صناعة الثقافة والقادة والنجاح و«علمتني الحياة»، كلها كانت مقدمات. * ماذا عقب هذا المشروع؟ - مدة مشروعي الحالي عشرون عاما، وأملي أن تكون الأمة قد نهضت خلالها، ومن بعدها سأتقاعد بإذن الله. * أين تلتقي وتتقاطع مع الإخوان المسلمين؟ - أختلف مع الإخوان المسلمين في عدد من القضايا ومنها قضية المرأة، حيث يرى الإخوان المسلمون أن المرأة لا يجوز لها أن تحكم، أما وجهة نظري فيجوز لها أن تحكم وتكون خليفة، كما واختلف معهم في قضية التخطيط، فالإخوان المسلمون لا يملكون خطة للأمة، وهناك بعض الجمود لدى الإخوان المسلمين في السيطرة على أتباعهم في القضايا الفكرية، فإما أن يكون رأيك مثلنا أو تكون في الخارج، وفهمي لذلك أن الاتفاق يكون على المواقف وليس على الأفكار، لذلك فكثير من أفكاري لا توافقهم، إلا أنه في ذات الوقت نرتبط نحن في الجذور، وعلى الرغم من ذلك يبقى الإخوان المسلمون، على الرغم من عدم خلوهم من الأخطاء، أقرب الحركات الإسلامية إلى طرح مشروع إسلامي تغييري صحيح. * هل تحلم أن تترأس أو تتزعم تيارا إسلاميا؟ - كلا، حلمي دوما نشر الفكر وليس البحث عن الزعامة، حيث إنها تغرق الإنسان على حساب الفكر، والفكر بالتالي يستطيع أن يصبغ السياسيين. * ظهرت في الآونة الأخيرة شخصيات دمجت ما بين أدبيات «الإخوان» والسلفية بعد توأمة مواقف التيارين، ماذا تقول في ذلك؟ - هناك مجموعة مواقف وآراء مشتركة وليس دمجا، إلا أنه لم يتحد السلفيون مع «الإخوان» في أي دولة من دول العالم. * ماذا تقول بخصوص الشيخ سلمان العودة والشيخ عائض القرني، وتقاربهم صوب «الإخوان»؟ - كلاهما أخ عزيز وعالم جليل، وليسا من «الإخوان»، ولديهما آراؤهما الخاصة، عند النضج لا يعود الإنسان يخضع لأي تيار. * يعرف عن السلفية ابتعادها عن السياسة، وهذا ما تبدل لدى السلفيين الذين بدأوا خوض غمار السياسية سيرا على خطى «الإخوان»؟ - نعم صحيح، وهذا تقارب مواقف وليس اندماجا، فكثير منهم بدءوا يشعرون بأنه واجب عليهم أداء دور بحق الأمة، وتبنوا نظرية أن السياسة جزء من الدين وإن كان التبني على درجات، والتقارب بات في الجانب السياسي، إلا أن هناك الكثير من النقاط التي ما زالت محل اختلاف مع الإخوان المسلمين، الذين ليست لديهم مشكلة مع التصوف السني أو عقائد الأشاعرة، أما السلفيون فما زالت تشكل لهم إشكالا كبيرا، فما زالت الفجوة بين التيارين الإخواني والسلفي واضحة جدا. * أليس هناك سلفي إخواني أو إخواني سلفي؟ - هناك سلفي إخواني وليس إخوانيا سلفيا، فمن تغير جزء من مواقفهم هم السلفيون وليس «الإخوان»، والسلفيون في الكويت 6 أنواع، هناك من ازداد تشددا وتطرفا، ومنهم من بقي على السلفية التقليدية، وبعض منهم أصبح سلفيا سياسيا كوليد الطبطبائي النائب في مجلس الأمة ومجموعته تسمى (السلفية العلمية)، ومن خلال هذا الاتجاه أصبح أقرب إلى الإخوان المسلمين، إلا أنهم في الجوانب العقدية ما زال لهم نفس الموقف حسب علمي، وفي النهاية لا بد أن نحترم بعضنا بعضا، دون البحث عن السيطرة، ليحتفظ كل منهم بآرائه. * من هم أعداء الدكتور طارق السويدان؟ - لا شك في أن منهم الصهاينة، وبالأخص أنني أتحدث بشدة عن حقوق الشعب الفلسطيني وتحرير بيت المقدس، إضافة إلى الحكومات الاستبدادية التي ترى في دعوتي للحرية والتعددية تهديدا لمصالحها، كما أن هناك من يعاديني لآرائي السياسية والفكرية التي تتعلق بالمرأة أو الحرية، وبعض القضايا التي أتبناها يرون فيها خروجا عن الدين، وحرصا منهم على حماية الدين والفضيلة كما يقولون. * هل سبق أن اتهمت بالخروج عن حظيرة الإسلام؟ - نعم كثيرا، من التفسيق إلى التكفير. * من الحكومات التي واجهت من قبلها مضايقات؟ - لم أواجه مضايقات، وصاحب الفكر لا يمكن تحجيمه، فرغم منعي من دخول الإمارات والولايات المتحدة منذ أكثر من 10 سنوات، هل يعني أن أفكاري لا تستطيع أن تصل إلى أحبابي في الإمارات بعد الثورة الإعلامية والتكنولوجية والرقمية، وأيضا على الرغم من المنع أقوم سنويا بمحاضرات في أميركا بنقل البث تقنيا للجاليات الإسلامية هناك. * ولكن، لماذا أنتم كإسلاميين خوفتم منكم الحكومات والأنظمة؟ - منذ أكثر من 60 سنة، اتهم الإسلاميون بحادثة اغتيال المنشية في مصر، وأعلن «الإخوان» براءتهم منه، وقال مرشد الإخوان المسلمين حينها إن هؤلاء ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين، فكيف يحاكم أفراد على قضية حدثت منذ ستين عاما، فالمطلوب أن يحاكم الفرد لذاته لا على آرائه «فلا تزر وازرة وزر أخرى». * ما موقفك من حزب الله ودعمه لسوريا؟ - رأيي مسجل ومعلن في ال«يوتيوب»، إلا أنه وللأسف يرغب بعض الناس في تحويل مطالب الشعب السوري المشروعة إلى مطالب طائفية، وذلك من قبل الجهتين وليس فقط من جهة الحكومة، فالحكومة السورية مدعومة دعما طائفيا من قبل حزب الله وإيران نظرا إلى كونها حكومة علوية، في المقابل هناك بعض ممن لم يتحركوا في الثورات ولم يؤيدوها ودعموا فقط الثورة السورية، بسبب اعتبارها سنة مقابل شيعة بالنسبة لهم، ونحن ضد نظام بشار الأسد ليس لكونه علويا، وإنما بسبب استبداده وظلمه وتعطيله مصالح شعبه. * لفترة من الزمن، كانت هناك علاقة ودية ما بين حزب الله وحسن نصر الله من جهة والإخوان المسلمين ممثلين بحماس من جهة أخرى؟ - ليست العلاقة ودية وإنما هناك عدو مشترك، حزب الله ليس له هدف مباشر في تحرير فلسطين وإنما هدفه مقاومة إسرائيل في جنوب لبنان، وفي نفس الوقت لحماس هدف مقاومة إسرائيل وهذا الأمر وحد الطرفين، إلا أن قادة حماس عندما ذهبوا إلى إيران كانوا واضحين في عدم تبعيتهم واستقلالهم دينيا وسياسيا. * ألم تؤثر هذه المصالح المشتركة في زعزعة مواقف حماس؟ - لن يتمكن أي شخص أن يلمس أي تأثير على حركة حماس شرعيا أو سياسيا نتيجة قربهم من إيران. * بعد هذه الأحداث وكلمة حسن نصر الله، كيف تتوقع أن يكون موقف الإخوان المسلمين في سوريا؟ - إذا كنا نتحدث عن حماس، فهي قد حددت موقفا قديما، فهدفها تحرير فلسطين ولن تتدخل في الأحوال الداخلية لأي بلد، كما ابتعدوا من التورط في الدخول في أي صراعات مع الأنظمة، فهمهم واحد وهو «المقاومة»، لذلك هم لم يدخلوا في صراعات أخرى، وهم يرون أنه إذا كانت سوريا قبل أو بعد الثورة ستدعمهم فحياهم الله، ولكنهم لم يؤيدوا الحكومة السورية في بطشها. * لكن، واجه قيادات حماس إشكالات في الفترة الأخيرة في سوريا، خرج بسببها عدد كبير منهم؟ - لم يخرجوا بسبب ضغط من سوريا، وإنما بسبب أن موقفهم بات محرجا، حيث إن الشعب بات يقتل وهم يعيشون بين هذا الشعب، وهم قرروا تخفيض وجودهم، إلا أن القيادات الرئيسية كلها ما زالت في سوريا، من بينهم خالد مشعل وموسى أبو مرزوق. * من يقنعك الآن من العلماء في العالم الإسلامي؟ - الأول ومن دون منافس العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، ويليه الدكتور سلمان العودة، واعتبرهم علماء وفقهاء ومفكرين. * ماذا بشأن الحركات الإسلامية؟ - جميع الحركات الإسلامية لها وعليها. * كيف تعرف التكسب بالدين؟ - التكسب بالدين بمعنى الثراء من خلال الدين، أي أعطنا فتوى نعطك مليونا، لذلك اتخذت قرارا بعدم أخذ أي مبالغ مالية مقابل محاضراتي الدينية، وإنما أتلقى أجري من خلال محاضراتي التدريبية كباقي المدربين وكالات